سجّل حجم الأوراق النقدية والعملات المعدنية المتداولة في السوق التونسية رقمًا قياسيًا جديدًا، بلغ 25,472 مليار دينار بتاريخ الثلاثاء 29 جويلية 2025، مقابل 22,365 مليار دينار في نفس التاريخ من العام الماضي، بحسب ما أعلنت عنه البنك المركزي التونسي اليوم الأربعاء.
ويمثل هذا الارتفاع زيادة صافية بقيمة 3,107 مليارات دينار، أي بنسبة 13,89% خلال سنة واحدة، في مؤشر على تنامي الاعتماد على السيولة النقدية مقابل تراجع لافت في استخدام وسائل الدفع البنكية، وعلى رأسها الشيكات.
موسم الصيف والقيود على الشيكات يُلهبان السيولة
تعزو مصادر مالية هذا الارتفاع إلى تزامن الفترة مع العطلة الصيفية وموسم الأعياد، حيث تزداد النفقات العائلية والسفر والشراءات الموسمية، مثل مستلزمات عيد الأضحى وعيد الصغير. وتضاعف تأثير هذه العوامل مع القيود الجديدة المفروضة على استعمال الشيكات، ما أدى إلى توجه مكثف نحو التعاملات النقدية.
ومنذ 22 جويلية الجاري، تسجّل مستويات التداول النقدي أرقامًا قياسية يوميًا تقريبًا، ما يعكس تحولًا واضحًا في سلوك المستهلكين والمستثمرين على حد سواء.
تراجع غير مسبوق في الشيكات
وتكشف النشرة الرسمية للمدفوعات في تونس، الصادرة عن البنك المركزي في جوان الماضي، عن تقهقر شديد في استخدام الشيكات خلال الربع الأول من 2025، بعد دخول قانون الشيكات الجديد حيّز التنفيذ.
- انخفض عدد الشيكات المعالجة إلكترونيًا بنسبة 62% ليبلغ 2,33 مليون شيك فقط.
- لم تمثّل الشيكات سوى 16,3% من أدوات الدفع الإلكترونية من حيث العدد، مقارنة بـ 36% في نهاية 2024.
- أما من حيث القيمة، فقد تراجع مجموع الشيكات بنسبة 48,3% ليصل إلى 15,99 مليار دينار، ولم تتجاوز مساهمتها 30,1% من إجمالي المدفوعات الإلكترونية، بعد أن كانت تمثل 51%.
إزالة القيود على تبرير السيولة تزيد الضبابية
وفي خطوة مثيرة للجدل، ألغت السلطات منذ أكتوبر 2024 إلزامية تبرير مصدر الأموال النقدية الكبيرة المحتفظ بها، ما قد يُفسَّر بأنه تشجيع غير مباشر على الاقتصاد الموازي أو غسيل الأموال، في وقت تعاني فيه البلاد من ضعف الرقابة الجبائية وتضخم السوق السوداء.
تداعيات اقتصادية وقانونية محتملة
و أكد أستاذ الاقتصاد رضا الشكندالي لتونيزي تيليغراف ” ان ارتفاع حجم التداول نقدا يعكس تفاقم حجم الاقتصاد الموازي وبالتالي حجم المعاملات خارج الأطر المنظمة وبالتالي امكانية تفاقم العمليات المشبوهة التي لا تترك أثرا يمكن للدولة متابعته. هذا يشجع هذه المؤسسات الدولية بادراج الدول التي تتميز بارتفاع حجم التداول نقدا في القائمات السوداء “
وسط هذه المؤشرات، تبرز الحاجة إلى مراجعة عاجلة لسياسات النقد والتعاملات المالية في تونس، من خلال:
- تطوير البنية التحتية للدفع الإلكتروني.
- تشجيع إدماج الاقتصاد الموازي في الدورة الرسمية.
- إعادة النظر في القوانين ذات الصلة بالسيولة النقدية.
- فرض رقابة صارمة على المعاملات الكبرى خارج النظام المصرفي.

