الرئيسيةأخبار تونسالخطوط التونسية: "المصائب لا تأتي فرادى"

الخطوط التونسية: “المصائب لا تأتي فرادى”

في حادثة تعكس مرة أخرى عمق الأزمة التي تمر بها شركة الخطوط التونسية، تحوّلت الرحلة TU629 الرابطة بين بوردو (فرنسا) وتونس، والتي كانت مبرمجة ليوم 27 جوان 2025، إلى كابوس حقيقي للمسافرين، بعدما تم تأجيلها أكثر من 18 ساعة وسط فوضى تنظيمية وغياب أي إحاطة إنسانية، وفق شهادة مباشرة نشرتها إحدى قريبات راكبة على وسائل التواصل الاجتماعي.

تفاصيل الواقعة (المصدر: شهادة راكبة على فيسبوك)

تم إعلام الركاب منذ صباح 27 جوان بأن الرحلة قد أُلغيت، غير أن اتصالات هاتفية مع الشركة أكدت أن الرحلة “لا تزال مبرمجة”، وتواصل ذلك عند مكاتب التسجيل في مطار بوردو.
تم تسجيل الركاب وإدخالهم إلى منطقة التفتيش والانتظار، ليبقوا حتى الواحدة صباحًا من يوم 28 يونيو دون أي توضيح أو تحديث. ثم أُبلغوا فجأة بأنه “لا توجد رحلة”.

تم استرجاع الأمتعة، وبعد ساعة انتظار لحافلة لم تصل، طُلب منهم التوجه إلى الفندق بوسائلهم الخاصة.
إحدى المسافرات، وهي سيدة مسنّة، فقدت وعيها نتيجة الإجهاد، وتدخّلت إحدى موظفات المطار وساعدتها عبر نقلها بسيارتها الخاصة إلى الفندق الذي يبعد نحو 30 دقيقة.

في صباح اليوم التالي، أُبلغ المسافرون مجددًا بمواعيد متغيرة لسيارات الأجرة، قبل أن يُتركوا مرة أخرى لمصيرهم.
وصلوا إلى المطار، حيث أعيدت إجراءات التسجيل عدة مرات، دون السماح لهم بعبور التفتيش الأمني.
وبعد ساعات إضافية من الانتظار، غادرت الطائرة أخيرًا في الساعة 17:45 من يوم 28جوان ، أي بعد أكثر من 18 ساعة من الموعد الأصلي.

— الخطوط التونسية: "المصائب لا تأتي فرادى"
— الخطوط التونسية: "المصائب لا تأتي فرادى"
— الخطوط التونسية: "المصائب لا تأتي فرادى"

وفقًا للقانون الأوروبي CE 261/2004، تندرج الرحلة TU629 بين بوردو وتونس يومي 27 و28 جوان ضمن الرحلات التي تخوّل كل مسافر الحصول على تعويض قدره 250 يورو بسبب التأخير الكبير وانعدام الرعاية.
وأكدت ذلك منصتا AirAdvisor وAirHelp، حيث أوضحت الأخيرة أيضًا أن كل الركاب يحق لهم المطالبة بالتعويض القانوني، لكون شروط التأخير الكبير (أكثر من 3 ساعات) قد تحققت.

كشفت منصة AirHelp أيضًا أن شركة الخطوط التونسية سجّلت في آخر 24 ساعة فقط أداءً ضعيفًا جدًا:
من بين 514 رحلة جوية نفذتها الشركة، لم تغادر في الوقت المحدد سوى 15.95% فقط، ما يعكس مستوى اضطراب غير مسبوق في انتظام الرحلات.

ويوضح المهتمون بالنقل الجوي الأسباب على النحو التالي وذلك عبر منصة REDDIT: لدى الخطوط التونسية عدد قليل من الطائرات في أسطولها، لذا فهي تقوم بما تقوم به أي شركة طيران أخرى في وضعها: تستأجر طائرات إما بعقود “دراي ليز” (تأجير جاف) أو بنظام ACMI، وهو تأجير قصير أو طويل الأجل يشمل الطائرة والطاقم والصيانة والتأمين.

من بين الشركات المزوّدة المعروفة:
Privilege Style، Air Belgium، GetJet Airlines، SmartLynx Airlines، وHi Fly.

المشكلة حسب ذات المصدر أن هذه الطائرات المؤجرة تعتبر رخيصة نسبيًا، لكنها تسجّل معدلات منخفضة جدًا من حيث جودة الخدمة.
يبدو أن الخطوط التونسية إما لا تهتم، أو لا تعرف كيف تُدير المخاطر. فعندما تبيع التذاكر للمسافرين، فإنها تفترض ببساطة أن الشركة المؤجِّرة ستوفّر طائرة في الوقت المحدد لتأمين الرحلة.

