كشفت وثيقة رسمية فرنسية حديثة اطلعت عليها تونيزي تيليغراف أن السلطات الفرنسية شرعت في تنفيذ خطة رقابية صارمة على معاشات المتقاعدين المقيمين خارج فرنسا، تشمل دولًا عدّة من بينها تونس، بهدف مكافحة الغش والأخطاء في صرف المعاشات من صناديق التقاعد الفرنسية.
وبحسب تقرير صادر عن مجلس المحاسبة الفرنسي بتاريخ 26 ماي 2025، فإن 2000 متقاعد مقيم في تونس سيكونون سنويًا معنيين بإجراءات التحقّق من الحياة، سواء عبر استدعاءات مباشرة أو تقديم وثائق تثبت أنهم على قيد الحياة.
وتركّز الخطة الفرنسية الجديدة على تعزيز الرقابة الميدانية والمستندية في أربع دول رئيسية هي: الجزائر، المغرب، تركيا، وتونس، وذلك بعد رصد حالات تلاعب أو تأخر في التصريح بالوفيات، ما كلّف صناديق التقاعد الفرنسية عشرات ملايين اليوروهات.
وتأتي هذه الإجراءات في سياق خطة أوسع تشمل استدعاء عشرات الآلاف من المتقاعدين الجزائريين سنويًا، مع تقديرات بتعليق معاشات نحو 15 ألف متقاعد جزائري في 2025 وحدها. في المقابل، يُتوقّع أن يخضع 800 متقاعد فقط في تركيا و8000 في المغرب لإجراءات مماثلة، ما يُظهر اختلافًا في طريقة تعامل السلطات الفرنسية بحسب الدول.
واعتمدت فرنسا، منذ سبتمبر 2024، آلية رقمية جديدة للتحقّق من هوية المتقاعدين عبر تطبيق يستخدم تقنية التعرف على الوجه البيومتري، يُمكّن المتقاعدين من إثبات وجودهم دون الحاجة للتنقل أو إرسال وثائق ورقية. وقد بلغ عدد مستخدمي التطبيق في مرحلته الأولى نحو 44 ألفًا من أصل 300 ألف متقاعد، معظمهم من فرنسا والجزائر، فيما تُتوقع زيادة الاستخدام في تونس خلال السنوات القادمة.
ورغم الطابع الرقمي لهذه الخطة، إلا أن التقرير نبّه إلى أن تطبيقها قد يخلق ضغطًا كبيرًا على الإدارات المعنية مثل فروع Carsat، خصوصًا في ظل نقص التكوين والتجهيزات للتعامل مع ارتفاع عدد التظلّمات المحتملة بعد تعليق المعاشات تلقائيًا في حال عدم الاستجابة للاستدعاءات.
وتشير الوثيقة إلى أن إعادة صرف المعاشات المعلّقة لن تتم إلا بعد خضوع المتقاعد لرقابة ميدانية جديدة، في ظل غياب آليات واضحة لإعادة استدعاء من لم يستجيبوا في المرة الأولى، ما يُثير مخاوف من تعقيدات بيروقراطية وتأخير في استعادة الحقوق.
وتبقى تونس، بحسب الوثيقة، ضمن الدول الأقل استهدافًا مقارنة بالجزائر، لكنها معنية بشكل مباشر بالخطة الفرنسية الجديدة، التي تمثل تحوّلًا في طريقة مراقبة المتقاعدين خارج التراب الفرنسي.
وتتجّه السلطات الفرنسية، خلال العام الجاري 2025، إلى تعليق معاشات 15 ألف متقاعد جزائري يتلقون هذه الأموال من صناديق هذا البلد الأوروبي، في حين أن 50 ألف منهم سيكونون معنيين باستدعاء التحقّق من الحياة عبر إجراءات مختلفة، و60 ألفا كل عام وعلى مدار السنوات الخمس المقبلة.

