بينت معطيات تقرير صادر عن وزارة المالية، تواصل دعم الدولة للمؤسسات والمنشآت العمومية حيث وصلت قيمة التحويلات الموجهة لها والمرصودة بمقتضى قانون المالية للعام الفارط ما قدره 14.5 مليار دينار وهو ما يؤكد سعي سلط الاشراف لتطوير اعمالها وتعزيز دورها كطرف اقتصادي فاعل في البلاد.
وحسب منوال النمو لسنة 2024، يجري العمل حثيثا على دفع إجراءات النهوض بأداء المنشآت العمومية لتكون في خدمة المواطن والاقتصاد بالاشتغال أكثر على تحسين ظروف العمل صلب الإدارات العمومية. وأفصحت وثيقة منوال النمو عن الملامح والخطوط الكبرى لبرامج إصلاح الشركات الحكومية التي تقدم تحت شعار “مؤسسات عمومية تنافسية”
.وفي هذا الإطار، تستهدف سلط الاشراف عبر الوزارات المعنية والمتدخلة تحسين أداء الشركات الحكومية وضمان استدامتها. وترتكز عموما خطة الإصلاح على عدة محاور أبرزها تحسين حوكمة المؤسسات العمومية وإنعاش جميع الشركات العمومية التي تشكو صعوبات مالية مع تسوية ديونها وخلاص المستحقات عليها.
في هذا الصدد، بين التقرير السنوي الأخير لوزارة المالية حول التحويلات والضمانات من الدولة لفائدة المنشآت العمومية والمؤسسات العمومية غير الإدارية، تواصل الجهود المبذولة لدعم المنشآت العمومية والمؤسسات العمومية غير الإدارية عبر إسناد التحويلات المالية من ميزانية الدولة، من ناحية ومنح ضمان الدولة لهذه المؤسسات من أجل تمكينها من اللجوء الى الاقتراض، من ناحية أخرى.
وتعتبر التحويلات، حسب الوزارة، دعما ماليا مباشرا غير قابل للاسترجاع يتم اسنادها سنويا من ميزانية الدولة لفائدة المنشآت العمومية والمؤسسات العمومية غير الإدارية. وتشمل هذه التحويلات كافة القطاعات لمجابهة كل جوانب الإنفاق العمومي.
أما ضمان الدولة فيشمل، وفق تقرير وزارة المالية، دعما غير مباشر لفائدة هذه المنشآت والمؤسسات تمنحه الدولة قصد تمكينها من الحصول على قروض من بنوك محلية أو بنوك مؤسسات أجنبية، يتم استعمالها خاصة لتمويل المشاريع الاستثمارية والتنموية المدرجة ضمن استراتيجيات الدولة بمخططات التنمية.
في نفس السياق، يعد قانون المالية للسنة وقانون المالية التعديلي، الإطار القانوني الذي يتم فيه تقدير التحويلات لفائدة المنشآت العمومية والمؤسسات العمومية غير الإدارية وذلك للمساهمة في تمويل الاستراتيجيات القطاعية التي تشرف عليها مختلف الوزارات. كما يضبط قانون المالية للسنة وقانون المالية التعديلي المبلغ الأقصى المرخص فيه للوزير المكلف بالمالية لمنح ضمان الدولة لإبرام قروض أو إصدار صكوك إسلامية من أجل تمويل أنشطة استثمارية من قبل المنشآت والمؤسسات العمومية غير الإدارية.
هذا وبينت، معطيات التقرير الوزاري، أن التحويلات عرفت خلال السنوات الماضية تطورا هاما، حيث يقدر مبلغ التحويلات المرصودة ضمن قانون المالية لسنة 2023 بحوالي 14514,5 مليون دينار أي ما يعادل,7 بالمائة من نفقات ميزانية الدولة دون اعتبار خدمة الدين. وتستأثر المؤسسات ذات الصبغة الاقتصادية بالقسط الأكبر وهو يقدر بنحو 10329,5 مليون دينار أي ما يناهز نسبة 71,2 بالمائة من مجموع هذه التحويلات.
وفيما يتعلّق بضمان الدولة على قروض المنشآت العمومية والمؤسسات العمومية غر الإدارية، فقد تطور السقف السنوي المرخص فيه بقانون المالية بداية من سنة2020 إلى 7000 مليون دينار وذلك استجابة للطلبات المتزايدة من هذه المنشآت والمؤسسات العمومية على الاقتراض بضمان الدولة.
من الجدير بالذكر أن المؤسسات العمومية وزعت أرباحا خلال النصف الأول من العام الحالي بقيمة 1239 مليون دينار مقابل 701.5 مليون دينار قبل سنة مما يعني تسجيل زيادة بقيمة 779.8 مليون دينار وبنسبة 170 بالمائة، وذلك حسب آخر البيانات التي كشفتها وزارة المالية في إطار متابعتها لتطور المداخيل غير الجبائية للدولة نهاية جوان 2024
.
وبلغت نسبة الإنجازات على مستوى عائدات المساهمات العمومية، بشكل عام، حوالي 98 بالمائة باعتبار تقديرات مرسومة، في هذا الصدد، قيمتها 1260 مليون دينار.
ويرجع تحقيق هذه العائدات بالأساس الى الأرباح المحصلة من البنك المركزي التونسي بعنوان العام الفارط والتي ناهزت خلال النصف الأول من السنة الحالية 1057 مليون دينار. ومن المنتظر تجاوز التقديرات بصفة جلية باحتساب التوزيع المرتقب لأرباح المؤسسات العمومية المدرجة في البورصة وذلك على غرار البنك الوطني الفلاحي الذي قرر توزيعه لأرباحه بعنوان السنة الماضية في شهر جويلية. كما انه من المنتظر ان يتواصل تجاوز تقديرات توزيع الأرباح الأهداف المرسومة وفق نسق تدفقات العائدات الى غاية نهاية العام الجاري. وتمكن هذه الوضعية المريحة من تخطي إشكالات عجز عدة مؤسسات عمومية مثل تلك العاملة في قطاع النقل ومنشآت أخرى تعاني بعض إشكالات العجز المالي الهيكلي.
تطرح وضعية الشركات العمومية على نحو عام، مزيد التفكير في استدامة أرباحها في ظل إرادة واضحة لإصلاح عدة مؤسسات وازنة على غرار شركة فسفاط قفصة والمجمع الكيميائي والشركة التونسية للسكك الحديدية التونسية. في هذا الصدد، تخطط سلطات الإشراف من خلال مشروع الميزان الاقتصادي لهذا العام، للارتقاء بأداء المؤسسات وإخراجها من وضعيتها المالية والهيكلية الصعبة التي تعرفها منذ حوالي عقد من الزمن بالعمل على أن تكون شركات أكثر تنافسية وذراع مالي حقيقي لدعم اقتصاد البلاد ودفع الاستثمار الخاص.