هل سقط الرئيس في شراك الغاية تبرر الوسيلة

0
322
- Publicité -

بدأت مخاوف المترددين على اطلاق الأحكام الجاهزة  حول وضعية رئيس الجمهورية  وقرار اللاقرارا الذي اتخذه فيما يخص التعديلات المدخلة على المجلة الانتخابية  تجد طريقها لمن يستمع اليها باهتمام  خاصة وان فتات المعلومات الذي يصلنا من قصر قرطاج لا يرد على الاسئلة الملحة حول صحة الرئيس وقدرته على اتخاذ القرار بل يعمق الحيرة  ويفسح المجال لكل التأويلات والتخمينات

لن نعيد ما اتفق حوله ما تبقى من عقلاء في البلاد من ان رئيس الجمهورية الذي سعى للثأر لنفسه من خصومه السياسيين فضل وضع البلاد أمام حفرة عميقة من الفوضى قد تسقط فيها في اية لحظة لا قدر الله 

لقد كان امامه اكثر من خيار لممارسة حقه الدستوري ومن وراء ذلك سلطته اذ كان امام خيار يخرجه  من كل لوم  وتعزير اذ كان بامكانه في احسن الاحوال ان يدعو الشعب التونسي صاحب السيادة للحسم في هذه التحويرات على المجلة الانتخابية عبر الاستفتاء رغم عسر المهمة ولكنها لن تخرج من اطارها الدستوري 

لكن رئيس الجمهورية وبذهابه نحو اللاقرار عزز اتهمات خصومه الذين يؤكدون في كل يوم من انه رهينة عائلته  التي عقدت صفقة مع حلفاء الرئيس للحصول على خروج امن بعد مغادرة الرئيس لقصر قرطاج ولئن كنا ضد هذا المنطق منطق الافلات من العقاب الا ان  ذلك سيضع البلاد رهينة بين أيادي  المافيات بكل اشكلها ويضعها امام مستقبل مجهول 

صحيح ان خصوم الرئيس اليوم وخاصة أصحاب مشروع التعديلات على القانون الانتخابي حججهم ضعيفة جدا وقد خربرناهم ونحن نتابع فشلهم المبرمج في انتخاب بقية أعضاء المحكمة الدستورية  ولكن ذلك لا يمنعنا من القول ان الرئيس عالج  الخطأ بخطأ  

يتابع المراقبون المحليون كما الدوليون بحيرة كبيرة لما يجري هذه الأيام في تونس من تخبط سياسي وصفه الجميع بأنه سريالي أكثر من اللزوم  يضاف اليه الوضع الاقتصادي المشوش  

ولكن ما الذي يدفع برئيس محنك كما يقال ان يدخل في مجال هذه الخيارات الخطيرة التي ستجعل من كل المؤسسات الدستورية مؤسسات موازية  لا سلطة لها .

هل هو انقلاب ناعم على الدستور  سيؤدي بالبلاد التي تعاني اصلا من أزمات اقتصادية واجتماعية لا تنتهي . أم أن  الوضع  اصبح خارج عن سيطرة مؤسسة الرئاسة ونحن نتابع كواليس ما يجري في مكاتب قصر قرطاج حيث تحولت العديد من مكاتبه الى غرفة عمليات لاحد الاحزاب تصدر منها الأوامر والتعليمات .

ويكفي ان نلحظ التصريحات الصادرة عن المدير التنفيذي لحركة نداء تونس الذي أصبح بقدرة قادر ناطق رسمي باسم رئاسة الجمهورية  فاختلط البيت بالقصر وتحولت البلاد الى ما يشبه مزرعة خاصة  يمارس فيها كل شهواته وخصوماته التي لا تنتهي  

تعددت الدعوات  الى رئيس الجمهورية خلال الساعات القليلة الماضية الصادرة عن  عقلاء البلاد بأن ترك الحبل على الغارب   لن يمنحه اكليل المجد  وسيلطخ ما بناه طوال سنوات

فالرئيس  مطالب ان يخرج للناس ويكشف لهم عن الأسباب التي دفعته لاتخاذ تلك الخطوة على خطورتها  ولا اعتقد ان الحجة ستعوزه وينتهي بذلك الجدل حول مدى قدرته على اتخاذ القرار

ان مشكلة الإيمان بالقيم المطلقة أنها قد تقود صاحبها الى شراك الغاية تبرر الوسيلة