أودرت “فيتش رايتنغ”، في آخر تقرير صادر عنها مؤخرا جاء بعنوان ‘ الحرب والوباء يزيدان من خطر العجز المزدوج في الاسواق الناشئة’، بأن تونس تمركزت ضمن البلدان التي ستشهد عجزا في الميزانية وفي الحساب الجاري بنسبة 7 بالمائة ، على أقصى تقدير في العام الحالي 2022 ، وذلك لأسباب اقتصادية وتمويلية .
فما هو العجز المزدوج حسب الخبراء في المجال
ان الاقتصادات التي تعاني من عجز مالي وعجز في الحساب الجاري تُسمى اقتصادات تعاني من عجز مزدوج/ العجز التوأم ” Twin deficit” يُعتبر السيناريو العكسي –أي فائض مالي وفائض في الحساب الجاري- سيناريو أفضل بشكل عام، ولكن يعتمد جزء كبير من طبيعة الاقتصاد على الظروف، وغالبًا ما يُستشهد بالصين كمثال لدولة تتمتع بفوائض مالية وحسابات جارية طويلة الأجل.
التوأم الأول: العجز المالي
يحدث العجز المالي، أو عجز الميزانية، عندما يتجاوز إنفاق الدولة إيراداتها.
قد يبدو بديهيًا أن العجز المالي ليس شيئًا جيدًا، لكن الاقتصاديين الكينزيين يجادلون بأن العجز ليس بالضرورة ضارًا، وإن الإنفاق بالعجز قد يكون أداة مفيدة لتحفيز الاقتصاد المتعثر. عندما تعاني دولة من الركود، يمكن أن يساهم الإنفاق بالعجز على البنية التحتية والمشاريع الكبيرة الأخرى في تعزيز الطلب الكل، حيث ينفق العمال المعينون للمشاريع أموالهم على تغذية الاقتصاد وزيادة أرباح الشركات.
تمول الحكومات العجز المالي عن طريق إصدار السندات عادةً، حيث يشتري المستثمرون السندات، ويقرضون الأموال للحكومة ويكسبون فائدة على القرض، وعندما تسدد الحكومة ديونها يتم إرجاع أصل السند للمستثمرين. يُنظر إلى تقديم قرض لحكومة مستقرة على أنه استثمار آمن في العادة، إذ يمكن الاعتماد على الحكومات بشكل عام في سداد ديونها لأن قدرتها على تحصيل الضرائب تمنحها طريقة موثوقة لجمع الإيرادات.
التوأم الثاني: عجز الحساب الجاري
الحساب الجاري هو مقياس للمعاملات التجارية والمالية بين البلد وباقي العالم، ويشمل ذلك الفرق بين قيمة صادراتها من السلع والخدمات وقيمة وارداتها، وكذلك صافي مدفوعات الاستثمارات الأجنبية والتحويلات الأخرى من الخارج.
باختصار، الدولة التي تعاني من عجز في الحساب الجاري تنفق في الخارج أكثر مما تنفق في الداخل، ومن الواضح أن هذا ليس أمرًا جيدًا، إذ يجب على تلك الدول الاقتراض باستمرار لتعويض العجز، وبالتالي ستضطر لدفع فائدة لخدمة هذا الدين، وقد يتركها هذا لعرضة للمستثمرين والأسواق الدولية، خاصة إذا كانت بلدان نامية صغيرة.
إن العجز المستمر في الصادرات مقابل الواردات يشير إلى أن البلد فقد قدرته التنافسية، أو يعكس انخفاض معدل الإدخار بشكل غير مستدام بين سكان البلد الذي يعاني من العجز.
عجز الحساب الجاري:
إن هذا النوع من العجز معقد، ولكن كما هو الحال في عجز الميزانية، فإن حقيقة الحسابات الجارية ليست بهذه البساطة، ففي الواقع العملي، قد يشير عجز الحساب الجاري إلى أن الدولة هي وجهة جذابة للاستثمار. ضع في اعتبارك أن الاقتصادات المتقدمة مثل الولايات المتحدة غالبًا ما تعاني من عجز في الحساب الجاري، في حين أن الاقتصادات النامية عادةً لديها فوائض.
فرضية العجز المزدوج
يعتقد بعض الاقتصاديين أن العجز الكبير في الميزانية يرتبط بعجز كبير في الحساب الجاري، وتُعرّف نظرية الاقتصاد الكلي هذا المفهوم باسم “فرضية العجز المزدوج”. إن المنطق وراء هذه النظرية هو أن التخفيضات الضريبية الحكومية، التي تقلل الإيرادات وتزيد العجز، تؤدي إلى زيادة الاستهلاك لأن دافعي الضرائب ينفقون أموالهم الجديدة، ويؤدي تزايد الإنفاق إلى خفض معدل الادخار الوطني، مما يؤدي إلى زيادة مبلغ الأموال التي تقترضها الدولة من الخارج.
عندما لا تمتلك الدولة الأموال اللازمة لتمويل إنفاقها المالي، تلجأ غالبًا إلى المستثمرين الأجانب كمصدر للاقتراض. في الوقت ذاته، تقترض الدولة من الخارج، وعادةً ما يستخدم مواطنوها الأموال المقترَضة لشراء البضائع المستوردة. تدعم البيانات الاقتصادية فرضية العجز المزدوج أحيانًا، بينما لا تدعمها في أحيان أخرى.