أتذكرون السناتور بوب مينينديز، ذو النفوذ القوي والذي تقدم قبل نحو سنة بمشروع قانون لحماية الديموقراطية في تونس هو وزميله جيم ريش أنه يقف اليوم في قفص الاتهام متهمًا بتلقي رشاوى تصل قيمتها إلى مئات الآلاف من الدولارات.
ومن ساحة السياسة إلى قاعة المحكمة، ينتقل بنا هذا السيناتور البالغ من العمر 70 عامًا في رحلة لا تخلو من الذهب والنقود والسيارات الفاخرة، وكأننا نشاهد حلقة من مسلسل الهوامير على رأي الكاتب السعودي البارز عبد العزيز الخميس .
ويترقب المدعون في الولايات المتحدة في محاكمة السيناتور بوب مينينديز بتهمة الفساد بدء مرافعاتهم الختامية اليوم الاثنين بعد أكثر من 7 أسابيع من الاستماع إلى شهادات بشأن الادعاءات بأن السيناتور تلقى مئات الآلاف من الدولارات على شكل رشاوى.
ويقول ممثلو الادعاء الفدراليون في مانهاتن إن مينينديز سعى إلى مساعدة مصر في الحصول على مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية الأميركية ودعم المصالح التجارية والقانونية لرجال الأعمال في نيوجيرسي مقابل رشاوى نقدية وسبائك ذهبية ومدفوعات رهن عقاري وسيارات.
وخلال المحاكمة عُرضت على المحلفين سبائك ذهبية صادرها عملاء فدراليون من منزل مينينديز، حيث عثروا أيضا على أكثر من 480 ألف دولار نقدا، بعضها كان في مظاريف داخل معطف يحمل اسم السيناتور.
كما استمع المحلفون إلى اثنين من المدعين من نيوجيرسي قالا إن مينينديز أعرب لهما في اجتماعات خاصة عن قلقة بشأن معاملة معاونيه الذين كانوا يخضعون للتحقيق الجنائي.
لكن لم يقل أي من المدعين إن السيناتور ضغط عليهم أو طلب منهم بشكل صريح القيام بأي شيء غير لائق.
كما استمع المحلفون إلى شهادة وسيط التأمين خوسيه أوريبي اعترف فيها برشوته لمينينديز.
مينينديز وتونس
فيوم 16 جوان 2023 قدم مينينديز وريش “قانون حماية الديمقراطية في تونس”، وهو تشريع يهدف إلى تعزيز المؤسسات الديمقراطية عبر تقليص التمويلات التي تستفيد منها تونس، إضافة لإنشاء صندوق لدعم الإصلاحات الديمقراطية.
ونصّ التشريع على الحد من التمويلات التي تستفيد منها تونس من وزارة الخارجية الأميركية بنسبة 25%، بما في ذلك المساعدة الأمنية، حتى ينهي الرئيس قيس سعيّد حالة الطوارئ المعلنة في 25 جويلية 2021، باستثناء التمويلات الموجهة للمجتمع المدني التونسي.
كما تضمن التشريع اعتماد 100 مليون دولار سنويا للسنتين الماليتين المقبلتين؛ لإنشاء “صندوق دعم الديمقراطية في تونس”، على أن يتاح المبلغ بعد تصديق وزير الخارجية على أن الحكومة التونسية “قد أحرزت تقدما في المعايير الديمقراطية، بما في ذلك استعادة سلطات البرلمان واستقلال القضاء ووقف المحاكمات العسكرية للمدنيين والاعتقالات التعسفية للصحفيين”.
وتمّ تقديم هذا القانون من قبل السناتورين الجمهوري جيم ريش (من ولاية أيداهو)، والديمقراطي بوب مينينديز (من ولاية نيوجيرسي) وهو عضو بارز ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ.
مينينديز ومصر
بعد توجيه القضاء اتهامات للسيناتور الأميركي، بوب مينينديز، بتلقي رشاوى مقابل تقديم معلومات للحكومة المصرية، ضمن اتهامات أخرى طالته، يتساءل البعض حول حقيقة حاجة القاهرة لمعلومات من سيناتور وهي التي تعد حليفة للولايات المتحدة.
صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” أجابت على هذا الاستفسار بالقول إن الأمر في الواقع يتعلق بالمساعادات التي تتلقاها القاهرة منذ سنوات من واشنطن، والتي تراجعت إلى حد كبير بسبب “تراجع الحريات وتدهور حقوق الإنسان، خصوصا خلال فترة حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي”.
واتهم مدعون فيدراليون مينينديز، بالسعي لمساعدة مصر في الالتفاف على القيود المفروضة على المساعدات، والتي فرضها الكونغرس بسبب سجل حقوق الإنسان في البلاد.
وتضمنت هذه الإجراءات، حسب الصحيفة، كتابة رسالة وهمية إلى أعضاء في مجلس الشيوخ تطلب منهم رفع الحجز عن 300 مليون دولار مخصصة لمصر.
ونفى مينينديز وزوجته، نادين، المتهمة هي الأخرى، بارتكاب أي مخالفات بالخصوص.
لسنوات، كانت مصر ثاني أكبر متلق للمساعدات الأميركية، بعد إسرائيل.
وكان هذا جزئيا مكافأة لاعترافها بإسرائيل وتعاونها في مجال تأمين الشريط الحدودي مع غزة، على طول البحر الأبيض المتوسط.
وخلال حكم الرئيس السابق، حسني مبارك، الذي دام ثلاثة عقود، لم يتغير كثيرا هذا الوضع، لكن خلال الربيع العربي، عندما أجبرت المظاهرات التي استمرت ثلاثة أسابيع تقريبا مبارك في عام 2011 على التنحي عن السلطة. وحوكم في نهاية المطاف بتهم تتعلق بقتل المتظاهرين في ميدان التحرير بالقاهرة، تغير كل شيء.