في ظل تقاطر مئات المواطنين يوميًا على مركز الصندوق الوطني للتأمين على المرض (كنام) في مدينة باجة، يُطرح سؤال مُلحّ: متى تتخذ الإدارة القرار الجريء والضروري بالانتقال إلى مقرّ جديد؟
السؤال لم يعد إداريًا أو لوجستيًا فقط، بل تحوّل إلى قضية تتعلق مباشرة بسلامة البشر وأمنهم، بعد أن كشفت تقارير فنية وهندسية مخاطر جسيمة تحيط بالمبنى الحالي.
تقارير رسمية تدق ناقوس الخطر
زيارة فجئية قامت بها الهيئة العامة للوقاية والسلامة المهنية بتاريخ 5 ديسمبر 2023، كشفت عن إخلالات كبيرة في البنية التحتية والسلامة العامة داخل مقرّ “الكنام”، من أبرزها:
- اهتراء السقف وتآكل الهيكل الخرساني.
- غياب وسائل الإنقاذ والإسعاف الأولي.
- نقص في التهوئة والإنارة.
- غياب منظومة مراقبة بالكاميرات وأجهزة الإنذار.
- شبكة كهرباء غير مراقبة، مع انعدام الأبواب المقاومة للنار ومخارج الإخلاء الآمنة.
وصف التقرير هذه النقائص بأنها أخطار جسيمة تستدعي التدخل الفوري، مؤكّدًا أن استمرار العمل في هذا المبنى يمثل تهديدًا حقيقيًا لسلامة الأعوان والمرتادين.

شركة هندسية تطالب بالإخلاء الفوري
الأخطر من ذلك، أن شركة SECURAS المختصة في السلامة الهندسية أصدرت تقريرًا في مارس 2025، أوصت فيه بإخلاء أحد المباني فورًا (الكتلة 6)، بعد تسجيل تشققات وتفتت في الخرسانة وتآكل الحديد نتيجة الصدأ والرطوبة، وهو ما يجعل السقوط أو الانهيار الجزئي احتمالًا واردًا وخطيرًا.
وأضاف التقرير أن الأشغال توقفت منذ 2019 دون أي حماية للمنشأة، رغم وجود خطة مصادق عليها للتدعيم الهيكلي منذ جانفي 2020.

أمام هذه التقارير، تتواصل عمليات استقبال المواطنين بشكل يومي، وكأن شيئًا لم يكن.والمطلوب هو خطوات ملموسة وحثيثة نحو إيجاد بديل، ولم يُعلن إلى الآن عن موعد رسمي للانتقال إلى مقر جديد، في وقت يرى فيه الخبراء أن الانتظار لم يعد خيارًا.
وفي تدوينة نشرتها المحامية رحاب بن عبدة السماعلي، دعت الجميع إلى الانتباه إلى الوضع الخطير الذي يعيشه العديد من المواطنين والموظفين في باجة، حيث يزور المئات من المواطنين يوميًا الإدارتين التابعتين للصندوق الوطني للتأمين على المرض (CNAM) والصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية (CNRPS).

لكن، وعلى الرغم من أن هذه الإدارات تعمل في مبانٍ متهالكة، التي صدرت بحقها قرارات إخلاء فورية منذ مدة، لم تُنفذ هذه القرارات بعد. وأعربت المواطنة هناء عن قلقها الشديد، مشيرة إلى أن جدران المبنى مملوءة بالشقوق، والحديد الظاهر يزيد من المخاوف، إلى جانب رائحة الرطوبة التي تملأ المكان. وأضافت: “ما فهمتش كيفاش يخدمو فيها الموظفين، وكيفاش متحملين الوضع… ربي يقدر الخير ويحمي الجميع.”

