أكدّت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، أنّه بمُناسبة النظر في مطالب اعتماد مُقدمة من بعض الجمعيات التي تهتم بملاحظة الانتخابات وفي إطار التثبت من مدى توفر الشروط القانونية والترتيبية لمنح الاعتماد وخاصة شرط الحياد والاستقلالية والنزاهة، تمّ إشعار الهيئة من جهات رسمية بتلقي بعض تلك الجمعيات لتمويلات أجنبية مشبوهة بمبالغ مالية ضخمة ومصدرها متأتٍ من بلدان البعض منها لا تربطها بتونس علاقات ديبلوماسية- قد تكون اسرائيل فهي الدولة الوحيدة التي تقيم معها تونس علاقات ديبلوماسية التحرير –
وتبعا لذلك، تمّ رَفض مَنح الاعتماد لها، وإحالة ما توصلت به الهيئة، من معطيات، للجهات المعنية للتعهد و إجراء اللازم.
وخلف هذا القرار باحالة هذا الملف على أنظار القضاء من قبل هيئة الانتخابات عدة تساؤلات حول ما اذا كان للهيئة سلطة احالة القضايا المتعلقة بالمال الأجنبي المشبوه الى القضاء ولماذا لم يقم البنك المركزي بهذه الخطوة عبر اللجنة التونسية للتحاليل المالية المعروفة اختصارا باسم (CTAF) .
وحسب مصادرنا فان هذه اللجنة ليست مخولة قانونا بتقديم قضايا لدى المحاكم وان هناك جهات مخولة لوحدها بذلك على غرار البنوك وشركات التأمين والمحامون وعدول التنفيذ وتجار الذهب أما هيئة التحاليل المالية فان دورها تقديم التقارير ليس الا ويبدو ان هيئة الانتخابات هي من بادر بتقديم طلب في الغرض لتحيل اثر ذلك الملف الى الجهات القضائية .
وكان الكاتب العام للجنة التونسية للتحاليل المالية بالبنك المركزي لطفي حشيشة، أكد في مارس 2022 بأن القضاء التونسي أصدر قرارات بحل 47 جمعية متورطة في تلقي تمويلات أجنبية مشبوهة، فيما عرضت ملفات 36 جمعية أخرى على القضاء بشبهة تمويل الإرهاب والفساد المالي.
وقال حشيشة في تصريحات بثتها وسائل إعلام محلية ودولية إن “قيمة الأموال المجمدة في شبهات غسيل أموال بلغت نصف مليار دينار تونسي (ما يعادل 168.3 مليون دولار أميركي)”، مشيرا إلى أن هناك تمويلات وُجهت لعمليات إرهابية جدت في تونس عامي 2014 و2015.
وأضاف أن هذه الأموال تعود لذوات مادية ومعنوية أجنبية وتونسية، في إشارة إلى هذه الجمعيات، وذلك في وقت تستعد فيه السلطات لإصدار قانون جديد ينظم عمل الجمعيات في مسعاها لمحاصرة المال الأجنبي، خاصة المشبوه منه.
وقال حشيشة إن كل الضربات الإرهابية التي شهدتها تونس في سنتي 2014 و2015، يقف وراءها تمويل، مضيفا أن الاستراتيجية البديلة أثبتت أن مقاومة الجماعات الإرهابية على غرار تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) تمت عبر قطع التمويل عنها. وتابع أن تمويل الإرهاب لا يتم فقط عبر جمعيات، بل عن طريق أفراد أيضا أو شركات.
ولفت حشيشة إلى أنه غالبا ما يتم حصر شبهات الإرهاب في عدم إفصاح هذه الجمعيات عن أموالها، أو الكشف عن أصول أموال أو تمويلات من حسابات بالخارج، أو تحويل الأموال من الدول المانحة نحو دول أوروبية أخرى ثم إدخالها إلى تونس.
وكانت منظمة أنا يقظ، اعتبرت أمس أن تصريحات أحد أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، حول إحالة المنظّمة على النيابة العمومية بعد « اشعارات رسميّة » حول تلقيها تمويلات أجنبية مشبوهة، هي « محاولة يائسة لإلهاء الرأي العام عن الخروقات التي اقترفتها الهيئة بعدم تطبيقها للقانون، ولإقصاء منظمات المجتمع المدني من ملاحظة الانتخابات »، وفق تقديرها.
ولفتت المنظمة في بيان أصدرته يوم أمس الأحد 8 سبتمبر 2024، إلى أنّ أجهزة الدولة تعمل بشكل مستمرّ، وتراقب جميع التمويلات الأجنبية لمنظمات المجتمع المدني، ولا تنتظر تصريحات من هيئة الانتخابات، معتبرة أن هذه التتبعات التي وصفتها ب « الكيدية » ليست إلاّ دليلا على « عدم حياد واستقلالية هيئة الانتخابات ».
وأفادت بأنها ستمتثل إلى جميع الإجراءات والأحكام القضائية لإيمانها بعلوية القانون، خلافا لهيئة الانتخابات التي « لم تطبق قرارات المحكمة الإدارية »، حسب تعبيرها.
يذكر أن عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نجلاء العبروقي، صرحت أول أمس السبت، أن عددا من الجمعيات التي أودعت لدى الهيئة مطالب اعتماد لملاحظة الانتخابات الرئاسية، وردت في شأنها اشعارات من جهات رسمية حول تلقيها تمويلات أجنبية مشبوهة، وتمت إحالة هذه الاشعارات على النيابة العمومية، مضيفة أنه من بين هذه الجمعيات منظمة « أنا يقظ » وجمعية « مراقبون ».