في تدوينة لها على صفحتها بالفايس بوك كتبت سعيدة قراش مستشارة الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي متفاعلة مع خطاب رئيس الجمهورية اليوم قيس سعيد بمناسبة احياء الذكرى ال64 لصدور مجلة الاحوال الشخصية
تقول المحامية والمناضلة النسوية ” تفاعلًا مع خطاب سيادة رئيس الجمهورية بمناسبة احياء عيد المرأة ، اسوق بعض الملاحظات الأساسية في انتظار كتابة نص في الغرض.
اولا في علاقة بمفهوم العدالة في الغرب و تاريخيته يجب التذكير انها فرضتها مبدئيا الثورة الفرنسية بإزاحة المنظومة الإقطاعية و قيمها و ارساء منظومة بورجوازية و التي لم يقع قبولها كليا بل تم رفضها و ادماج التصورات الشعبية و العمالية التي جسدتها خاصة كُومونَة باريس و غيرها من المواجهات بين البورجوازية و الطبقات الشعبية، كما ان الصراع الذي دار آن ذاك كان في إطار ترسيخ النظام الرأسمالي و الثورة الصناعية. و كان هذا الصراع مؤثرًا في مسار تطور مفهوم العدالة الاجتماعية و مفهوم الحقوق الفردية و المساواة بين الأفراد داخل المجتمع الغربي الخارج من العلاقات الإقطاعية الى العلاقات داخل مجتمع رأس مالي.
هذا التمشي أسس لفكرة الحقوق الكونية بما فيها فكرة العدالة و المساواة بين الأفراد. و انطلاقا من هذا أصبحت حقوق الفرد لها الأسبقية على حقوق المجموعة و المجتمع، و الدولة ليس لها الحق في فرض مفهوم شمولي او فرض مفهوم خاص بالأغلبية على حساب الأفراد ، و العدالة من هذا المنطلق هي احترام حق الأفراد داخل المجموعة و ليس فرض حق المجموعة على الأفراد. من هنا مفهوم العدالة الشاملة كما ورد في خطاب سيادة رئيس الجمهورية ليس له تأسيس تاريخي و لا معنى فلسفي بالشكل الذي قدمه في إطار ربطه بمنشئه بالغرب.
ان مفهوم المساواة و الحقوق الفردية هو جزء لا يتجزأ من مفهوم العدالة الذي يتطور و يرتبط دائما بنتيجة الصراعات بين الطبقات و الفئات الاجتماعية عبر التاريخ و هذا لا علاقة له لا بالغرب و لا بالشرق بل هو معادلة كونية تمر بها كل المجتمعات ، لذلك فان فكرة الخصوصية لمجتمعنا و التفرد بالحلول الربانية تفقد انسجامها نتيجة الصراعات الاجتماعية و التوق للحرية و المساواة و تضعنا في حالة سكيزوفرينيا و انفصام دائم.

