تونس – أخبار تونس
عاد رئيس الجمهورية قيس سعيد الى الحديث حول استعادة الأموال المنهوبة في الخارج وهو يؤكد هذه المرة أن العملية معقدة وتحتاج الى الكثير من الوقت والجهد لكنما يثير الاهتمام حقا دعوة الرئيس ” إلى الإسراع في تقديم مطالب مصحوبة بكل المؤيدات للتمديد في آجل تجميد الأموال المنهوبة في الخارج علما وأن آخر أجل لتقديم هذه المطالب هو نهاية الشهر الحالي ” فكيف لدولة بمؤسساتها أن تتعامل مع ملفات بهذا الحجم في الوقت الضائع تقريبا .
بعد سنتين من سقوط نظام بن علي دعيت ضمن مجموعة من الزملاء الصحافيين والقضاة والمحامين ومسؤولين بوزارتي العدل وأملاك الدولة للمشاركة في دورة بجينيف حول اليات استرداد الأموال المنهوبة وبعد انتهاء الدورة خرجت بقناعة أن تونس ستحتاج الى أكثر من ثلاثة عقود من العمل المضني والجاد للوصول الى فتات من هذه الأموال . فتونس اختارت العنوان السيئ وهي تسعى لاسترداد الأموال المنهوبة التي لا يعرف حجمها على وجه الدقة فبدلا أن تشتغل على الجانب القانوني الصرف وتقدم للقضاة السويسريين ما يحتاجونه من معلومات وأدلة اتجهت نحو الديبلوماسية وحث المسؤولين السوبسريين على دعم الديموقراطية الناشئة لاسترداد اموال شعبها ولكن يبدو ان هذا الخيار هو خيار خاطئ لم يؤت أكله وهنا نحن نتابع كيف تبخرت هذه الأموال بعد ان استنفدنا كل الوقت 13 سنة بالتمام والكمال . حتى ان العبارات التي اطلقها المحامي السويسري المعروف أنريكو مونفريني مازال صداها يرن في ذاكرتي.
في حوار له مع مجلة شالانج في فيفري 2013 قال مونفريني ان الأموال التي في التراب الفرنسي ستعود إذا تعاون معنا هولاند – يقصد الرئيس الفرنسي في حينة فرنسوا هولاند – أما عن كندا فقال أن الاموال لن تعود الا إذا أصبح للدجاجة “صف أسنان” أما بخصوص الأموال التي في بلدان الخليج فستعود لتونس إذا أصبح للدجاج “طاقم أسنان” في إشارة إلى إستحالة العملية .
وما قاله منفريني يؤكده الخبراء المتخصصون في مجال الفساد المالي اذ يؤكدون ان دولا في افريقيا والشرق الاوسط تسعى لاستعادة أكثر من مليار دولار يعتقد ان حكاما فاسدين أخفوها في سويسرا سوف تحتاج الى حل خيوط شبكة واسعة من الحسابات المصرفية لاثبات انها قضايا جنائية. وقالت سويسرا قبل نحو 13 سنة وتحديدا في ماي 2011 انها جمدت 70 مليون فرنك سويسري (81.45 مليون دولار) تعود الى رئيس ساحل العاج السابق لوران غباغبو ومقربين منه. كما أكدت في وقت سابق تجميد أموال تصل الى 830 مليون فرنك سويسري (965.8 مليون دولار) تعود الى الليبي معمر القذافي والرئيسين المخلوعين المصري حسني مبارك والتونسي زين العابدين بن علي.
وقال الخبراء انه يتعين على الديمقراطيات الناشئة ضمان أن تكون مطالبها متفقة مع قوانين المحاكم السويسرية التي شددت قوانين غسيل الاموال في السنوات القليلة الماضية. وقال انريكو مونفريني وهو محامي في جنيف نجح في استعادة أموال الجنرال النيجيري ساني أباتشا في سويسرا ومازال يحاول استعادة أموال حاكم هايتي جان كلود دوفالييه “بالنسبة للحسابات المصرفية أنت لا تحتاج في البداية الى معرفة كل خيوط اللغز.” وأضاف “الامر يشبه نسيج العنكبوت. أنت ترى المدخلات والمخرجات وشيئا فشيئا ترى الصورة بالكامل”.
