اختار الصمت والتواري عن الأنظار نهائيا الا للالتقاء بأفراد عائلته فقط لابعاد كل الشبوهات حول امكانية عودته على السطح السياسي والاجتماعي والأمني في تونس على الرغم من خبرته الكبيرة
لقد حاول في أكثر من مرة ايصال رسائل عبر من زاره في بيته بمنطقة المرسى وعدد من هؤلاء مازالوا في مواقع هامة في الدولة
بأنه أصبح من الماضي وليست له أية طموحات ولكن رغم ذلك بدأ اللغط يتصاعد حوله وحول مستقبله فالرجل طوال عمله في المؤسستين الامنية والعسكرية يعرف الكثير والكثير .
ولكن حين تساله ان كانت له طموحات يجيبك بضحكة فيها الكثير من الرسائل قبل ان يجيبك ” كان بامكاني ان افعل ذلك يوم 14 جانفي 2011 والفرصة كانت أكثر من سانحة ولكني رجل منضبط ومتشبع بمادئ الجمهورية واحترام مؤسساتها “
يبدو ان الرسالة لم تصل بالشكل الواضح للذين يتابعون ما يفعله هذه الايام اللواء المتقاعد خليفة حفت راو عبدالفتاح السيسي
ومن أجل ذلك يسعى علي السرياطي ان يبعد هذه الاوهام عن هؤلاء وليخبرهم مرارا وتكرارا أن همه الوحيد هو ان يخصص كل الوقت للاعتناء بعائلته وخاصة أحفاده
اللعبة انتهت بالنسبة اليه رغم انه لم يشارك فيها وفق الاف الصفحات التي تضمنها قرارا ختم البحث .وبالتالي يمكننا الادعاء اليوم أنه من الصعب جدا أن يتوجه مدير الأمن الرئاسي علي السرياطي برسالة مباشرة الى الشعب التونسي بعد أسبوع واحد من اطلاق سراحه فالرجل يؤكد مرارا وتكرارا لكل من زاره ولأقرب الناس اليه أنه ” رجل الماضي ” ويتطلع فقط الى ان يرى احفاده وحفيداته في بلد مزدهر ومستقر .
والسرياطي الذي واجه اقسى التهم بعد ايقافه الغامض يوم 14 جانفي 2011 بعد ان اقنع الرئيس السابق زين العابدين بن علي بمغادرة البلاد وتجنيب تونس أسوأ السيناريوهات التي نرى أمثلة منها في سوريا وليبيا فهو الرئيس الوحيد الذي غادر بلاده خلافا لبيقية رؤساء الدول التي شهدت انتفاضات مماثلة لتونس .
وحسب المقربين من الجنرال السرياطي فان هذا الرجل المحترف في ميدانه لا يعرف عنه أي انتماء حزبي أو سياسي بل انضباطه لامن وجيش جمهوريين .
السرياطي اكد لمن زاره من عائلته او اصدقائه انه يريد ان ينسى المحنة التي مر بها فهو عوض ان يكرم كبطل جنب البلاد حمام دم محقق وجه بأبشع التهم والحملات التي لا تؤيدها أية أدلة مادية ” ولكن السرياطي يقول فترة السجن التي قضيتها ربما كانت حماية لي وأنا أؤمن بالقضاء والقدر ” حسب ما نقله عنه أحد أقربائه .
ويؤكد كل من اطلع بشكل دقيق على تفاصيل ما حدث يوم 14 جانفي 2011 أن قصر قرطاج كانت أبوابه مشرعة امام علي السرياطي فهو الوحيد الذي كان يعلم بالفراغ الحاصل في السلطة وكان بامكانه أيضا ان يصدر أوامره وهو في الايقاف بمنع دخول الوزير الاول محمد الغنوشي ورئيسي مجلسي النواب والمستشارين فؤاد المبزع وعبدالله القلال الى قصر قرطاج والقيام بالاجراءات الدستورية التي انهت فترة حكم بن علي
والسرياطي الذي قضى اكثر من ثلاث سنوات في السجن تعرض الى عملية تشنيع منذ اليوم الاول لايقافه بثكنة العوينة اذ تعمد من خطط لذلك الايقاف لتسريب معلومات لصحفية لوموند ايزابيل موندرو بان السريطاي القي عليه القبض على الحدود التونسية يوم 15 جانفي وهو يحاول الهروب خارج البلاد في حين كان الرجل رهن الايقاف ولم يكذب اي من المسؤولين هذا الخبر
وبعد نحو سنتين التقيت ايزابيل ماندرو في بهو صحيفة لوموند لتخبرني انها تعرضت للمغالطة وتعتذر عن ذلك وتسجيل هذا الاعتذار موجود بالصوت والصورة.
ج-ع

