الرئيسيةأخبار تونسالخطوط التونسية في مأزق : ما العمل

الخطوط التونسية في مأزق : ما العمل

هوارد هيوكسHoward Hugues وهو طيار أمريكي ومنتج سينيمائي قال ذات يوم ردا على سؤال لابن أخيه “عمي كيف أصبح مليونيرا” أجابه ” كن مليرديرا ثم أبعث شركة طيران فستصبح مليونيرا بسرعة “

هذه الرد الذي تلقاه ابن الأخ رغم مرور أكثر من نصف قرن مازلت أصداؤه حاضرة في عالم النقل الجوي ولم ينساه أي قادم على هذا العالم الا القلة القليلة منهم .

فعالم النقل الجوي هو أهون من بيت عنكبوت كما يقول المثل الشائع ويكفي أن نلقي نظرة على أشهر شركات النقل الجوي في العالم وكيف انتهى بها المطاف بين الاعلان عن افلاسها- تجدون في الأسفل قائمة بشركات الطيران التي اعلنت افلاسها خلال السنوات الماضية – أو البحث عن شريك أو أكثر وهو ما تابعناه قبل أشهر قليلة حين ارتمت شركة الطيران الايطالية في أحضان منافستها سابقا لوفتهنزا

ففي نوفمبر الماضي أعلنت روما مساء أمس الاثنين أن الحكومة الإيطالية توصلت إلى اتفاق مع “لوفتهانزا” بشأن بيع حصة من شركة الطيران الإيطالية “إيتا” إلى الشركة الألمانية، وذلك قبل ساعات من حلول الموعد النهائي عند منتصف الليل لتقديم نسخة من الاتفاق إلى الهيئات التنظيمية الأوروبية.

وكان الجانبان قد دخلا في مفاوضات صعبة تتعلق بالتسعير وشروط الصفقة التي تحتاج إلى موافقة المفوضية الأوروبية والهيئة التنظيمية لمكافحة الاحتكار في الاتحاد الأوروبي، لضمان المنافسة العادلة.

وتقودنا هذه الأمثلة وغيرها للحديث عن الناقلة الوطنية ” الخطوط التونسية ” التي عادت الى واجهة الأخبار هذه الأيام وذلك بعيد اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية قيس سعيد بوزير النقل والسيدة حليمة خواجة المكلفة بالإدارة العامة لشركة الخطوط الجوية التونسية. ويومها أكّد رئيس الدولة في بداية هذا اللقاء على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة في كافة المستويات لوضع حدّ لما آلت إليه الشركة المذكورة.

وأضاف الرئيس “فلا الأوضاع داخل الطائرات مقبولة ولا مواعيد الإقلاع والهبوط محترمة، كما أنّ الخدمات يمكن أن تكون أفضل ممّا عليه اليوم بكثير، ثمّ إنّ أسطول الطائرات الذي كان يبلغ 24 طائرة تراجع إلى 10 فقط والفحص الفنّي للطائرات الذي لا تتجاوز مدته عند إحدى الشركات المصنّعة الكبرى 10 أيام تجاوز في تونس 123 يوما وهو ما كلّف الناقلة الوطنية خسائر مالية فادحة بلغت عشرات المليارات من الدينارات كان بالإمكان اقتناء بها طائرات جديدة، هذا فضلا عن الانتدابات التي تمّت بالولاءات والمحاباة وبصفة غير شرعية ودون وجه حقّ ولم تكن هناك أي حاجة إليها.”

وشدّد رئيس الجمهورية على ضرورة إيقاف هذا النزيف بسرعة وأنّه لن يتمّ التفريط في هذه المنشأة الوطنية ولا في مطار تونس قرطاج .

صحيح أن ” الغزالة ” لم تشهد أزمة مثل الأزمة التي تواجهها اليوم منذ انبعاثها قبل 77 سنة ولكن هل يمكن انقاذ الناقلة الوطنية وتقديم خطة نهاية هذا الشهر أو مطلع الشهر القادم مثلما وعد بذلك وزير النقل الأسبوع الماضي خاصة وان جميع الشركاء بدأووا يعاينوا بأنفسهم حجم الكارثة بعد تردد استمر لأكثر من عشر سنوات

لقد سعى عدد من الأبناء القدامى للمؤسسة من كبار المسؤولين لتقديم مقترحات عملية قابلة للتنفيذ وتعد كاجراءات ضرورية للابقاء عليها على قيد الحياة في مرحلة اولى وقد جاءت الخطوات الأولى على النحو التالي

فلنقبل بالقرار السياسي بأن الشركة ليست للبيع ويجب ان تبقى الدولة المساهم الأول بنسبة 51 بالمئة ولكن هل هذا يمنع من تشريك بعض الخطوط الدولية على غرار لوفتهنزا الألمانية التي ابدت اهتماما بالخطوط الفنية

ولكن لكي تكون هذه العملية مربحة يجب ان يقع الترفيع في رأسمال الخطوط الجوية التونسية عبر ادماج ديونها المتراكمة لدى ديوان الطيران المدني وعند مؤسسات حكومية اخرى

وفي هذه الحالة يصبح للدولة ومؤسساتها صاحبة قسط من رأس مال الخطوط الجوية يفوق المليار دينار فيكفي ان يتقرر ان راسمال الشركة هو ملياري دينار عند ذلك اذا ما اعطينا الشريك نسبة 20 بالمئة من راس مالها فسوف يضخ 200 مليون دينار مما يحسن من محصول الخطوط التونسية

اما الخطوة المرافقة فهي تغيير تركيبة مجلس الادارة ومنظومة حوكمة الشركة بالفصل بين منصب رئيس مجلس الادارة ومنصب المدير العام فصلا حقيقيا وليس صوريا .

