تمكن القطاع السياحي من تسجيل تميز ملحوظ تأكد خلال الأعوام الاخيرة لما يشتمل عليه من خصائص تجعله يتبوّأ مكانة مرموقة. ومن هذه الخصائص وجود بنية أساسية عصرية ومنتوج ثري قادر على المنافسة يسهر على تطويره و إنجاحه مهنيون أكفاء قادرين على التأقلم مع حاجياته بمساعدة دؤوبة ومتواصلة من طرف هياكل الاشراف، يضاف إلى ذلك قرب البلاد التونسية من أكبر تجمع سياحي عالمي وهو الإتحاد الأوروبي. هذا، ويبقى الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والمناخ الآمن الذي يمتاز به التونسيون أهم عنصر يجعل البلاد مقصدا لملايين السياح.
كشفت معطيات مذكرة البنك المركزي التونسي الصادرة اليوم الثلاثاء 10 سبتمبر 2024، بلوغ إيرادات السياحة التونسية نهاية اوت من العام الحالي 4874.9 مليون دينار وهو ما يعادل 1.44مليار أورو مقابل 4564.7 أي ما يعادل 1.36 مليار اورو دينار خلال نفس الفترة من العام 2023 مما يعني تسجيل زيادة بقيمة 310.2 مليون دينار وبنسبة 6.8 بالمائة.
وتأتي هذه الأرقام لتؤكد الدفع القوي الذي يوفره قطاع السياحة التونسي للقطاع الخارجي حيث تمثل عائداته حوالي 18.7 بالمائة من مدخرات البلاد من العملة الأجنبية التي تناهز 26062.6 مليون دينار أي ما يعادل نحو 118 يوم توريد.
في نفس السياق، تبيّن المعطيات الاحصائية أن تونس استرجعت منذ العام الفارط مؤشرات سنة 2019 بما جعل سلطة الإشراف تعتبر سنة 2023 سنة مرجعية وذلك بعد استعادة حصص الأسواق المفقودة عقب جائحة كورونا. وأعلنت مؤخرا ادارة الدارسات بالديوان الوطني التونسي للسياحة أن سلطة الاشراف تعمل على استقطاب 10 مليون سائح مع موفى 2024 حيث أوضحت أن السنة الحالية اتسمت بمؤشرات واعدة، وعلى هذا الاساس تتوقع مصالح وزارة السياحة وفق التقديرات أن يكون هذا العام، عام اعادة التموقع وصحوة القطاع السياحي التونسي.
هذا وتعد السوق الجزائرية أول سوق وافدة على السياحة التونسية ولها مكانة خاصة على مستوى المخططات الترويجية والخدمات باعتبار أن السائح الجزائري مختلف عن السائح الاوروبي، مما يدعم عمل مصالح وزارة السياحة على هيكلة السوق الجزائرية التي سجلت السنة الفارطة رقما قياسيا يتجاوز 3 مليون وافد.
كما مثلت السوق الداخلية طوق نجاة للسياحة التونسية خلال السنوات الاخيرة حيث فاق عدد الليالي المقضاة في بعض الفترات بالنزل 70% من الليالي المقضاة للسياحة الوافدة وأصبحت السوق الداخلية مكونا رئيسيا على مستوى مكونات أسواق السياحة التونسية وتدخل في المخططات الترويجية على غرار السوق الليبية والجزائرية من خلال العمل على توفير منتوج سياحي يتماشى ومتطلبات هذه الفئة من السياح.
وبلغت حصة السوق الداخلية خلال سنة 2023 حوالي ربع عدد الليالي المقضاة أي حوالي 25.8% من اجمالي عدد الليالي المقضاة بما يجعلها أول سوق على مستوى الليالي المقضاة.
وعلى مستوى الترويج، يتم التوجه الى الأسواق البعيدة على غرار السوق الصينية وأسواق جنوب شرق آسيا على غرار السوق الاندونيسية باعتبار القدرة الانفاقية العالية لهذه الفئة من السياح التي لا تبحث فقط عن السياحة الشاطئية، بل تبحث ايضا عن السياحة الثقافية وهو ما جعل تونس تبحث عن تنويع المنتوج السياحي ليشمل السياحة الثقافية وسياحة المؤتمرات والسياحة الرياضية.
في هذا الصدد، تولي كذلك مصالح السياحة التونسية اهمية بالغة ايضا للاسواق العربية حيث تعمل تونس على جذب أسواق عربية جديدة، وذلك في سياق إجراء دراسات على مستوى وزارة السياحة لفتح ممثلية سياحية بإحدى البلدان العربية لمزيد الاقتراب من السائح العربي وتنمية هذه الأسواق.
ووضعت سلط الاشراف هدفا يتمثل في 30 مليون ليلة مقضاة بتونس هذا العام، وتشير التوقعات الى امكانية تحقيقه مع نهاية السنة.