واشار الى انه عمل لمدة عشر سنوات لاستعادة 650 مليون دولار الى نيجيريا بعد جهود مضنية لاثبات ان اباتشا سرقها وأخفاها في سويسرا. وعلى مدى 25 عاما جمدت سويسرا أيضا أموالا تخص الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس ورئيس زائير السابق موبوتو سيسي سيكو لاتاحة الفرصة أمام المدعين الاجانب للسعي لرد الاموال رغم عملية التقاضي الطويلة. وقال مصدر قضائي سويسري طلب عدم نشر اسمه “من مصلحتهم العمل سريعا لكن ايضا العمل على حل خيوط اللغز والا فان الامر كله قد ينتهي الى وضع معقد.”
وتابع “نحن مستعدون للمساعدة لكننا لا نستطيع القيام بالتحقيق لصالحهم نيابة عنهم.” ويتعين على المسؤولين القضائيين اظهار ان اجراءات جنائية محلية تتخذ ضد حكامهم المخلوعين وان الجريمة المرتكبة تخضع ايضا للعقاب بموجب القانون السويسري. وفي الاشهر القليلة الماضية أمرت الحكومة السويسرية بتجميد أي اموال تخص القذافي ومبارك وبن علي وجباجبو مما يتطلب من المؤسسات المالية وغيرها الابلاغ عن أي أموال مشبوهة.
لكن سويسرا لا تحدد أسماء البنوك التي توجد بها تلك الاموال القذرة. وطالب بعض السياسيين السويسريين الذين ينتمون لليسار بمزيد من التشديد في قوانين مكافحة غسيل الاموال. وتقول شركة أبحاث مصرفية مقرها سويسرا ان ثلث الاموال التي يحتفظ بها حكام من افريقيا والشرق الاوسط في الخارج والتي تبلغ 1.5 تريليون دولار توجد في سويسرا بعضها تم الحصول عليه بصورة غير مشروعة. لكن الشركة تقول ان الحكومات الجديدة التي تسعى لاستعادة هذه الاموال التي تخص حكاما سابقين وأسرهم لا تستطيع في الغالب اقتفاء أثرها نظرا للامعان في اخفائها في شبكة من صناديق الائتمان والشركات المتصلة ببعضها في سويسرا أو اي مكان اخر.
ويقول خبراء انه نظرا لذلك فان أي تحقيق يجب أن يكون دوليا ويغطي سلطات قانونية أخرى بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا. وقال مونفريني “الحكام الفاسدون لا يضعون نتاج جريمتهم في سويسرا فقط .. انها عملية دولية.”
وفي حوار له مع مجلة شالانج في فيفري 2013 قال مونفريني ان الأموال التي في التراب الفرنسي ستعود إذا تعاون هولاند – يقصد الرئيس الفرنسي في حينة فرنسوا هولاند – معنا أما عن كندا فقال أن الاموال لن تعود الا إذا أصبح للدجاجة “صف أسنان” أما بخصوص الأموال التي في بلدان الخليج فستعود لتونس إذا أصبح للدجاج “طاقم أسنان” في إشارة إلى إستحالة العملية .
