توقع خبراء اقتصاديون ان تشمل الموجة الثانية من العقوبات الخليجية والمصرية على قطر «سحب ودائع البنوك المركزية والتجارية للدول المقاطعة الموجودة في البنوك القطرية، وسحب وإلغاء تراخيص فروع البنوك القطرية في هذه الدول، إلى جانب وقف كل الأنشطة المتعلقة بمجال تجارة التجزئة والاتصالات والاستثمار العقاري».
ونقلت صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية الصادرة أمس الاثنين عن الاقتصادي حسين شبكشي قوله ان ما سيحصل هو شبيه بتسونامي مرعب للاقتصاد القطري، موضحاً أنها لن تقتصر على المحيط الإقليمي، بل ستطال الاستثمارات القطرية الأجنبية في العديد من الدول من بينها الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، حيث ينتظر أن تتحرك البرلمانات والإعلام بفتح ملفات المال القطري المشبوه في هذه الدول، وإجبارها على التخلي عن الاستثمارات القطرية.
ويتساءل العديد من الخبراء المحليين إن كانت هذه الاجراءات ستطال الاستثمارات القطرية في تونس خاصة وان هذا البلد الخليجي هو المستثمر العربي رقم واحد في تونس ولكن ليس بالحجم الذي تعرفه استثماراته في أوروبا والولايات المتحدة الامريكية فعلى سبيل المثال بلغ حجم الاستثمارات القطرية في فرنسا طوال الخمس سنوات الاخيرة 10 مليار دولار في حين لم يتجاوز الاستثمار القطري في تونس الـ43 مليون دولار أي بنسبة ٪13 من جملة الاستثمارات الأجنبية المباشرة وفق بيانات رسمية.
وشهد نسق المساعدات والهبات واتفاقيات التعاون بين تونس ودولة قطر نسقا تصاعديا بشكل كبير منذ سنة 2011.
وبعد اتفاقية التعاون العسكري تواصلت المساعدات القطرية إلى تونس، ليتم كذلك افتتاح المكتب الـ15 لجمعية قطر الخيرية التي بلغ حجم استثماراتها في تونس نحو 15 مليون دولار، فضلاً عن مساهمة أمير قطر بما قيمته قرابة 20 مليون دولار في صندوق المال المشترك الذي استحدثته الحكومة التونسية لتعويض المساجين السياسيين والمنتفعين بالعفو التشريعي العام.
ووفقاً لبيانات قطرية رسمية فقد وضعت دولة قطر في البنك المركزي التونسي وديعة بـ500 مليون دولار لدعم احتياطي تونس من العملة الأجنبية، بالإضافة إلى بعث صندوق الصداقة القطري بتونس في ماي 2013 وأطلق الصندوق مؤسسة تيسير للقروض الصغرى، وتضم أربع وكالات متنقلة تتمثل في حافلة مجهزة بمكتب تهدف بالخصوص إلى تقريب الخدمات من الحرفيين داخل الأحياء الشعبية وفي المناطق الأقل حظاً وقدرت الكلفة الإجمالية لمشروع الوكالات المتنقلة الذي يعد الأول في تونس بنحو 500 ألف دولار.
كما شرعت شركة الديار القطرية في إنجاز المنتجع السياحي الصحراوي بتوزر، وتقدر تكلفة المشروع بنحو 80 مليون دولار ويشمل منتجعاً بمساحة 400 ألف متر مربع، ويتضمن إقامة بـ63 غرفة فندقية ونادياً صحياً ومطعماً ومنشآت أخرى في منطقة الصحراء التونسية ومرافق صحية وملعباً لكرة المضرب وعدداً من المطاعم والمحلات التجارية، ومرافق للمؤتمرات ومسرحاً رومانياً وخيمة كبيرة على الطراز العربي ومركزاً للاستشفاء والاستجمام سيكون جاهزا سنة 2018 .
وفي أفريل الماضي قالت وزيرة المالية السابقة لمياء الزريبي إن تونس حصلت على تمويلات قطرية بقيمة مليار دولار كان أمير قطر تعهّد بها العام الماضي.
وأضافت أن 500 مليون دولار وهي قيمة وديعة قطرية منذ سنوات في البنك المركزي التونسي ستحول إلى موازنة تونس بينما ستخصص 500 مليون دولار أخرى لإعادة تمويل قرض قطري قديم حل أجل استحقاقه ومن المنتظر أن تستضيف القاهرة يوم غد الأربعاء اجتماعا يضم أربعة وزراء خارجية من مصر والامارات والسعودية والبحرين «لمتابعة تطورات الموقف من العلاقات مع قطر» بحسب بيان لوزارة الخارجية المصرية أمس الاثنين.
وقال المتحدث باسم الوزارة، وفقا للبيان، ان الاجتماع المزمع انعقاده في الخامس من جويلية جاء بناء على دعوة الوزير المصري سامح شكري ويتناول «تنسيق المواقف والتشاور بين الدول الأربع بشأن الخطوات المستقبلية للتعامل مع قطر».
وانتهت الأحد المهلة التي حددتها المملكة السعودية وحليفاتها لقطر للرد على مطالبها التي تسلمتها الدوحة عن طريق الكويت الساعية لحل هذه الأزمة الخليجية. وأعلنت قطر انها ستقدم ردها على المطالب وعددها 13 في رسالة خطية يسلمها وزير خارجيتها الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الى أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.
وطلبت الكويت اثر ذلك من الدول الأربع تمديد المهلة لـ48 ساعة وهو الأمر الذي وافقت عليه الدول في بيان مشترك مؤكدة أنها ستدرس رد الحكومة القطرية و«تقيِّم تجاوبها مع قائمة المطالب كاملة».
وتشمل المطالب التي قُدّمت رسمياً الى الدوحة في 22 جوان إغلاق قناة “الجزيرة” وخفض العلاقات مع طهران الخصم اللدود للرياض في الشرق الاوسط، واغلاق قاعدة تركية في الإمارة.
وقطعت الدول الأربع في الخامس من جوان علاقاتها مع قطر واتهمتها بدعم المجموعات المتطرفة، وهو ما تنفيه الدوحة. وأغلقت هذه الدول مجالها الجوي أمام الطائرات القطرية وأغلقت السعودية حدودها معها والتي تشكل الطريق البري الوحيد لاستيراد المواد الغذائية.
من جهة أخرى انطلقت أمس الاثنين الجلسة الأولى في قضية تعاملات «باركليز» المشبوهة مع قطر حيث يمثُل 4 من المديرين في البنك أمام محكمة «Westminster» البريطانية بتهم تتعلق بالاحتيال والفساد في عمليتين مصرفيتين تمتا خلال الأزمة المالية في عام 2008 عندما تفادى باركليز الحصول على حزمة إنقاذ حكومي من خلال الحصول على تمويل بقيمة 12 مليار جنيه إسترليني من مستثمرين أغلبهم قطريون. وقدم البنك في المقابل قرضاً بصورة غير قانونية للحكومة القطرية بقيمة 3 مليارات دولار كما قام بدفع رسوم غير قانونية قيمتها 322 مليون جنيه إسترليني إلى جهاز قطر للاستثمار. وفي حال ثبوت تورط البنك ومسؤوليه، فقد يواجه باركليز عقوبات قد تصل إلى إغلاق مكاتبه في الدولة المعنية أو دفعه غرامات بمئات ملايين الدولارات.