فالمنظومة الحالية خلقت مشاكل عديدة لأنها أدخلت تدريجيا الحكومة في مقاليد التسيير اليومي للشركة عبر العديد من الاجراءات واللجان مما جعل مفهوم المسير المسؤول غير مطبق على أرض الواقع وهو ما يتنافى مع متطلبات قوانين الطيران العالمية :

الدولة كمالك تسير عبر ممثليها في مجلس الادارة وكمراقب و منظم لقطاع الطيران عبر ادارة الطيران المدني دون غيرها

بهذه الطريقة يصبح مجلس الادارة يلعب دورا هاما في وضع المخططات والأهداف في تسميات المسؤولين في الشركة وفي مراقبة عملهم ومحاسبتهم على النتائج

ويصبح المدير العام المسير المسؤول حسب المفهوم العالمي والحال انه اليوم يحمل صفتين ORDONNATEUR ET PAYEUR لأنه يرأس مجلس الادارة ويضع المخططات والأهداف ويعين المسؤولين في الشركة وينفذ المخططات ويراقب التنفيذ

يجب اطلاق عملية مسح ومراقبة لكل ممتلكات الشركة من طائرات ومحركات وقطاع غيار والبنايات والأراضي وتدقيق قيمتها

لا يعقل ان يبقى العديد من المعدات وقيمة البنايات في الداخل والخارج بدون تدقيق الى حد اليوم اذ انه لا يمكن فتح باب الدخول الى رأس مال المؤسسة اذا كانت ممتلكاتها غير مدققة

تركيز لجنة دراسات محلية لوضع مخطط انقاذ في غضون 3 او 5 أشهر تحت رئاسة مجلس الادارة اذا ما وقع الاتفاق على تغيير المجلس او احد وزراء المالية أو النقل

ومن أهم مشمولات هذه اللجنة هو تحديد دور الخطوط الجوية التونسية وارتبطاتها بالدولة

6- تكوين لجنة لتنفيذ القرارات الأولية لمجابهة مخلفات جائحة كورونا وتنسيق استعمال المساعدة المالية

– تكوين لجنة لتقليص حجم كتلة الموظفين حسب الاتفاق المبرم مع اتحاد الشغل منذ سنوات ولكن يجب اختيار من سيغادر ولا نترك الاختيار للمعنيين في المرة الفارطة غادر الاكفاء وبقي من هم دونهم كفاءة

– اطلاق برنامج رسكلة وتحسين مستوى كل الاعوان

– اطلاق عملية التفريع حسب برنامج متوسط المدى

عندما تنهي الاشغال في كل المجالات ستكون الخطوط التونسية في وضع يخرجها من المأزق

1 لها برنامج مستقبلي واضح

2 قلصت في عدد الأعوان وكلفة التأجير

3 تعرف قيمة ممتلكاتها

4 لها رأسمال محترم يتماشى وطموحاتها ومع طبيعة عملها

5 لها أسطول يستجيب لحاجياتها ويمكن ان يستجيب لأي طلب اضافي أو طارئ اذ ان المعدل العالمي يتراوح ما بين 12 و14 ساعة عمل في اليوم لكل طائرة في حين الخطوط التونسية اليوم مازلت تشغل طائراتها بمعدل 8 ساعات في اليوم

6 رفعت في مستوى اعوانها

7 تخلصت من عبء الديون المتراكمة

وبذلك يمكن لللناقلة الوطنية ان تدخل في نقاش مع الشركات العالمية الكبرى لامضاء شراكة تضمن سيادة الدولة التونسية

هل هناك حالات ممثالة للخطوط التونسية اليوم

قبل جائحة كورونا كانت العديد من شركات الطيران تشكو من من ذات المشاكل التي تعانيها الخطوط التونسية وخاصة في الدول التي وقع فيها الخلط بين الحكومات وشركة الطيران وهذا هو الحال تقريبا في الكثير من البلدان خاصة في افريقيا والعالم العربي

ففي اواخر القرن الماضي مرت شركات كبرى في العالم بنفس المشاكل التي تعانيها اليوم الخطوط التونسية وكان الحل اقرار الافلاس على الساعة ال11 و59 دقيقة ليلا وبعث شركات جديدة بنفس الاسم مع تغيير جزئي في حدود الساعة صفر ودقيقة – حالة أليطاليا على سبيل المثال –

مكنت هذه القرارت من حل كل المشاكل السابقة مع البدء بصفحة جديدة وهناك من الشركات من أخذت بزمام الأمور بفضل نقاشات بناءة بين الحكومات والنقابات وبفضل وضع معايير عمل على مستوى مالي تمكنت من الخروج من الأزمات وأصبحت الان شركات عملاقة تنافس اكبر الشركات العريقة في مجال النقل الجوي الأثيوبية وايروفلوت وطيران الشرق الأوسط

ولكن الشركات التي بقيت تعول على ضخ السيولة من قبل الدولة لازالت تتخبط في مشاكلها ولولا الامكانيات المالية للدول التي تملكها لذهبت مع ادراج الرياح .

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

مواضيع أخرى

error: Content is protected !!