لكن، وكما هو متوقّع، غالبًا ما تتأخر الطائرة المؤجّرة، لأن نفس الطائرة التي تُؤجر لـTunisair على نظام ACMI (Aircraft, Crew, Maintenance, and Insurance)قد تكون في ذلك الوقت تُستخدم من قبل شركة طيران أخرى.

فإذا كانت تلك الشركة الأخرى قد واجهت تأخيرات بسبب الطقس أو أسباب أخرى، فإن وصول الطائرة إلى مطار تونس قرطاج سيتأخر أيضًا.
بعد ذلك، تدخل سلسلة من الإجراءات: التزود بالوقود، تبديل الطاقم، الفحوصات، وربما الصيانة، ما يمكن أن يُحوّل تأخير ساعة واحدة إلى تأخير يدوم لأيام.

المشكلة هنا ليست بالكامل في المزوّدين، بل في الخطوط التونسية نفسها.
وأنا شبه متأكد (وأقول ذلك من باب التخمين) أنهم لا يزالون يستخدمون الأوراق والمطبوعات الوردية لحجز هذه الطائرات، وهو بحد ذاته سبب كبير في حصول التأخيرات. وحتى لو كانوا يستعملون أنظمة معلوماتية، فربما هي مجرد محطات طرفية قديمة من نوع 100 كيلوبايت تحتاج إلى إصلاح من طرف مهندسين ذوي شهادة “باك+3” كل يومين.

وفوق ذلك، لا أعتقد حتى أنهم يحاولون البحث عن مزوّدين أفضل.
إما أنهم تورطوا بعقود إيجار طويلة المدى لا يستطيعون الخروج منها، أو ببساطة يفتقرون للخبرة أو الكفاءة لاتخاذ قرارات أفضل.

في المجمل، ومثلها مثل كثير من الشركات التونسية، تحتاج الخطوط التونسية إلى الاعتماد على التكنولوجيا بشكل جاد إن كانت ترغب في الخروج من دوامة “تأخير، تأخير، تأخير”.
كما يجب أن تعيد التفكير في طريقة التوظيف بدلًا من إعادة تدوير نفس الأشخاص مرارًا وتكرارًا.

اين خطة الاصلاح

رغم “وعود متراكمة منذ العام 2011″، لا يوجد أي دليل على تنفيذ مثل هذه الخطة، حتى إنها لم تُعرض للنقاش الجدي، مما يؤدي إلى وصفها بأنها غير قابلة للعثور أو غير موجودة أصلا .

وفي مارس الماضي انتقد الرئيس قيس سعيد وضع الخطوط الجوية التونسية وتراجع مستوى الخدمات والفوضى والمحسوبية ما أثر على أدائها، داعيا إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لإصلاح الوضع بالمؤسسة العمومية، في وقت يتساءل فيه مراقبون عن سر تأخر عملية الإصلاح بالرغم من تأكيد قيس سعيد على ذلك في أكثر من مرة.

وأكّد الرئيس سعيد في لقائه يوم 25 مارس 2025 بقصر قرطاج وزير النقل رشيد عامري والمكلفة بالإدارة العامة لشركة الخطوط الجوية التونسية حليمة خواجة على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة في كافة المستويات لوضع حدّ لما آلت إليه الشركة.

وقال قيس سعيد خلال هذا اللقاء “لا الأوضاع داخل الطائرات مقبولة ولا مواعيد الإقلاع والهبوط محترمة، كما أنّ الخدمات يمكن أن تكون أفضل ممّا عليه اليوم بكثير.” وأضاف أنّ “أسطول الطائرات الذي كان يبلغ 24 طائرة تراجع إلى 10 فقط، والفحص الفنّي للطائرات الذي لا تتجاوز مدته عند إحدى الشركات المصنّعة الكبرى 10 أيام تجاوز في تونس 123 يوما، وهو ما كلّف الناقلة الوطنية خسائر مالية فادحة بلغت عشرات المليارات من الدينارات كان بالإمكان اقتناء طائرات جديدة بها، فضلا عن الانتدابات التي تمّت بالولاءات والمحاباة وبصفة غير شرعية ودون وجه حقّ ولم تكن هناك أي حاجة إليها.”

إقرأ المزيد

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

مواضيع أخرى

error: Content is protected !!