تم يوم الأمس ايقاف القاضي المعزول حمادي الرحماني وذلك بمقتضى بطاقة جلب
وكان الرحماني كتب تدوينة صباح اليوم الاثنين 02 ديسمبر 2024 تعرض فيها لوضع القضاء في تونس والقضاة المعزولين
وقبل ذلك بيوم قام الرحماني باعادة نشر تدوينة اشتكى عبرها أحد من المواطنين من تعرضه ولمواطنين اخرين لعملية ” غش ” باحدى محطات البنزين العمومية وهي محطة عجيل .
و قرّر عميد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس ذات اليوم إبقاء القاضي حمّادي الرحماني بحالة سراح
“و من جهته نشر الناشط السياسي محمد عبو رسالة في هذا الشأن بعنوان : “نداء لمن مازال يهمه الأمر. التعامل مع القاضي حمادي الرحماني اليوم
وهذا ما جاء في الرسالة
مثلما تم في دار المحامي ليلة اعتقال الأستاذة سنية الدهماني وعند اعتقال الأستاذ مهدي زقروبة في نفس المكان مِن تلفّظٍ بعبارات نابية شديدة الانحطاط تجاه النساء، فعل بعض أعوان الشرطة اليوم نفس الشيء مع زوجة الرئيس حمادي الرحماني، وذلك أمام منزله عند إلقاء القبض عليه بدعوى تنفيذ بطاقة جلب صادرة ضده بناء على قضايا تتعلق بتدوينات له. تُنفّذُ قرارات لا اجتهاد للأمن في تنفيذها، ويسأل عنها من أصدرها.
جيد، فلم تنفيذها بأسلوب هابط؟ للتذكير وللمقارنة حتى نفهم أين تردينا، في ظل الرئيس المخلوع الذي كان هناك إجماع على ارتكابه لأبشع أشكال التعذيب والمضايقة وارتكابه وعائلته لأكبر أشكال الفساد، تم يوم غرة مارس 2005 إيقافي، وعندما تم تسليمي للإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية، قلت لهم قبل أن تشرعوا في التعذيب أعلمكم بأن في سيارتي جهاز طبي يحتاجه والدي الليلة، لو لم يصل إليه فإنه سيتوفى، كان جواب أحد رؤسائهم: نحن لا نعذب، وأذن بالتوجه إلى منزلي وتسليم الجهاز.
لما قابلته صدفة بعد الثورة، شكرته وذكرته بما تم فأقسم أن التعليمات كانت تقضي بإهانتي، وأنهم لم يفعلوا، وهذا ما علمته من غيره أيضا. هذا وغيره، وإن كان استثنائيا، حصل في “شرطة بن علي” وظهرت تجلياته عند بعض الأمنيين للعلن يوم 14 جانفي 2011، رغم كل المساوئ والجرائم التي تورط فيها كثير من المنتسبين إليها، فما المقصود اليوم؟ جعل الأمن أسوأ من عهد المخلوع؟ جعله بلا أي ضوابط في تعامله مع من يقرر النظام القائم استهدافه؟ استغلال السلطة لإخراج وحشية في أعوان أمن وتوريط أكبر عدد منهم، ليس عملا عبقريا، وهو سلوك لا يمكن أن يفسر حتى بالرغبة في حماية الحاكم. هو سلوك سيدفع إلى اليأس، وهو باب يفتح لكل أصناف التوتر والصراعات مع تونسيين في الداخل والخارج، خاصة وأن وضع البلاد اقتصاديا مقبل على أزمات، طالما استمرت سياسة الشعبوية، في غياب ثروات طبيعية بحجم تلك التي سمحت لأنظمة عربية أخرى بالاستمرار في القمع والاستهتار بصورة بلدانها دون إعمال عقل! تم التلفظ بعبارات نابية تجاه زوجة الرئيس حمادي الرحماني، وتم تمزيق سترته ومَثل أمام قاضي التحقيق على تلك الحالة.
منذ سنين أيضا كان المرحوم محمد مزالي وزيرا أولا خليفة لبورقيبة يتقرب منه الكثيرون بمذلة ومنهم بن علي، ولما تغير الوضع السياسي وفر الرجل إلى الجزائر تم اقتحام منزله والتلفظ بعبارات من نفس القاموس تجاه عائلته! الذين لا يستفيدون من قراءة التاريخ كثروا في بلادنا لسوء الحظ! ينتشون بسلطة، وأرى أمرهم محيّر فعلا! ما المقصود اليوم؟
إعلان تونس دولة مارقة عن القانون لا قضاء فيها يحكم دون تعليمات ولا أمن فيها يحترم حقوق الناس؟ ولا جهة تحمي المواطنين؟ وبعد؟ كيف سيكون المآل؟ من أثرت فيهم مقولة أن أغلب الشعب مع القمع، فليذكروا أنه على فرض صحة ذلك، فإن هذه الأغلبية نفسها هي من تفرح اليوم بانهيار ثمن زيت الزيتون التي تريد شراءه وقد لا تعنيها بحال خسارة تصدير قد يبلغ بضع مليارات الدينارات من العملة الأجنبية، هذا أفق تفكيرها، وهي من تشعر بلذة لما يُوقف قاض أو رجل أعمال أو صحفي أو سياسي أو مشهور، ولا يعنيها إن أجرم فعلا أم لا. هي الأغلبية التي كانت ترتعد خوفا من الأمن ومن العمدة قبل الثورة، والتي تحولت من النقيض إلى النقيض سنة 2011، لما استغلت انقلاب الموازين فجعلت أعوان أمن يتركون مسدساتهم وبطاقاتهم المهنية في إدارتهم عند العودة إلى منازلهم منكرين صفتهم! وهي من كانت تتهجم عليهم حتى وهم يطبقون القانون وقتها.
ليذكروا أن رجال قانون انتشروا في وسائل الإعلام وقتها ينادون بدولة قانون ويواجهون مقولة إسقاط كل شيء بما في ذلك جهاز الأمن، وهم من دافعوا على إقرار الحق النقابي للأمنيين، ومنهم من أمضوا قرار إرجاع كل الإطارات المحالة على التقاعد الوجوبي تنفيذا لقرارات القضاء الإداري، لا إيمانا بكون كلهم مظلومين وإنما احتراما لدولة القانون، ومنعت شعبوية أخرى ساعتها التنفيذ. اتركوا لأبنائكم وأبنائنا بعض الأمل في العيش في وطن يشعرون فيه بالأمان، ولا أمان لأي كان، أكرر لأي كان، دون دولة قانون يحتكم الجميع إليه، واتركوا للعقلاء أملا في الإصلاح يوما ما. غير ذلك، اشتدي أزمة “قد تنفرجي يوما”.
محمد عبو