الرئيسيةأخبار تونس"قالت له: لا أعرفك!"… كيف بدأت قصة حب غير متوقعة بين راقصة...

“قالت له: لا أعرفك!”… كيف بدأت قصة حب غير متوقعة بين راقصة بيلاروسية ولطفي بوشناق؟

نشر موقع قناة RT الروسية حوارًا مطولًا مع راقصة الباليه البيلاروسية إينا بوشناق، التي انتقلت إلى تونس منذ أكثر من ثلاثين عامًا، وأصبحت اليوم شخصية معروفة في الأوساط الثقافية والتربوية بالعاصمة. وقد تناولت في الحوار تفاصيل حياتها الخاصة والمهنية، بداية من لقائها بزوجها الفنان لطفي بوشناق في كوريا الشمالية، وصولًا إلى تأسيس مدرسة لتعليم الرقص في تونس، وعلاقتها بعائلة الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.

تقول إينا بوشناق إنها التقت بزوجها لطفي بوشناق لأول مرة في بيونغ يانغ عام 1987، عندما كانت تبلغ من العمر 19 عامًا، وكانت تشارك في جولة فنية ضمن فرقة الباليه التابعة للجوقة الأكاديمية البيلاروسية. وأوضحت أن بوشناق كان يشارك في المهرجان نفسه كمطرب وملحن، وأنه وقع في حبها من النظرة الأولى بعد أن رآها على خشبة المسرح، وبدأ في تتبع عروضها الفنية، متنقلًا إلى كل بلد تُقام فيه عروضها، من مينسك إلى إيطاليا وألمانيا.

وتضيف أنها في تلك الفترة كانت فتاة شابة محافظة، ولم تكن تسمح له بالتقرب منها، وكانت تخشى من كلام زملائها في الفرقة. لكن لطفي استمر في محاولاته لمدة عامين. وأثناء جولة فنية في برلين، خرجا في نزهة طويلة في طقس بارد حتى الخامسة صباحًا، ما تسبب في مرضها. وعندما جاء قائد الفرقة ميخائيل درينيفسكي لاستدعاء الإسعاف، تفاجأ بوجود لطفي وقال إنه رآه من قبل، فأجابت إينا وهي على الفراش: «أنا لا أعرفه».

وبعد عامين من المتابعة واللقاءات الفنية، نجح لطفي في كسب قلبها، ثم دعاها بعد خمس سنوات إلى تونس، فقبلت لأنها أحبته ورغبت في تكوين أسرة، وتزوجا رسميًا في عام 2002.

وتحدثت إينا عن زوجها بفخر، وقالت إنه يشغل منصب سفير النوايا الحسنة للأمم المتحدة، ويحظى باحترام كبير ليس فقط في الدول العربية بل في العالم أجمع. وأشارت إلى أن اهتمام وسائل الإعلام العالمية بأخباره ومقابلاته، حتى قبل بثها، يعكس أهمية صوته ومكانته الفكرية والفنية. كما ذكرت أن زوجها لا يغني كثيرًا عن الحب، بل يستخدم الفن كأداة لنقل رسائل إنسانية واجتماعية تدعو للسلام، وهي تشاركه هذه القيم وتدعمه فيها بالكامل.

— "قالت له: لا أعرفك!"… كيف بدأت قصة حب غير متوقعة بين راقصة بيلاروسية ولطفي بوشناق؟

وعن علاقتها بعائلة زوجها، أوضحت إينا أن حماتها كانت ترفض قبولها في البداية، لأنها أجنبية ومسيحية. لكن لطفي فرض الواقع وأعلن أنها ستكون زوجته. لم تكن تتقن العربية آنذاك، فكانت تزور حماتها أثناء غياب زوجها في الجولات الفنية، تطبخ معها، تنظف البيت، وتخرج معها في نزهات، وكانت تطلب منها أن «تحكّ بطنها» قبل النوم كما كانت تفعل والدتها، فبدأت العلاقة بينهما تذوب تدريجيًا.

وتروي أن حماتها بدأت تقترب منها أكثر، وكانت إينا تدلّك رأسها حتى تنام. وقبيل وفاتها، حاولت الحماة أن تعطيها مالًا ومجوهرات، لكنها رفضت ذلك بكل احترام، وقالت لها: «يا نانا، أنا أحبك، ولن يأخذ مكانك أحد». عندئذ بكت الحماة واعتذرت لأنها رفضتها في البداية، وقالت: «أنت أقرب لي من الجميع». وتقول إينا إنها جلست عند رأسها أثناء الجنازة، وكان جميع أفراد العائلة يعلمون مدى حبها لها.

وتعتبر إينا أن حماتها كانت أول معلمة لها للغة العربية، وكانت بمثابة ملاك حارس في غربتها. وقد أوفت بوعدها لحماتها، إذ سمت ابنتها “صوفيا” على اسمها.

أما عن الإنجاب، فكشفت إينا أن الأطباء أخبروها بعد كارثة تشيرنوبيل أنها تعاني من خلل تام في الجهاز التناسلي، ولا يمكنها إنجاب الأطفال. وتقول إنها تعرضت للإشعاع عندما كانت على بُعد 50 كيلومترًا فقط من تشيرنوبيل في عام 1986، وكانت آنذاك مستلقية على شرفة تتشمس بينما الجميع يرتدون بدلات واقية، ولم تكن تدري بخطورة الوضع.

