أفادت الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس)، في تقرير “تحليل المخاطر الإستراتيجية” لسنة 2024، بأن التونسيين يحتلون الرتبة الثالثة ضمن قائمة المهاجرين غير النظاميين الأجانب الذين جرى اكتشافهم على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى احتلال حاملي الجنسية السورية الصدارة، متبوعين بالغينيين، ثم الإيفواريين فالتونسيين.
ووجدت تحليلات “فرونتكس” أن تركيبة الجنسيات العشرين الأولى للمهاجرين غير النظاميين الوافدين على أوروبا ظلت دون تغيير في السنوات الأخيرة، مع تقلبات سنوية في ترتيب جنسيات المكتشفين على الحدود الخارجية لهذا التكتل الأوروبي، مرجحة أن “تظل الدول العشرين الأولى المصدرة للهجرة غير النظامية، وكذلك الطرق الرئيسية للهجرة إلى الاتحاد الأوروبي (شرق ووسط وغرب المتوسط وطريق غرب إفريقيا)، على حالها خلال العقد المقبل”.
وأكدت الوكالة الأوروبية، في تقريرها الذي نُشر حديثًا، أن “إدارة الحدود والهجرة في الاتحاد الأوروبي ستواجه تحديات متعددة الأوجه خلال السنوات العشر القادمة”، مشددة في الوقت ذاته على أن “ظاهرة الهجرة غير النظامية تتسم بتعدد الأسباب، ما يجعل صياغة استجابات سياسية فعالة أمرًا صعبًا للغاية”.
في السياق ذاته اعترف التقرير بأن “التوصل إلى تسوية سياسية في ما يخص موضوع الهجرة على مستوى الاتحاد الأوروبي أمر صعب، إذ سيكون من الصعب التوصل إلى نهج مشترك بشأن الهجرة في المستقبل”، مؤكدًا أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ستفضل العمل بمفردها لحماية نفسها من آثار الهجرة غير المرغوب فيها.
في المقابل لفتت الوثيقة إلى أن “الاتحاد الأوروبي سيُبرم اتفاقيات مع بعض الدول الثالثة وسيقدم حوافز مالية للسيطرة على تدفقات الهجرة غير المتناسبة”، مشيرة إلى أن “التغيرات الجيو-سياسية سوف تعرض الحدود الخارجية للاتحاد لتهديدات مختلفة، وسيستخدم هذا التكتل الأدوات المتاحة لمعالجة حالات الأزمات، لكن الأسباب الرئيسية للهجرة ستظل دون معالجة”.
وأورد التقرير أن “بعض الدول الإفريقية ستصبح عرضة بشكل خاص لتأثير وتدخلات وأنشطة الجهات الفاعلة الخارجية الحكومية وغير الحكومية؛ وقد تؤدي هذه الأخيرة إلى إثارة التوترات الاجتماعية والسياسية والاضطرابات والحروب الأهلية، ما سيؤدي بدوره إلى نزوح داخل إفريقيا أو تدفقات الهجرة غير النظامية خارج القارة، وخاصة نحو أوروبا، على طريقي وسط وغرب المتوسط”، مضيفًا أن “هذه الأنشطة الهجينة قد تؤدي إلى تغييرات في سياسات الحدود والهجرة وأنماطها واتجاهاتها، وكذلك في نمط التعاون السياسي بين الدول الإفريقية والاتحاد الأوروبي، ما سيؤثر على فعالية إدارة الحدود الأوروبية والهجرة، بما في ذلك عمليات العودة”.
في سياق آخر، وفي ما يتعلق باستشراف مستقبل الصراع بين القوى الكبرى في العالم والمواقف الدولية بشأنها، أكد التقرير أن “الاقتصادات الناشئة والدول النامية في الجنوب العالمي سوف تحافظ على موقف محايد إلى حد كبير في الصراع الجيو-سياسي بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والصين وروسيا”، مسجلًا أن “هذه الدول ستعمل على تعزيز مصالحها الوطنية من خلال التركيز على التطورات الإقليمية الرئيسية ومبادرات التعاون؛ فيما من المرجح أن تزداد قوة مجموعة من الدول في الجنوب العالمي جنبًا إلى جنب مع تطور قوتها الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية”.
وأردف المصدر ذاته أن “استمرار الصراع الجيو-سياسي بين القوى العظمى في العالم وامتداده إلى مناطق جديدة لا ينذر بمواجهة البشرية مستقبلا قاتما فحسب، وإنما ينطوي أيضًا على تهديد وجودي، بالنظر إلى العواقب الكارثية للمواجهة بين هذه القوى”، مرجحًا في الوقت ذاته أن “ترسم هذه القوى خطًا فاصلاً لتجنب حرب شاملة بينها وستلجأ إلى استخدام الأساليب غير المباشرة، كالحروب بالوكالة وتشكيل التحالفات والتدخل الهجين، من أجل تحقيق أهدافها الإستراتيجية”.