أعلنت بلدية الزهراء بولاية بن عروس عن انطلاق حملة مكثفة لمكافحة انتشار الكلاب السائبة في مختلف أحياء المدينة، وذلك “بعد تداول واسع على شبكات التواصل الاجتماعي وتناولت عدة مقالات صحفية الظاهرة التي أثارت قلق المواطنين حول خطرها على السلامة العامة. وأكدت البلدية في بلاغ رسمي أنّ القرار جاء استجابة لشكاوى متعددة من السكان، مشيرة إلى أن الحملة ستنطلق يوم الجمعة 29 أوت 2025، من الساعة العاشرة ليلاً إلى منتصف الليل، وستستمر لمدة شهر كامل، لتشمل كافة أحياء المدينة.”
ودعت البلدية المتساكنين إلى تفهّم دوافع الحملة ومساعدة فرقها في تحقيق أهدافها عبر الالتزام بعدم رمي الفضلات المنزلية خارج الحاويات المخصصة، وهو ما اعتبرته البلدية من الإجراءات الأساسية للحد من تجمع الكلاب في الشوارع. ورغم إعلان الحملة، لم تكشف البلدية بعد عن تفاصيل كيفية معالجة الظاهرة أو الأساليب العملية التي سيتم اعتمادها، مما يثير تساؤلات حول فعالية الإجراءات المتخذة، خاصة في ظل الطبيعة المعقدة لهذه الظاهرة.
ويشير خبراء في علم الحيوان وعلم البيئة إلى أنّ القضاء على الكلاب السائبة وحده لن ينهى المشكلة، إذ من المرجح أن تعوض الكلاب الأخرى أو الجراء الجديدة الفراغ الذي تتركه الكلاب التي تمت إزالتها، خاصة إذا كانت هناك مصادر غذاء متاحة في البيئة الحضرية، مثل فضلات الطعام أو بقايا الطعام المتروكة في الشوارع. هذه الظاهرة تُعرف علميًا بـ”فراغ البيئة” أو تأثير التعويض البيئي، وهي سبب رئيسي لفشل الكثير من الحملات التي تركز على القضاء الفوري على الكلاب دون معالجة الأسباب الجذرية لانتشارها.

الحلول المستدامة وفق خبراء البيئة تتطلب مقاربة شاملة تشمل التلقيح والتعقيم للحد من تكاثر الكلاب تدريجيًا، مع توفير مأوى مؤقت أو دائم للكلاب لتقليل وجودها في الشوارع بشكل عشوائي، وإدارة فعالة للنفايات المنزلية لضمان عدم وجود مصادر غذاء تشجع الكلاب على التجمع، بالإضافة إلى التوعية المجتمعية التي تُعلم السكان كيفية التعامل مع الكلاب وعدم إطعامها في الأماكن العامة. هذه المقاربة المتكاملة تؤكد أن معالجة الظاهرة ليست مسألة القضاء على الكلاب فقط، بل تتطلب مزيجًا من الإجراءات البيئية والصحية والتربوية لضمان الحد من انتشارها بطريقة مستدامة وآمنة لكل من المواطنين والكلاب نفسها.
وفي ظل هذه المعطيات، يبقى السؤال مطروحًا حول مدى قدرة الحملات الحالية على تحقيق نتائج ملموسة وطويلة الأمد، أو ما إذا كانت ستقتصر على معالجة مؤقتة للظاهرة، في انتظار تبني استراتيجيات شاملة تتماشى مع الخبرات العالمية في إدارة الكلاب السائبة في المدن.