وبعد مرور اكثر من ثلاث سنوات على تكليفه بملاحقة اموال بن علي وعائلته المهربة الى سويسرا وغيرها من الدول بقي انريكو مونفريني المحامي السويري يرواغ في كل مرة يطرح عليه السؤال التالي اين وصلت في ابحاثك وكان هذا اخر سؤال وجهه له موقعنا تونيزي تيليغراف وبعد انتظار طويل جاء الرد سلبيا لا استطيع ان اقدم لكم أي شي الان
ورغم الدعوات المتكررة من العديد من المؤسسات الوطنية غير الحكومية بتعويض هذا المحامي الذي تحوم حوله العديد من الشبهات خاصة بعد الكشف عن تورطه في تبييض الأموال وتدويرها في بلدان الجنات الضريبية وتكوين ما يقارب عن 160 شركة وهمية لمسؤولين فاسدين عبر العالم الا ان السلطات التونسية حافظت على هذا الخيار ولم تتخل عنه بعد فوات الاوان .
وعاد السؤال ليطرح مجددا بمناسبة انعقاد المنتدى العربي لاستعادة الأموال الذي احتضنته سويسرا خلال نوفمبر 2014 اذ في كل مرة تؤكد لنا الحكومة السويسرية عن ” إرادة سويسرا السياسية الراسخة في إعادة الأموال غير الشرعية إلى بلدان المصدر إلاّ أن وزيرَي العدل التونسي انذاك حافظ بن صالح والمصري محفوظ صابر عبد القادر، أسفا لفشل الجهود حتى الآن على هذا الصعيد،
وقال رئيس الاتحاد السويسري إن “الإرادة السياسية للحكومة السويسرية راسخة، وسواء كان الأمر يتعلق بمصر وتونس وليبيا وأوكرانيا أو هايتي، تواصل سويسرا العمل الدؤوب بالتعاون الوثيق مع البلدان صاحبة الأموال، للتوصل إلى حلول مرضية للحالات العالقة”
وافتتح الرئيس السويسري “المنتدى العربي حول استعادة الأموال” الذي شارك فيه 250 خبيراً من 40 بلداً بهدف تسريع الإجراءات. وشدّد على أن سويسرا أعادت حتى الآن 1.8 بليون فرنك (1.48 بليون يورو) إلى البلدان صاحبة الأموال، أي نحو ثلث الأرصدة المُعادة في العالم
ورغم هذه التعهدات التي هي عبارة عن ذر رماد على العيون فان السلطات السويسرية نسيت او تناست انها اخبرت السلطات التونسية في مارس من سنة 2013 بأنه لا وجود لأموال بإسم المخلوع زين العابدين بن علي، على أراضيها أو في بنوكها، في حين تقتصر بقية أبحاثها على إمكانية وجود أملاك لأصهاره أو أقاربه فقط .
وأفرجت سويسرا عن نحو 650 مليون فرنك في 2011، من أموال الرئيس السابق حسني مبارك و60 مليوناً من أموال المقرّبين من الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، وفي أفريل الماضي، قررت النيابة العامة الدفع المبكر لمبلغ 35 مليون فرنك إلى تونس، لكن محامي المقربين من بن علي رفعوا طعناً أمام المحكمة الجزائية الفيديرالية
خلال هذا الملتقى اكد الرئيس السويسري على ضرورة “التحلّي بالواقعية، فالمسألة طويلة ومخيّبة للآمال، لكننا عازمون على المضيّ بأقصى سرعة”، موضحاً أن “تقديم الدليل على عدم شرعية هذه الأموال مسألة معقدة”. واعتبر أن “أموال الفساد هي في النهاية أموال الظلم والضعف في العالم”. ولفت إلى أن تغيّر النظام في الحالة المصرية، “أفضى إلى فتور حماسة المحاكم في الإجراءات التي تتطلّب تعاوناً قضائياً”
وأوضح البنك الدولي أن الفارق “ضخم” بين الأموال المستعادة ومبالغ بقيمة تتراوح بين 20 بليون دولار و 40 بليوناً، تسرقها سنوياً النخب الفاسدة في البلدان النامية
وجاء في دراسة للمبادرة من أجل استعادة الأموال المسروقة التي أطلقها البنك الدولي مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، تجميد 2.6 بليون دولار بين عامَي 2006 و2012. وفي الفترة ذاتها، أعادت بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية 423.5 مليون دولار فقط.