يؤكد كل من حمزة المؤدّب وهاشمي علية, و إسحاق ديوان في تقرير مشترك لمركز مالكوم كير– كارنيغي للشرق الأوسط نشر أول أمس ” أنه لكي يتمكّن صنّاع القرار في تونس من بناء استراتيجية تنموية قادرة على معالجة مكامن الضعف البنيوية في بلادهم، عليهم إنعاش القطاع الخاص. ويُعَدّ التحوّل الديمقراطي والإصلاح شرطَين أساسيَّين لتحقيق ذلك. عمومًا يمكن اتّخاذ إجراءات أربعة من شأنها أن تسهم في إنجاز هذَين الهدفَين.
أولًا، لا بدّ من إرساء استقرار الاقتصاد الكلّي للحدّ من حالة اللايقين الاقتصادية وتحسين آفاق حصول الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم على التمويل والواردات، ما يسمح لها بالنمو.
ثانيًا، يجب تحسين الإدارة الاقتصادية، بما في ذلك إصلاح التنظيمات الاقتصادية، لضمان المنافسة العادلة وسيادة القانون.
ثالثًا، ينبغي وضع استراتيجية إنمائية ملائمة من أجل توسيع أنشطة الشركات الكبرى لتطال الأسواق الدولية، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم من خلال تقديم حوافز لها لتحسين استخدامها لتكنولوجيا المعلومات والأنظمة الروبوتية، ودمج سلاسل القيمة العالمية وجذب الاستثمارات الخارجية المباشرة، والتشجيع على التدريب، فضلًا عن تعزيز البحث والتطوير.
ورابعًا، يتعيّن على تونس التكيّف مع عملية الانتقال الأخضر التي يشهدها الاتحاد الأوروبي، شريكها التجاري الأكبر، ولا سيما في ما يتعلق بالسياسات المناخية ومساعي خفض انبعاثات الكربون، وإلّا فستؤدّي الانبعاثات الكربونية الجديدة إلى خفض عدد الشركات الأوروبية التي تشتري منتجات من تونس.
كذلك، ينبغي على تونس استئناف محادثاتها مع صندوق النقد الدولي بشأن تنفيذ برنامج إصلاحي وطني. فهذا الأمر لا غنى عنه من أجل تلبية حاجات البلاد من التمويل الخارجي، وتأمين التمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، والحدّ من انكشاف القطاع المصرفي على الديون السيادية. واقع الحال أن الكثير من الشركات التونسية لا تستطيع الحصول على التمويل المصرفي. فبحسب الإصدار الأخير من استقصاءات البنك الدولي المعنية بمؤسسات الأعمال التجارية، يعتبر نحو نصف الشركات التونسية (45.5 في المئة) أن الحصول على الائتمان صعبٌ للغاية في البلاد، وهذه النسبة أعلى بكثير من نظيرتها في المغرب (34.2 في المئة) ومصر (24.6 في المئة).
المشكلة هي أن تونس تحتاج إلى خوض تغيير أكبر بكثير، ولا سيما على ضوء فرص النمو الجديدة التي تظهر على الصعيد العالمي، والتي يجب اغتنامها من خلال تطبيق آليةٍ سليمة لاتّخاذ القرارات. وإلّا فسيتفاقم تقويض القطاع الخاص، ما سيهدّد بدوره المستقبل الاقتصادي للبلاد.