الرئيسيةآخر الأخباركارثة بيئية محتملة: مصانع الطماطم والزيتون تلوث الأنهار والبحر

كارثة بيئية محتملة: مصانع الطماطم والزيتون تلوث الأنهار والبحر

أكد وزير البيئة، حبيب عبيد، خلال إشرافه اليوم الاثنين على جلسة عمل بمقر ولاية نابل، أنّ الجهة تواجه مخاطر بيئية جدّية بسبب سكب حوالي 1,2 مليون متر مكعب من المياه الصناعية المستعملة في الأودية والسباخ والبحر.

وأوضح الوزير أنّ التشخيص كشف عن مصادر رئيسية لهذا التلوث، أهمها 13 وحدة لتحويل الطماطم وقرابة 55 معصرة زيتون تقوم بطرح مخلفاتها السائلة مباشرة في الطبيعة، مما يهدد الموارد المائية والتربة والأنظمة البيئية الساحلية.

وأشار عبيد إلى أنّ عدداً من المؤسسات الصناعية تفتقر لمحطات تطهير مياه، في حين تملك أخرى تجهيزات لكنها لا تعمل بالكفاءة المطلوبة. وهو ما يتسبب في تفاقم مستويات التلوث ويؤثر سلباً على البيئة والصحة العامة، فضلاً عن انعكاساته على أنشطة اقتصادية حيوية مثل الصيد البحري والسياحة.

وشدّد الوزير على أنّ مقاربة الوزارة تقوم على إيجاد حلول عملية وتكنولوجية مبتكرة، بالتعاون مع مؤسسات مختصة ومراكز بحث علمي، بهدف مساعدة الصناعيين على تأهيل محطاتهم خلال الأشهر العشرة القادمة، قبل انطلاق موسم تحويل الطماطم المقبل.

وأضاف أنّ الدولة لا تسعى إلى اعتماد إجراءات ردعية أو غلق المصانع، بل إلى فرض احترام المعايير البيئية التونسية وضمان تنمية مستدامة تراعي الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في آن واحد.

وكشف تقرير موقع “نومبيو-Numbeo” لعام 2025 وهو قاعدة بيانات عالمية متخصصة في جمع وتحليل المعلومات، عن تصنيف تونس في المرتبة 37 عالميًا من بين 113 دولة شملها مؤشر التلوث، بمعدل بلغ 70.1، مما يعكس وضعًا بيئيًا متدهورًا يفرض تحديات كبيرة على الدولة والمجتمع. 

ويعتمد هذا التصنيف على عدة عوامل، أبرزها جودة الهواء، وإدارة النفايات، ومستويات التلوث المائي، والضوضائي والبصري. 

في هذا السياق، وعلى الرغم من الجهود الحكومية المعلنة، ما تزال تونس تواجه خسائر اقتصادية وصحية فادحة بسبب التلوث، مما يفرض تساؤلات حول مدى نجاعة السياسات البيئية القائمة.  

أرقام صادمة ومؤشرات خطيرة  

تشير التقارير البيئية إلى أنّ التلوث في تونس يساهم في تدهور جودة الحياة وارتفاع معدلات الأمراض المرتبطة به، مثل أمراض الجهاز التنفسي وأمراض القلب والسرطان. 

ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يتسبب تلوث الهواء سنويًا في وفاة حوالي 6,000 شخص في تونس، خاصة بسبب الجسيمات الدقيقة المنبعثة من المصانع وعوادم السيارات، التي تتجاوز في بعض المناطق الحدود المسموح بها عالميًا.  

كما يفاقم سوء إدارة النفايات المشكلة البيئية، حيث يتم إنتاج أكثر من 2.8 مليون طن من النفايات سنويًا، 90% منها يتم طمره في مكبات عشوائية أو رسمية غير مستوفية للمعايير البيئية، ما يؤدي إلى تلوث التربة والمياه الجوفية. أما على مستوى البحر، فإن 70% من الشواطئ التونسية تعاني من مستويات تلوث متفاوتة، وفقًا لدراسات وزارة البيئة، وهو ما يؤثر سلبًا على قطاع السياحة، الذي يُعد أحد ركائز الاقتصاد الوطني.  

خسائر اقتصادية فادحة بسبب التلوث

يترتب على التلوث خسائر اقتصادية مباشرة وغير مباشرة تؤثر على مختلف القطاعات.

ووفقًا لتقديرات البنك الدولي، تخسر تونس حوالي 2.7% من ناتجها المحلي الإجمالي سنويًا بسبب التلوث، أي ما يعادل 2.5 مليار دينار تونسي نتيجة التكاليف الصحية، وتدهور الإنتاجية، والأضرار البيئية التي تؤثر على القطاعات الحيوية مثل السياحة والزراعة والصيد البحري.  

في قطاع الصحة، يُقدر أن العلاج المرتبط بالأمراض الناجمة عن التلوث يكلف الدولة حوالي 500 مليون دينار سنويًا**، خاصة مع ارتفاع أعداد المصابين بالأمراض التنفسية والمزمنة الناجمة عن الهواء الملوث والمياه غير المعالجة.  
أما في القطاع الفلاحي، أدى تلوث المياه والتربة إلى تراجع الإنتاج الفلاحي بنسبة 15% خلال السنوات العشر الأخيرة، نتيجة لاستخدام مياه ملوثة أو اختلاطها بالنفايات الصناعية.  

أما في قطاع السياحة، فقد تسبب تلوث الشواطئ والبحار في تراجع جاذبية الوجهات السياحية، خاصة في المناطق الساحلية الكبرى، مثل خليج تونس وصفاقس، حيث اشتكى العديد من السياح والمستثمرين من تدهور جودة البيئة البحرية.  

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

مواضيع أخرى

error: Content is protected !!