الرئيسيةأخبار تونستونس : أربع منظمات وطنية في عين العاصفة

تونس : أربع منظمات وطنية في عين العاصفة

تشهد تونس منذ أشهر حالة من التوتر والارتباك داخل أربع منظمات وطنية رئيسية، تعكس أزمة أعمق في المشهد الاقتصادي والاجتماعي الوطني. من اتحاد الشغل الى الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري مرورا بمنظمة الأعراف وصولا الى الهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين . فلننطلق بالأزمة الأخيرة

في الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، أثار تقديم معز بن زيان لاستقالته من رئاسة المنطقة الفلاحية جدلاً واسعًا بعد أن تراجع عن قراره، مما كشف عن انقسامات داخل الاتحاد بين من يدعو إلى احترام النظام الداخلي الذي يلزم المجلس المركزي بالموافقة على الاستقالة، وبين من بدأ تطبيق إجراءات مؤقتة برئاسة النائب الأول محمد الشرقي. هذا الانقسام يهدد استقرار المنظمة ويضعف قدرتها على متابعة أنشطتها الفلاحية والصيد البحري.

أما الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة ، فقد وجد نفسه في قلب اتهامات حادة من رجل الأعمال طارق مكاشر، الذي يقبع في السجن منذ أكثر من 20 شهرًا، متهمًا المنظمة بـ«التخلي عن رجال الأعمال التونسيين» وعدم الدفاع عنهم أمام القضاء، وتجاهل المبادرات القانونية أو الإعلامية لدعم حقوقهم. وينتقد المكشر صمت المنظمة الرسمي، محذرًا من العواقب الاقتصادية والاجتماعية لإهمال الدفاع عن رجال الأعمال المحتجزين، خصوصًا في وقت تواجه فيه تونس تحديات اقتصادية كبيرة. كما تتعرض المنظمة الى انتقادات بين الفينة والأخرى حول عدم انجاز المؤتمر الذي طال أمده وتجاوز العامين بالتمام والكمال .

الشلل المؤسسي لا يقتصر على الفلاحة والتجارة، بل امتد إلى الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي يعيش مرحلة دقيقة للغاية وسط أزمة غير مسبوقة مع السلطة والانقسامات الداخلية حول الأولويات. إذ يرى بعض النقابيين أن الدفاع عن المنظمة ضد السلطة يعلو على أي خلاف داخلي، فيما يرى آخرون أن أي مواجهة لا يمكن أن تنجح بقيادة فقدت شرعيتها أو أضعفت ثقة القواعد. هذه الانقسامات تهدد وحدة المنظمة وتؤثر على قدرتها في الدفاع عن حقوق العمال ومكتسباتهم.

على صعيد آخر، تشهد الهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين أزمة حادة تهدد صورتها ومصداقيتها، بعد صدور حكم قضائي بحل المجلس الوطني الخامس والعشرين للهيئة، ورفض بعض الأعضاء تنفيذه. وانتقد الرئيس السابق إلياس بلاغة ما وصفه بـ«ساحة لعب للأطفال»، حيث تغلب الاعتبارات الشخصية على المصلحة العامة، مع غياب الرؤية المستقبلية والمهنية. وأكد بلاغة على ضرورة استعادة النضج الجماعي واحترام القرارات القضائية لضمان مصداقية الهيئة واستقلاليتها، مؤكدًا أن المهنة تتطلب هيئة تليق بمقامها، لا مسرحًا للصراعات الداخلية والرداءة المستمرة.

هذه الأزمات الأربع، رغم اختلاف طبيعتها، تشترك في مظهر واحد: ضعف المؤسسات الوطنية وفقدانها القدرة على الاستجابة للمتطلبات القانونية والمهنية، ما يهدد الثقة لدى الأعضاء والمستثمرين، ويزيد من تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي. إن استمرار هذه الحالة يضع تونس أمام تحدٍ مزدوج: الحفاظ على استقرار المؤسسات الوطنية وإعادة بناء الثقة في دورها الاجتماعي والاقتصادي، مع ضمان الشفافية والمساءلة كشرط أساسي لاستمراريتها.

في النهاية، تبدو الحاجة ملحة لإعادة هيكلة هذه المنظمات، وضمان قيادة مؤهلة وشفافة، قادرة على حماية مصالح الأعضاء وتعزيز الاستقرار الوطني، بعيدًا عن الصراعات الداخلية والمصالح الضيقة.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

مواضيع أخرى

error: Content is protected !!