في خطوة صادمة، جدّد النائب بالبرلمان أحمد السعيداني ليلة الاحتفال بعيد الجمهورية دعوته إلى “التخلّص” من المعارضين السياسيين، دعوة اعتبرها مراقبون ذروة في التحريض والكراهية، خاصةً أنها صادرة عن نائب يشغل — ويا للمفارقة — عضوية لجنة الحقوق والحريات بالبرلمان.
وليست هذه المرة الأولى التي يطالب فيها السعيداني بتطبيق عقوبة الإعدام على المعارضين. ففي مناسبات متعددة، وصف قادة المعارضة الموقوفين في قضية “التآمر على أمن الدولة” بأنهم “عملاء للخارج”، معتبرا أن الحكم بالإعدام هو العقوبة “الأنسب لهم”.

وفي مارس الماضي، لم يتردّد السعيداني في مهاجمة المناضل عز الدين الحزقي، والد السجين السياسي جوهر بن مبارك، ووجه له اتهامات حادة، متوعّدًا ببذل كل ما في وسعه لتنفيذ أحكام الإعدام ضد المحسوبين على المعارضة.
ردًا على هذه التدوينات، تقدّم المحامي محمد عبو بشكاية رسمية إلى وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس، نيابة عن عز الدين الحزقي، جوهر بن مبارك، غازي الشواشي، ورضا بالحاج — المودعين بسجن المرناقية — ضد النائب أحمد السعيداني بتهمة التحريض العلني ونشر الأكاذيب.
تصريحات متواصلة… وصمت رسمي
ورغم العاصفة التي أثارتها تصريحاته السابقة، لم يتوقف السعيداني عن التحريض. ففي أحدث منشور له، كتب:
“لا مكان للعملاء فوق هذه الأرض، فلنجد لهم مكانًا تحت الأرض، إن لم تكن بالشرعية القانونية فلتكن بالمشروعية الأخلاقية والتاريخية. كان من الضروري التخلّص منهم من البداية.”
وزير التربية الأسبق محمد الحامدي علّق ساخرًا:
“طبعا النيابة العمومية لن تشاهد المنشور.”
أما الصحفي محمد اليوسفي فكتب:
“هذا المواطن في رصيده حفنة من الأصوات ويُسمّى زورًا نائب شعب. يُفترض إما عرضه على طبيب للتحري في مداركه العقلية أو محاسبته بالقانون لأنه تجاوز كل الحدود.”
تضارب صارخ مع مهامه البرلمانية
المفارقة الكبرى التي فجّرت غضب الحقوقيين، أن السعيداني عضو بلجنة الحقوق والحريات — أي اللجنة المكلفة نظريًا بالدفاع عن الحق في الحياة، حرية التعبير، ضمانات المحاكمة العادلة، وكرامة المواطنين — بينما لا يتورّع في خطاباته عن تبرير القتل السياسي وتصفية الخصوم، تحت غطاء “المشروعية الأخلاقية والتاريخية”.
وقد اعتبرت منظمات حقوقية أن استمرار مثل هذا الخطاب من داخل مؤسسات الدولة هو بمثابة تطبيع مع “العنف “، ويقوّض ما تبقّى من مساحة الحوار والتعدّد.
مطلب محاسبة… لا مجرد استنكار
في ظل صمت البرلمان وغياب تحرّك من النيابة العمومية، جدّد ناشطون ومثقفون مطالبتهم بمحاسبة السعيداني قانونيًا، على خلفية التحريض المباشر على العنف، والإساءة لشخصيات وطنية كانت في قلب النضال من أجل الحريات والديمقراطية.

