داولت مواقع وصفحات على شبكات التواصل الاجتماعي مؤخرًا تصريحات منسوبة لرئيس سابق لجهاز المخابرات الأمريكية، عقب استقالته، تتعلق بدور الولايات المتحدة في موجات “الربيع العربي” التي شهدتها عدة دول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مطلع العقد الماضي.
ووفقًا لما نُسب إليه، فإن المسؤول السابق أقر بأن بلاده “أخطأت في التعامل مع تلك المرحلة الحساسة”، مشيرًا إلى أن “محاولات التغيير في مصر وتونس وسوريا وليبيا اتسمت بالتسرع وسوء التقدير”، مؤكدًا أن مليارات الدولارات صُرفت على منظمات مجتمع مدني وحقوقي داخل تلك الدول “دون جدوى واضحة”، بحسب تعبيره.
كما تحدث في التصريحات المتداولة عن نتائج عكسية غير متوقعة، من بينها “صعود تنظيم داعش الإرهابي وتنامي الفوضى”، مشيرًا إلى أن إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما كانت تسعى إلى “إضعاف جيوش المنطقة، على غرار ما حدث في العراق“، غير أن محاولات إضعاف الجيش المصري “باءت بالفشل”، وفق ما جاء في التصريح.
وأضافت المنشورات أن الإدارة الأمريكية قامت بتدريب نشطاء وحقوقيين “لتقويض الأنظمة”، معتبرًا ما حدث لاحقًا في مصر يوم 30 جوان 2013 “انتفاضة شعبية أنقذت البلاد من دمار شامل”.

وتعكس هذه التصريحات المضللة وجهة نظر نقدية لمسار السياسات الأمريكية في المنطقة خلال فترة “الربيع العربي”. لكنها في المقابل، لم تصدر عن أي جهة رسمية أمريكية، ولم تؤكدها أي وسيلة إعلام أمريكية أو دولية موثوقة حتى اللحظة، مما يثير الشكوك حول مدى صحتها ومصدرها الأصلي.
وكانت تصريحات سابقة منسوبة إلى وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، هيلاري كلينتون، قد أُثيرت في السياق ذاته، إلا أن كثيرًا منها اتضح أنه إما مجتزأ أو أُخرج عن سياقه، وفق ما أثبتته مراجعات وتحقيقات إعلامية موثوقة.
وعند الحديث عن تونس: هذا ما قاله جيمس كلابر رسميًا في الكونغرس
وفي المقابل، فإن التصريحات الرسمية الموثقة تكشف صورة أكثر دقة بشأن موقف أجهزة الاستخبارات الأمريكية من تطورات الأحداث في تونس تحديدًا. ففي جلسة استماع أمام لجنة الاستخبارات بمجلس النواب الأمريكي سنة 2011، أكد مدير الاستخبارات الوطنية آنذاك، جيمس كلابر، أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية كانت تتابع حالة التوتر والاحتجاجات الاجتماعية في شمال أفريقيا، لكنها لم تكن قادرة على التنبؤ بتوقيت اندلاع الثورات أو نتائجها.
وقال كلابر، خلال الجلسة، في إشارة مباشرة إلى تونس:
“حتى زين العابدين بن علي، الرئيس الذي فر من تونس، لم يكن يعلم، وهو يقود سيارته صباحًا إلى مقر عمله، أنه سيكون على متن طائرة مغادرًا للبلاد في المساء.”
وأضاف: “لقد صدرت مئات التقارير حول الوضع في شمال أفريقيا، لكن تحديد المحفزات الدقيقة التي تؤدي إلى الانفجار الشعبي ليس أمرًا ممكنًا دائمًا.”
وفي سياق متصل، أشار مدير وكالة الاستخبارات المركزية آنذاك، ليون بانيتا، إلى إنشاء فريق مكوّن من 35 محللًا لمراقبة الرأي العام، وتحليل دور الإنترنت في تنظيم الاحتجاجات داخل دول مثل تونس ومصر.
وشدد كلابر في شهادته أمام الكونغرس على أن التركيز الأساسي لأجهزة الاستخبارات آنذاك كان موجّهًا نحو التهديدات الإرهابية من تنظيم القاعدة وفروعه، مؤكدًا أن هذه التهديدات ما تزال تحتل الأولوية القصوى في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي.