— "قالت له: لا أعرفك!"… كيف بدأت قصة حب غير متوقعة بين راقصة بيلاروسية ولطفي بوشناق؟

ورغم هذه التقديرات الطبية القاتمة، لم تفقد الأمل، وكانت تدعو كثيرًا أثناء مرافقتها لزوجها في جولة فنية إلى فلسطين. وقد أقاما آنذاك في مقر إقامة الرئيس الراحل ياسر عرفات، وتوطدت علاقتها بزوجته سهى عرفات التي كانت تعرفها من تونس. وكانت تذهب يوميًا إلى بيت لحم وتصلي أمام مغارة ميلاد المسيح، وتدعو قائلة: «يا رب، لا أريد شيئًا، فقط طفلًا». وفي عام 2002 رزقت بابن، وبعد ثلاث سنوات أنجبت ابنة.

وقالت إن ابنها اليوم يبلغ من العمر 23 عامًا ويدرس إدارة الأعمال ويحب الفن، أما ابنتها البالغة من العمر 19 عامًا فتطمح إلى دراسة الطب لكنها تميل أيضًا إلى الفن. وأشارت إلى أن أبناءها يتحدثون الروسية والعربية والفرنسية والإنجليزية، ويشاركون في نشاطات الجالية الروسية في تونس.

— "قالت له: لا أعرفك!"… كيف بدأت قصة حب غير متوقعة بين راقصة بيلاروسية ولطفي بوشناق؟

وأضافت أنها عضو في مجلس تنسيق الجالية الروسية، وأبناؤها أعضاء في الجناح الشبابي، وأعربت عن سعادتها بحياتها العائلية وبأنها محاطة بأناس رائعين.

وعن نشاطها المهني في تونس، أوضحت أنها بدأت منذ انتقالها في عام 1993 بتدريس الرقص في المركز الثقافي الروسي (الذي أصبح اليوم «البيت الروسي في تونس»)، وأن المشروع تطور إلى مدرسة باليه، بدأت بـ27 تلميذًا، ثم تجاوز العدد 300. وأضافت أن الغالبية العظمى من الطالبات تونسيات، وأنهن متحمسات لتعلم الباليه الروسي أكثر من الرقص الشرقي.

وأكدت أنها لا تكتفي بتعليمهن الرقص، بل تهتم بحياتهن النفسية والاجتماعية، وتتلقى اتصالات من أولياء الأمور إذا واجهت التلميذات مشكلات، فتتدخل وتزورهن في أي وقت. وقالت إن الأطفال القادمين من أسر فقيرة يشاركون في الدروس مجانًا، وأنها توصلهم بسيارتها عند الحاجة، وأن كل العروض التي تقدمها مجانية وتعود أرباحها للأعمال الخيرية.

وعن أعمالها الفنية، تحدثت عن أول باليه كتبته بعد جائحة كورونا على موسيقى من تأليف زوجها، تخليدًا لذكرى أناستاسيا شيرينسكايا، إحدى رموز الجالية الروسية في تونس، والتي أثّرت فيها كثيرًا في بدايات غربتها. كما قدّمت عرضًا ثانيًا بعنوان «زغرة»، تناولت فيه النظرة المجتمعية السلبية لمهنة الراقصة في العالم العربي.

وأكدت أنها تدمج في أعمالها بين الموسيقى الكلاسيكية (رحمانينوف، تشايكوفسكي، خاتشاتوريان) والطابع الشرقي، وأنها تعتبر نفسها ابنة ثقافتين: السلافية والعربية.

وعن تعاونها مع السفارة الروسية، أكدت إينا أنها تقدم سنويًا عروضًا فنية ضمن الفعاليات الثقافية والخيرية، وأنها ساهمت في جمع تبرعات لصالح أطفال ونساء فلسطين، وتوجهت بالشكر إلى السفارة و«البيت الروسي» على الدعم المتواصل، مشيرة إلى أنها مواطنة بيلاروسية لكنها تخدم روسيا من قلبها.

— "قالت له: لا أعرفك!"… كيف بدأت قصة حب غير متوقعة بين راقصة بيلاروسية ولطفي بوشناق؟

وفي الختام، استذكرت زيارة الفنان الروسي فيليب كيركوروف إلى تونس سنة 2001، وقالت إنه كان معجبًا جدًا بالبلاد لدرجة أنه لم ينم حتى الخامسة صباحًا. وتعاون مع زوجها لغناء أغنيته “أنت أنت أنت” باللهجة العربية، وخرج العمل بنكهة شرقية جميلة.

وختمت حديثها بالقول إن تونس أصبحت وطنها الثاني بعد روسيا، مضيفة: «أحب هذه البلاد بكل ما فيها. لا شيء يضاهي شروق الشمس وغروبها هنا… والأهم، أنني محاطة بأفضل الناس».

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

مواضيع أخرى

error: Content is protected !!