الرئيسيةالرقص مع الذئاب

الرقص مع الذئاب

التلميح الذي ألقى به رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بالدعوة الى تشكيل حكومة تكنوقراط او حكومة انتخابية جاءت  لتؤكد مرة أخرى  شكوكا بقيت تراوح مكانها حول نوايا رئيس الحركة وصدقيته في الابقاء على التحالف الهش القائم بين حركته ورئيس الحكومة يوسف الشاهد الذي غلف بغطاء المحافظة على الاستقرار الحكومي ولكن مع الاعلان عن ميلاد الحزب الجديد المحسوب على رئيس الحكومة استشعرت حركة النهضة الخطر الداهم خاصة وان استطلاعات الرأي تؤكد في كل مرة صعود نجم حليفها وتبؤه المكانة الأولى في الانتخابات الرئاسية القادمة حتى وان تأكد ان الشاهد لا يتطلع مطلقا لقصر قرطاج لمعرفته بمحدودية سلطاته ولكن رئيس حركة النهضة يعمل الان على قطع الطريق أمامه ويسعى الى ارباكه  عبر  وضعه في زاوية  ضيقة تشبه الزقاق  ليكون تحت كلكلها بعد ان أجبرته على دق اسفين بينه وبين حزبه ورئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي

ويقول العارفون بخبايا الأمور ان حركة النهضة ثبتت نفسها بعد ان ضمنت حصول شرخ كبير في صفوف الحزب المنافس لها وهو حركة نداء تونس لتمر في مرحلة ثانية لمنع اي رأب لصدع شقوقه

حسابيا اصبحت حركة النهضة ضمانة الشاهد الوحيدة  مما دفعها الى مواصلة ابتزازه وابتزاز رئيس الجمهورية  في مرحلة أخرى ولكن مع الاعلان عن المولود الجديد اختلطت الأوراق وتغيرت  الحسابات

واليوم اصبح واضحا ان طرح حركة  النهضة ليس مع احد بل مع ذاتها فهدفها يراه حتى الأعمى لا شاهد قوي ولا باجي قوي والأفضل ان  ترتفع الجدران بينهما

لقد تحولت بلادنا خلال الأسابيع القليلة الماضية الى ما يشبه ساحة  لمصارعة الثيران  ليكتشف المتفرجون  بعد مقدمات محتشمة تواصلت لأسابيع وجه المصارع او المتادور كما يطلق عليه الاسبانيون ليكتمل المشهد ويجد الكثير منا أننا كنا نعيش خدعة كتلك التي تنهي حياة الثور في ساحة الصراع

دعونا نقدم الصورة كما هي عليه فحين ينزل المتادور الى ساحة القتال يلوح بمنديل أحمر نحو الثور الذي يسارع بكل قواه نحو هذا المنديل ليصيبه مقتلا ويتكرر المشهد عدة مرات وهدف الثور لايتغير المنديل ألاحمر دون سواه لكنه في غفلة من أمره  وبعد أن تخور قواه يخرج المتادور  الخنجر  القاتل من تحت المنديل وتنتهي حياة الثور في مشهد تختلط فيه الأحاسيس بين مشفق على الثور واخر فخور بدهاء المتادور

وهذه المشاهد والمشاعر ليست مختلفة عما نعيش فغالبيتنا بقيت  مشدودة الى المنديل الاحمر دون ان تنتبه الى  ما يخفى تحتها من خناجر  قاتلة

لقد التبست  الحالة السياسية على الكثير من التونسيين وهم يراقبون ما يحدث هذه الأيام من فوضى شبيهة بتلك الفوضى التي عشناها مع نهاية مرحلة  الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة

وفي الاثناء يتربع زعيم حركة النهضة على المشهد السياسي ليديره كما يشاء  دافعا الحزب الذي أطاح به في انتخابات أكتوبر 2014  الى التآكل الذاتي عبر تغليبه لشق على حساب الشق الاخر  بعد ان بنى قلاعا عالية حول حزبه لا يقدر على تجاوزها اي كان فيما كان يحول اختلال الأداء والفوضى لدى خصمه الأول الى مخزون سيستخدمه لا محالة في الساعة المناسبة وقد دقت عقاربها هذه الايام

اما ساكن قصر قرطاج فانه مازال يرى في نفسه المنقذ الذي يعتقد ان مجرد حضوره قد يدفع بأمور  حزبه والبلاد نحو الأحسن

ولكن ما يثير الحيرة حقا انه وما تبقى من المحيطين به لم يروا ان هناك فجوة بين ما يحاول المنقذ قوله وما يسمعه الناس الذين كانوا يرون فيه الرجل الوحيد القادر الى العبور بهم الى بر الامان

فبدلا من ان يعالج المخاوف ويحقق الجزء القليل من وعوده أدخل الذئب الذي حذرهم منه الى بيته وأذن للعبة جديدة لتنطلق رغم المخاطر المحدقة بها لقد أوقع نفسه في مصيدة  ادعى انه غير قادر على تجنبها

وفي خضم كل هذه المكائد هناك تجاهل للناس العاديين الذين بدأوا يكتشفون أن حلمهم بدأ يتحول الى كابوس فالصراع انحسر داخل بيته  وبدأ  يتحول مع مرور  الوقت الى  مقدمة حريق قد يأتي على الأخضر واليابس فيما يقدم نفسه من ألقى بعود الثقاب  أنه رجل المطافئ الوحيد لا نقاذ الموقف

و لكنه لا يعلم أننا اكتشفنا  في النهاية أننا بالغنا في تقديرنا لحنكته ودهاءه ولكن بعد فوات الأوان

وأخيرا هناك سؤال يطرح دوما  لصالح من كل هذا

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

مواضيع أخرى

error: Content is protected !!