في اليمن، تحوّلت معركة النفوذ بين الحليفين السعودي والإماراتي إلى مواجهة مسلّحة.
فقد استهدفت غارة جوية سعودية، يوم الثلاثاء، ميناء المكلا جنوب البلاد، وهو ميناء عززت فيه دولة الإمارات نفوذها خلال السنوات الأخيرة.
وجاءت الغارة عقب وصول سفينتين خلال عطلة نهاية الأسبوع محمّلتين بالأسلحة والمعدات العسكرية، انطلقتا من ميناء الفجيرة الإماراتي، وكانتا مخصّصتين لمقاتلي الجنوب في اليمن الذين تدعمهم الإمارات منذ سنوات، رغم كونها عضوًا في تحالف عسكري مع السعودية ضد المتمردين الحوثيين، المدعومين من إيران، والذين يسيطرون على جزء كبير من البلاد.
وخلال الأسابيع الأخيرة، سيطرت القوات الجنوبية المدعومة من أبوظبي على أجزاء واسعة من إقليم حضرموت، وهي منطقة محاذية للسعودية وذات أهمية استراتيجية للمملكة، لكن ليس على حساب الحوثيين، بل على حساب قوات الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا والمدعومة من الرياض، في خطوة وُصفت بأنها أمر واقع بدا غير مقبول بالنسبة للسعودية.
ويوم الثلاثاء، وفي تصعيد غير مسبوق في لهجتها تجاه الإمارات، أعلنت الرياض أن أمنها القومي «خط أحمر»، ومنحت القوات الإماراتية مهلة 24 ساعة للانسحاب من المواقع التي سيطرت عليها مؤخرًا.
ومنذ سنوات، لم تُخفِ الإمارات والسعودية اختلاف أهدافهما الاستراتيجية في اليمن؛ إذ تسعى الأولى إلى رعاية قيام يمن جنوبي جديد، أي إحياء دولة اليمن الجنوبي التي كانت قائمة حتى توحيد البلاد عام 1990، في حين تدعم السعودية بقاء يمن موحّد على حدودها.
ويرى مراقبون أن اندلاع صراع بين الحليفين يصبّ في مصلحة خصومهما، الحوثيين، الذين يسيطرون على صنعاء العاصمة وأجزاء واسعة من البلاد. ولمنع توسع سيطرة الحوثيين، كانت السعودية والإمارات قد تحالفتا عام 2015 ضمن إطار تحالف دولي مدعوم من الدول الغربية ضد الحوثيين الموالين لإيران، إلا أن العمليات العسكرية سرعان ما مُنيت بإخفاقات على الصعيد الميداني. كما تبيّن أن التحالف السعودي–الإماراتي كان ظرفيًا، إذ عمدت أبوظبي إلى استقطاب حلفائها الخاصين في جنوب اليمن، في مسعى لتحويله إلى منطقة نفوذ إماراتية.
وبذلك، بات القرار اليوم بيد الإمارات: فهل ستتراجع أبوظبي، مع ما يحمله ذلك من مخاطر خسارة استثمارات سياسية وعسكرية راكمتها على مدى سنوات للسيطرة على جنوب اليمن؟
