أثار النائب بدرالدين القمودي تساؤلات حادة حول الشراكة بين المجمع الكيميائي التونسي والشركة الصينية العربية للأسمدة الكيميائية (SACF)، منتقدًا ما وصفه بـ”التعتيم” و”تعطيل الإدارة” في هذه الشراكة التي تعتبر من قصص النجاح في التعاون التونسي بالخارج.
ووفق بيان النائب، يمتلك المجمع الكيميائي التونسي 40% من رأسمال الشركة الصينية العربية للأسمدة الكيميائية المنتصبة بمدينة Qinhuangdao بمقاطعة Hubei بجنوب شرق الصين، والتي تأسست سنة 1982 وبدأت الإنتاج في جوان 1985، لتصبح علامة تجارية معروفة داخل الصين والدول الآسيوية.
ويتم تسيير الشركة بشكل مشترك، إذ يشغل الجانب الصيني خطة “المدير العام التنفيذي”، فيما يشغل الجانب التونسي خطة “المدير العام التنفيذي المساعد”. وأشار القمودي إلى أن آخر إطار تونسي شغل هذا المنصب كان رمضان صويد، الذي عاد إلى تونس في أفريل 2023 وتقاعد في ماي 2024، لتبقى الخطة شاغرة منذ ذلك الحين.
واعتبر النائب أن غياب ممثل تونسي على أرض الواقع أدى إلى إرسال تراخيص كتابية للجانب الصيني لتوقيع جميع الوثائق نيابة عن الجانب التونسي، وهو ما وصفه بأنه “تعطيل متعمد” يضر بسمعة تونس ويخالف توجهات الدولة في تطوير العلاقات مع الصين.
وأوضح القمودي أن مطالبات متكررة لتعيين ممثل تونسي لم تلقَ أي استجابة من الإدارة العامة للمجمع الكيميائي التونسي، ما أثار تساؤلات حول الشفافية وحسن إدارة هذه الشركة، وفتح الباب أمام اتهامات محتملة بـ”سوء الحوكمة، التدخلات الخارجية والداخلية، ومحابات في التعيين”.
في هذا السياق، طرح النائب عدة أسئلة على الجهات المعنية:
- لماذا لجأ المجمع الكيميائي التونسي إلى منح تراخيص للجانب الصيني بدلاً من مراقبة العمليات مباشرة؟
- متى سيتم تعيين ممثل تونسي بالخطة الشاغرة في الصين؟
- من المستفيد من التعتيم على هذه الشراكة الناجحة؟
القمودي دعا إلى تدقيق معمق في حسابات الشركة وطريقة إدارتها ومدى الشفافية في معاملاتها، محذرًا من أن استمرار الوضع الحالي قد يؤثر على سمعة تونس الاستثمارية في الخارج.
وشركة الأسمدة الكيميائية الصينية العربية المحدودة (ويشار إليها فيما يلي بـ SACF)، هي منتج كبير للأسمدة المركبة NPK، مستثمرة بشكل مشترك من قبل الصين وتونس والكويت،-هذه الاخيرة انسحبت في وقت لاحق بعد بيع حصتها – ويبلغ إجمالي استثمار المرحلة الأولى منها 58 مليون دولار أمريكي. وقد كان المشروع حينها مشروع تعاون اقتصادي حيوي بين الصين ودول العالم الثالث النامية، وقد وُصف بأنه نموذج للتعاون بين الدول الجنوبية “South-South cooperation model”.
ومزودة بمرافق إنتاج رئيسية مستوردة من أوروبا، اعتمدت SACF أحدث تكنولوجيا فرنسية من نوع AZF، وتنتج سنويًا 600,000 طن من الأسمدة المركبة عالية التركيز بعلامة SACF التجارية. ومع إطلاق المرحلة الثانية عام 2002، ارتفعت القدرة الإنتاجية للشركة إلى 1.2 مليون طن. منذ تأسيسها، غطت منتجات SACF جميع المقاطعات والمدن والمناطق الذاتية في الصين، وتم تصديرها أيضًا إلى الأسواق الدولية. وقد حازت على سمعة عالية في الأسواق المحلية والخارجية، محتفظة بمركز متقدم في هذه الصناعة من حيث الحصة السوقية داخل الصين.
على مدى سنوات، قامت SACF بتطبيق نماذج إدارة دولية متقدمة، وطورت نظام تشغيل مؤسسي متميز، ما ضمن أداءً ماليًا وتشغيليًا متينًا. منذ عام 1998، نجحت الشركة في اجتياز سلسلة من شهادات الاعتماد الدولية، بدءًا من ISO9001 لنظام إدارة الجودة، وISO14000 لنظام إدارة البيئة، وصولًا إلى OSAHS 18000 لنظام إدارة الصحة والسلامة المهنية.
وفي الوقت نفسه، وكواحدة من الشركات المشاركة في صياغة ومراجعة معايير الأسمدة المركبة الوطنية، التزمت SACF بمفهوم الجودة الذي يقول إن “مشكلة في ألف جزء من المنتج يمكن أن تؤدي إلى خسارة مئة بالمئة للمزارعين”. لذلك وضعت SACF معايير صارمة للرقابة الداخلية على الجودة وإجراءات تحكم دقيقة، لضمان أن كل منتج يصل إلى المستخدم بجودة ممتازة.
وبتخصيصها جهودًا لدراسة تقنيات الإنتاج، وصياغة التركيبات، والتسميد العلمي، تعاونت SACF عن قرب مع مؤسسات البحث الزراعي لتعزيز الابتكار وتحسين فعالية منتجاتها.

