الرئيسيةأخبار تونسأين الحافلات الصينية؟ أسئلة تنتظر الإجابة وسط صمت مطبق

أين الحافلات الصينية؟ أسئلة تنتظر الإجابة وسط صمت مطبق

مرّ شهر كامل على وصول الدفعة الأولى من الحافلات الصينية إلى تونس، كما أعلنت وزارة النقل في بلاغ رسمي بتاريخ 18 جوان 2025.

وهي صفقة جاءت في أعقاب زيارة أداها وزير النقل إلى الصين يوم 23 فيفري، وُصفت حينها بالخطوة العاجلة لدعم أسطول النقل العمومي.

لكن اليوم، وبعد مضي أسابيع، لا أثر لهذه الحافلات في الشوارع أو محطات النقل، ولا مؤشرات واضحة حول موعد دخولها حيز الاستغلال، ما يثير تساؤلات ملحّة: أين ذهبت؟ ولماذا لم تُستخدم إلى الآن؟

تصريحات رئاسية تفتح الملف من جديد

في لقاء جمعه بوزير النقل يوم 8 جويلية الجاري، أكّد رئيس الجمهورية على ضرورة التسريع في شحن عدد من الحافلات من الخارج لتخفيف معاناة المواطنين في التنقّل. هذا التصريح بدا كإشارة سياسية جديدة على أولوية الملف، لكنه في الوقت ذاته أعاد التساؤل إلى الواجهة: إذا كانت دفعة من الحافلات قد وصلت بالفعل منذ شهر، لماذا لم تُستغل بعد؟

التفسير الغائب

في ظل غياب التوضيحات الرسمية، تبقى التأويلات مفتوحة. من بين الفرضيات المطروحة أن الحافلات تخضع لمراحل المعاينة الفنية من قبل الوكالة الفنية للنقل البري، المختصة بالتثبت من مطابقتها لشروط السلامة والمواصفات المعتمدة وطنيًا.

ولا نعلم، إلى حد الآن، إن كانت كراسة شروط الصفقة قد نصّت صراحة على احترام المواصفات الفنية التونسية أو الدولية. ما هو مؤكد أن أحد الشروط الأساسية الذي ورد في الصفقة، بحسب المعلومات المتاحة، هو التسليم في أقصر الآجال الممكنة، وهو ما قد يكون رجّح كفة المزوّدين القادرين على سرعة الإنجاز.

معايير قديمة وسط تحوّلات عصرية

في خضمّ الجدل القائم حول التأخر غير المبرّر في استغلال الدفعة الأولى من الحافلات الصينية، تعود إلى الواجهة مسألة المواصفات الفنية المعتمدة في تونس لاعتماد الحافلات المخصصة للنقل العمومي. فهل يُعقل أن البلاد لا تزال تُقيّم هذه المركبات وفق معايير وضعت منذ أكثر من أربعة عقود، وتحديدًا سنة 1979؟

تلك المواصفات، التي نُشرت آنذاك في الرائد الرسمي، ما تزال تُعد المرجع الرسمي في تحديد صلاحية الحافلات لدخول الخدمة. وتنص، على سبيل المثال، على أبعاد قصوى للحافلة (12 مترًا للطول، و2.60 مترًا للعرض، و4 أمتار للارتفاع)، وشروط تتعلق بعدد المقاعد، إلى جانب متطلبات تخص الحافلات داخل المدن، مثل المساحة المخصصة للوقوف وسهولة الصعود.

70 واقفًا بدل 90؟

وفي هذا السياق، تتداول بعض الأوساط الفنية أنباء عن أن الحافلات المستوردة لا تسمح إلا بوقوف 70 راكبًا فقط، في حين أن المواصفات الفنية التونسية تسمح بوقوف ما يصل إلى 90 راكبًا داخل الحافلة الواحدة. وإن صحّت هذه المعطيات، فهي قد تُفسّر سبب تأخّر دخول الحافلات حيّز الخدمة، نتيجة ضرورة إعادة تقييمها أو تعديل توزيعها الداخلي لتتطابق مع الشروط المحلية، حتى وإن كانت مطابقة لمواصفات دولية.

هل واكبت كراسات الشروط هذه التحديات؟

رغم أن تونس صادقت على اتفاقيات دولية تعتمد معايير اللجنة الاقتصادية لأوروبا (UNECE) ومعايير الاتحاد الأوروبي بخصوص السلامة والانبعاثات والتجهيزات، ولا يعرف ان كانت كراسات الشروط المرتبطة بالصفقات الأخيرة لاوضحت اعتماد هذه المواصفات الحديثة، وركزت فقط على شرط التسليم السريع. هذا الغموض قد يكون ساهم في استبعاد عدد من المزودين المحليين أو الإقليميين، أو حتى تسبب في استيراد حافلات قد تتطلب تعديلات لتتواءم مع المواصفات التونسية.

المواطن ينتظر… والتوضيح ضروري

في النهاية، المواطن هو الطرف المتضرر الأول من تأخر دخول الحافلات حيز الاستغلال، في وقت يعيش فيه النقل العمومي أزمة حادة. والمطلوب اليوم ليس فقط كشف مصير الحافلات، بل تقديم توضيحات دقيقة حول المعايير المعتمدة في قبولها، ومدى صلاحية القوانين القديمة في مواكبة التطورات التقنية الدولية.

هل الحافلات وصلت لكنها غير مطابقة للمواصفات المحلية؟
هل يمكن للوزارة اعتماد المعايير الدولية مباشرة في الصفقات العمومية؟
وهل آن الأوان لتحديث المرجع الفني المنظم لهذا القطاع الحساس؟

أسئلة مشروعة تنتظر إجابات، ولا يمكن أن تبقى معلّقة في ظل أزمة نقل لم تعد تحتمل التأجيل.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

مواضيع أخرى

error: Content is protected !!