شهدت ولايتا توزر و قبلي، مساء الخميس 10 جويلية 2025، عاصفة رملية عنيفة ومباغتة تسببت في حجب الرؤية بالكامل، وسقوط أشجار، وانقطاع التيار الكهربائي، إلى جانب أضرار مادية طالت عدة مناطق.
وبلغت سرعة الرياح في قبلي 144 كلم/ساعة (حوالي الساعة 19:22)، بينما وصلت في توزر إلى 107 كلم/ساعة، وفق ما أفاد به المعهد الوطني للرصد الجوي.
وتناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو صادمة تُظهر جدارًا رمليًا عملاقًا يزحف بسرعة، رابطًا بين الأرض والسماء، في مشهد أعاد إلى الأذهان صور “الهبوب” الشهيرة في الصحارى.
▪ ما الذي حدث بالضبط؟
وفقًا لتصريح أدلى به صبحي بن أحمد عن المعهد الوطني للرصد الجوي لإذاعة موزاييك، فإن العاصفة الرملية دامت حوالي 40 دقيقة وكانت ناتجة عن رياح شديدة بلغت 70 عقدة (أي نحو 130 كلم/س) خلال فترة وجيزة.
لكن هذه الظاهرة لها تفسيرات علمية أعمق، مرتبطة بطبيعة المناخ الصحراوي وخصائص التربة في الجنوب التونسي.
الأسباب العلمية لظاهرة “الجدار الرملي”:
- الرياح الهابطة من الخلايا الرعدية
عند وجود نشاط رعدي في طبقات الجو العليا، تنشأ تيارات هوائية باردة تهبط بسرعة نحو سطح الأرض، وتنتشر أفقياً. هذه الظاهرة المعروفة بـ”Downbursts” ترفع الغبار والرمل بشكل كثيف، وتكوّن “جدارًا رمليًا” يتحرّك بسرعة مخيفة. - تفاوت درجات الحرارة والرطوبة
في المناطق الصحراوية، يؤدي ارتفاع حرارة سطح الأرض وانخفاض الرطوبة إلى توليد تيارات هوائية شديدة الاضطراب، تُغذي العواصف الرملية وتزيد من عنفها. - طبيعة التربة في توزر وقبلي
تُعدّ من أكثر المناطق قابلية للانبعاث الرملي نظرًا لطبيعتها الرملية المفككة والجافة، مما يجعلها مهيأة تمامًا لتكوين هذه الظواهر. - المنخفضات الحرارية المفاجئة
تشير المؤشرات إلى وجود منخفض حراري صيفي نشط قادم من الصحراء الكبرى، ساهم في تعزيز قوة الرياح ودفعها نحو مناطق الجنوب.
ما بعد العاصفة: لماذا تلتها أمطار؟
المثير أن العاصفة الرملية تلتها أمطار غزيرة شملت عدة ولايات، أبرزها ماجل بلعباس في القصرين، وهو ما يُفسّر بوجود خلايا رعدية نشطة تحرّكت شمالاً بعد العاصفة، حاملة كميات هامة من الأمطار.
توقعات وتحذيرات
يشير خبراء المعهد الوطني للرصد الجوي إلى أن مؤشرات العواصف الرعدية ستكون محدودة اليوم الجمعة، مع إمكانية ظهور رياح رملية أقل حدة في توزر وقبلي. لكن يوم السبت قد يشهد نشاطًا رعديًا أقوى، ما يستوجب الحيطة والحذر خصوصًا لمستعملي الطرقات والمناطق المكشوفة.
