تحولت بلادنا خلال الأسابيع القليلة الماضية الى ما يشبه ساحة لمصارعة الثيران ليكتشف المتفرجون بعد مقدمات محتشمة تواصلت نحو سنة وجه المصارع او المتادور كما يطلق عليه الاسبانيون
ليكتمل المشهد ويجد الكثير منا أننا كنا نعيش خدعة كتلك التي تنهي حياة الثور في ساحة الصراع
دعونا نقدم الصورة كما هي عليه فحين ينزل المتادور الى ساحة القتال يلوح بمنديل أحمر نحو الثور الذي يسارع بكل قواه نحو هذا المنديل ليصيبه مقتلا ويتكرر المشهد عدة مرات وهدف الثور لايتغير المنديل ألاحمر دون سواه لكنه في غفلة من أمره يخرج النبل القاتل من تحت المنديل وتنتهي حياة الثور في مشهد تختلط فيه الاحاسيس بين مشفق على الثور واخر فخور بدهاء المتادور
وهذه المشاهد والمشاعر ليست مختلفة عما نعيش فغالبيتنا ظلت مشدودة الى المنديل الاحمر دون ان ننتبه ما يخفى تحتها من نبال قاتلة
لقد التبست الحالة السياسية على الكثير من التونسيين وهو يراقبون ما حدث قبل يوم واحد في مدينة سوسة وهم يتابعون مؤتمر نجل الرئيس الذي انتهى بتتويجهه كما أراد ملكا على ساحة الحزب الأول فيما تحولت الاعناق لمراقبة ما يجري في قصر المؤتمرات في العاصمة اين تمكن الابن المتمرد محسن مرزوق من شد الأنظار اليه ولا نعرف الان ان كان قادرا على تحويل هذا التمرد الى انتصار
وفي الاثناء يتربع زعيم حركة النهضة على المشهد السياسي ليديره كما يشاء دافعا الحزب الذي اطاح به في انتخابات أكتوبر 2014 الى التاكل الذاتي عبر تغليبه لشق على حساب الشق الاخر بعد ان بنى قلاعا عالية حول حزبه لا يقدر على تجاوزها اي كان
فيما كان يحول اختلال الاداء والفوضى لدى خصمه الاول الى مخزون سيستخدمه لا محالة في الساعة المناسبة
اما ساكن قصر قرطاج فانه مازال يرى في نفسه المنقذ الذي يعتقد ان مجرد حضوره قد يدفع بأمور حزبه والبلاد نحو الأحسن
ولكن ما يثير الحيرة حقا انه والمحيطين به لم يروا ان هناك فجوة بين ما يحاول المنقذ قوله وما يسمعه الناس
الذين كانوا يرون فيه الرجل الوحيد القادر الى العبور بهم الى بر الامان
فبدلا من ان يعالج المخاوف ويحقق الجزء القليل من وعوده أدخل الذئب الذي حذرهم منه الى بيته وأذن للعبة جديدة لتنطلق رغم المخاطر المحدقة بها
لقد أوقع نفسه في مصيدة ادعى انه غير قادر على تجنبها
وفي خضم كل هذه المكائد هناك تجاهل للناس العاديين الذين بدأوا يكتشفون أن حلمهم بدأ يتحول الى كابوس

