أعلنت وزيرة اللجوء والهجرة البلجيكية آنلين فان بوسويت عن نيتها إنهاء الملف القضائي المتعثر لنزار طرابلسي، اللاعب السابق لكرة القدم والمدان في قضايا إرهاب.
بحسب الوزيرة، يجب إعادة طرابلسي إلى تونس في أسرع وقت ممكن، مؤكدة بوضوح: «الإرهابيون المدانون لا مكان لهم في مجتمعنا».
لكن هذا الموقف يعيد الحكومة البلجيكية إلى قلب معضلة قديمة: التوازن بين حماية المجتمع وبين احترام النظام القانوني الدولي .

أكثر من عشرين عامًا من القضايا والمحاكم
تعود القضية إلى عام 2003، حين حكم القضاء البلجيكي على طرابلسي بعشر سنوات سجن بتهمة التخطيط لهجوم على قاعدة الناتو في كلاينه بروغل لصالح تنظيم القاعدة. بعد قضاء العقوبة، سُلّم إلى الولايات المتحدة عام 2013، حيث قضى عشر سنوات في الحبس الاحتياطي على خلفية نفس الوقائع، لتبرأه هيئة محلفين أمريكية في 2023.
وبعد أقل من عام، أعيد طرابلسي إلى بلجيكا على متن رحلة مدنية من مطار دالاس إلى بروكسل، برفقة عناصر من الأمن البلجيكي وموظفين من الهجرة الأمريكية، حيث تم احتجازه فور وصوله إلى ميركسلاس.
عند هبوطه في مطار زافنتم، كان طرابلسي يحمل أشياء قليلة: سماعات، مشط، أدوية، جهاز استنشاق، 185 دولارًا وخمسة عملات معدنية، إضافة إلى وثيقة laissez-passer التي حصل عليها بعد ضغط قضائي طويل. ورغم إصدار المحكمة البلجيكية للوثيقة، إلا أن السلطات الأمنية كانت مترددة في استقباله بحرية.

تم تصنيفه كخطر أمني “متوسط” (المستوى 2 من 4) من قبل الأجهزة البلجيكية، بينما تقارير FBI أشارت إلى أنه قد يظل مصدر تأثير على السجناء المتطرفين، رغم غياب أي دليل على نية مباشرة لارتكاب أعمال إرهابية.
الوجهة المحتملة: تونس
تونس هي الوجهة الطبيعية لترحيله، لكونه يحمل جنسيتها، لكنه هناك يواجه حكمًا عسكريًا بالسجن 20 عامًا مع مزاعم بتعرضه لمخاطر التعذيب وسوء المعاملة، وهو ما جعل بلجيكا والولايات المتحدة تعهدتا بعدم تسليمه إليها.
القضاء الأمريكي أكد مؤخرًا عدم إمكانية إعادة طرابلسي إلى بلده الأصلي لأسباب تتعلق بحقوق الإنسان، فيما أبدت وزارة الخارجية البلجيكية عزمها ترحيله إلى تونس، ما أثار جدلًا واسعًا حول الضمانات المقدمة بشأن سلامته.
أصبح ملف طرابلسي أكثر من قضية فردية؛ فهو يمثل معضلة الدول الأوروبية في التعامل مع إرهابيين مدانين أو مبرّئين لا ترغب أي دولة في استقبالهم. وبالنسبة للحكومة البلجيكية، هو اختبار لقدرتها على الموازنة بين الأمن الداخلي والتزاماتها الدولية، بينما بالنسبة للمنظمات الحقوقية، يمكن أن يصبح سابقة خطيرة في حقوق الإنسان.
اليوم، وبعد أكثر من 24 عامًا على إدانته، ما زال نزار طرابلسي محتجزًا، يتساءل بمرارة:
“هل سأبقى محرومًا من حريتي بسبب ما حدث قبل ربع قرن؟”

