رغم الزخم الكبير الذي عرفته القضية الفلسطينية في تونس خلال الأسابيع القليلة الماضية على مستوى أعلى هرم السلطة الا أن الذكرى ال38 على مجزرة “حمام الشط” مرت مرور الكرام ولم تجد أي اهتمام يذكر على جميع المستويات بل اقتصر الأمر على وضع سفير دولة فلسطين لدى الجمهورية التونسية هائل الفاهوم، ومعتمد حمام الأنف وكاتب عام البلدية، اليوم الأحد 1 اكتوبر 2023 ، أكاليل زهور باسم رئيس دولة فلسطين محمود عباس، على أضرحة “شهداء الثورة”، الذين ارتقوا خلال الغارة الإسرائيلية على مقر قيادة منظمة التحرير في تونس. وذلك بحضور اقليم حركة فتح والجالية الفلسطينية وكوادر منظمة التحرير الفلسطينية بالساحة التونسية وجمع من أبناء تونس.
وكالة وفا الفلسطينية عادت الى هذه المجزرة بكل تفاصيله لتكون مناسة للتذكير باختفاء آثار القصف الإسرائيلي على حمام الشط، رغم مطالبات بإبقائه شاهدا حيا على الجريمة الإسرائيلية. ولم يتبقَّ من المكان سوى مقبرة الشهداء وساحة ينتصب فيها تمثال الشهداء والذكرى.
يوم الثلاثاء غرة أكتوبر 1985 وفي حدود الساعة العاشرة صباحا،، سرب من الطائرات الحربية الإسرائيلية (قُدرت بين ست وثماني طائرات) تُغير بالصواريخ على المربع الأمني في ضاحية حمام الشط، جنوب العاصمة التونسية، في محاولة للقضاء على قيادة الثورة دفعة واحدة.
خلّفت الغارة الإسرائيلية وراءها 50 شهيدا فلسطينيا، و18 شهيدا تونسيا، و100 جريح، وخسائر مادية قُدرت بـ8.5 مليون دولار.
كانت هناك العديد من المقرات التابعة للمنظمة: مكتب الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات، وبيته الخاص، ومقر الحرس الرئاسي، والإدارة العسكرية التي تحتفظ بأرشيف مقاتلي الثورة الفلسطينية، والإدارة المالية، وبعض بيوت مرافقي أبو عمار والموظفين في مؤسسات المنظمة، جميعها سُويت بالأرض خلال أقل من عشر دقائق، مستهدفة بشكل رئيس الرئيس الراحل ياسر عرفات، الذي نجا بعد مغادرته المكان قبل القصف بنصف ساعة، وقالت رواية أخرى: وصل أبو عمار إلى مطار تونس – قرطاج في العاصمة تونس، وافدا من المغرب، في ليلة المجزرة. كان في استقباله وزيرٌ تونسيّ وعدد من كوادر منظمة التحرير، رصدت عناصر الموساد موكبه يتحرك نحو مقر قيادة المنظمة في حمام الشطّ. وإلى جانبه جلس حكم بلعاوي في السيارة، وهو السفير الفلسطيني في تونس آنذاك، وأخبره بأن ضيفا عربيا هاما ينتظره في مقر إقامة السفير، في ضاحية مرسى النسيم شمال العاصمة تونس. فورا، أمر أبو عمار سائقه بالخروج عن سرب السيارات الطويل، والانزواء يميناً نحو مرسى النسيم، بينما واصل الموكب طريقه العاديّ نحو حمام الشطّ. لم ينتبه عملاء الموساد إلى هذا التغيير المفاجئ. في مقر إقامة حكم بلعاوي، اجتمع عرفات مع ضيفه العربيّ وتواصل اللقاء حتى ساعة متأخرة من الليل، فقرر في أعقابه المبيت هناك.
أبو عمار خرج بعد الغارة مباشرة ومن فوق الدمار، أعلن للعالم عبر وكالات الأنباء والإذاعات والتلفزة أنه حي يرزق. وذلك في الوقت الذي كان فيه ضباط مخابرات الاحتلال وقادة الأجهزة الأمنية فرحين بمقتله وعدد كبير من قادة منظمة التحرير الفلسطينية، في عملية القصف التي أُطلق عليها اسم “الساق الخشبية”، لكن الحس الأمني للمقاومة الفلسطينية كسر تلك الساق.