اعتبرت الأستاذة المحامية نادية الشواشي أن الدعوة إلى خفض سنّ عدم المؤاخذة الجزائية إلى عشر سنوات ليست خطوة إصلاحية، بل تشكل انتهاكًا للدراسات العلمية والسياسات العقابية المعتمدة عالميًا.
وأوضحت أن هذه المقترحات تمثل محاولة لتعميم العقاب على الأطفال، معتبرة أن مجرد الفكرة تحمل خطورة كبيرة، إذ من الممكن أن يُحاسب طفل في الخامسة من عمره على سلوكيات طفولية بسيطة، مثل المشاجرة أو أخذ قطعة حلوى، على أنها سرقة موصوفة.
وأكدت الشواشي أن تحميل الأطفال نتائج إخفاق المنظومة في الوقاية والحماية ليس الحلّ، وأنه بدل التركيز على إصلاح المدرسة، ودعم الأسرة، وتعزيز الحماية الاجتماعية، وتوفير بيئة سليمة للطفل، يتم البحث عن الطريق الأسهل: معاقبة الطفل قبل أن تتكوّن مداركه القانونية والنفسية.
وشددت على أن التشريعات لا تُسنّ تحت ضغط الخوف أو الانتقام، بل تُبنى على العلم والمعايير الدولية واتفاقيات حقوق الطفل التي التزمت بها تونس، موضحة أن تجريم طفل في سن العاشرة لا يحل المشكلة، والحل يكمن في دولة ترعى وتحمي، لا في دولة تعاقب وتتملص من مسؤولياتها.
وأكدت الشواشي أن مواجهة جرائم الأحداث تتطلب إصلاح المجتمع ومعالجة أسباب الانحراف، وليس تحميل الصغار وزر إخفاق الكبار.
مقارنة مع دول عربية وغربية
- الدول الغربية: في معظم الدول الأوروبية، مثل فرنسا و ألمانيا و السويد، يبدأ تطبيق المسؤولية الجزائية على الأطفال عادة من سن 12 إلى 14 عامًا، مع التركيز على الوقاية، التأهيل، والإرشاد الاجتماعي بدل العقاب الصارم.
- الدول العربية: تختلف القوانين بشكل ملحوظ، ففي المغرب والجزائر، على سبيل المثال، يبدأ تطبيق المسؤولية الجزائية للأطفال من سن 12 عامًا أيضًا، مع وجود أنظمة تدعم الإصلاح والتأهيل أكثر من العقاب.
- توصيات الأمم المتحدة: اتفاقية حقوق الطفل توصي بعدم محاكمة الأطفال قبل سن 12 عامًا، مع التركيز على حمايتهم، تعليمهم، ودعم بيئتهم الأسرية والاجتماعية.

