أعلنت وزارة الشؤون الخارجية إجلاء ثلاثة مواطنين تونسيين كانوا “محتجزين قسرا” في ميانمار عبر الحدود التايلاندية بعد القيام بالإجراءات اللازمة لترحيلهم نحو أرض الوطن انطلاقًا من مطار بانكوك الدولي.
وأوضحت الوزارة أنّ الإجلاء تّمّ عبر السفارة التونسية بجاكرتا (أندونيسيا) بالتعاون مع السلطات التايلندية، حيث تولى فريق من السفارة التحوّل مباشرة إلى إحدى المدن التايلاندية على الحدود مع ميانمار لإجراء لقاء مع السلطات المحلية وممثّلي الجيش التايلاندي وسلطات الهجرة وممثّلي وزارة الخارجية التايلندية للحرص على سلاسة عملية تسلّم وإجلاء المعنييّن بالأمر، وذلك ضمن مجهودات مشتركة بين بعثتنا وعدد من البعثات الدبلوماسية المعتمدة في جاكرتا، بالإضافة لقوّات الجيش والأمن التايلندية.
وفي انتظار مزيدا من التفاصيل حول هؤلاء التونسيين الذين أحتجزوا قسرا فانه بالعودة الى ماحدث مع مواطنين مغاربة عادوا بعد رحلة عذاب طويلة لنفهم ما الذي حدث
كشف الشاب المغربي يوسف أمزوز، عن أدق تفاصيل “رحلة العذاب” إلى ميانمار على مدى أشهر في أيدي عصابات الاتجار بالبشر، قبل التمكن من العودة، ودفعه فدية بلغت 13 ألف دولار.
وذكر موقع “هسبريس” أن “يوسف أمزوز البالغ 26 سنة، هو أول من كشف ما يقع في مخيمات الاحتجاز في ميانمار، حينما خرج للحديث عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأبرز وجود عشرات المغاربة المحتجزين، الذين يتعرضون للتعذيب ويمارسون أعمالا غير مشروعة تحت الضغط”.
وقال يوسف، وهو يتذكر بداية الرحلة: “صادفت إعلانا وضعه أحد الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي يعرض فرصة عمل بالتجارة الإلكترونية بتايلاند، فتواصلنا لفترة معينة من الوقت وبعدها سافرت إلى ماليزيا، ثم أعددت تأشيرة للسفر إلى تايلاند. لم أكن أعرف بداية أين نحن، هل في الصين؟ أم تايلاند؟ كل ما علمته أننا كنا محتجزين هناك”.
وأشار إلى أن “الوسيط الذي تسبب في سفره هو مغربي ملقب بالحاج، ويقيم بتركيا”، موضحا: “هم تكلفوا بكل شيء، بأداء ثمن الطائرة والفندق والسائق الذي سيقلني من المطار إلى الفندق، وقضيت ليلة واحدة بمدينة مايسواش الحدودية بتايلاند وفي اليوم الموالي جاء سائق آخر نقلني إلى دولة أخرى وأدخلني إلى ميانمار”.
وحين وصوله إلى مخيمات الاحتجاز أورد يوسف أنه “علم منذ الوهلة الأولى أن الأمر يتعلق بممارسات غير قانونية”، وقال: “كنت ضد فكرة العمل رغم التهديد وكل شيء، وتم إخباري بأنني إذا أحضرت لهم شبابا جددا سيؤدون ثمنهم، لكنني كنت أرفض رفضا تاما، فهددوني بأنني إما أن أعمل أو أموت”.
أما عن طريقة خروجه للإعلان عما يحدث على وسائل التواصل الاجتماعي فقال الشاب: “طلبت هاتفي لأطلب الفدية من والدي، وحينها استغللته وقمت بوضع ستوري على إنستغرام.. غامرت بنفسي من أجل كشف ما يقع هناك”.
كما أوضح أنهم “يستدرجون ضحايا من جميع دول العالم، يكونون علاقة معهم ويستدرجونهم لوضع أموالهم في منصة تابعة لهم. مثلا إذا كانت الضحية فتاة توهمها بأنك رجل أعمال غني وحينما تثق بك فإنها تضع أموالها في المنصة”.
وأشار إلى “أنواع التعذيب التي يتعرض لها المغاربة في مخيمات الاحتجاز بميانمار، بداية بالغرفة البيضاء ثم الغرفة السوداء وأكثرها حدة الغرفة الحمراء التي تقع تحت الأرض”، قائلا: “هناك غرفة بيضاء وسط الشركة، ومن لم يقم بتحقيق أرباح مالية يتعرض لعذاب يومي فيها، حيث يتم ضربه إما بالعصي أو بالصعق الكهربائي، ثم هناك الغرفة السوداء حيث يتم إدخال كل من يرفض العمل أو يتمرد إليها، وتعرضت فيها لكسر على مستوى الرجل والكتف، وللضرب بعصي البايسبول والصعق الكهربائي، هناك يتم تعليق الشخص مغمض العينين وتناسيه لمدة أربعة أيام أو أكثر، وآخر مرحلة هي الغرفة الحمراء التي توجد تحت الأرض، وأظن أن هناك من مات فيها”.
وتمكن الشاب المغربي من المغادرة بعد أداء مبلغ الفدية، موضحا في كلامه: “أديت فدية عن طريق العملة الرقمية من أجل العودة للمغرب بحوالي 13 ألف دولار، وحينما تم إطلاق سراحي تكلفت منظمة حقوقية بعلاجي، ونقلوني إلى فندق ببانكوك، وهناك أتى ممثلو السفارة لزيارتي”.
ومؤخرا وحدة التحقيقات الاستقصائية في DW بالعديد من الناجين من هذا السجن حيث سردوا مشاهداتهم لأعمال المراقبة والتعذيب واسعة النطاق وحتى جرائم قتل تقع بشكل أسبوعي داخل هذا المركز.
وقال لوكاس(تم تغيير الاسم)، وهو شاب من غرب أفريقيا: “كنا نعمل 17 ساعة يوميا ولا يسمح لنا بالتذمر أو الحصول على إجازات أو راحة. وإذا قلنا لهم إننا نريد أن نغادر، يبلوغننا بأنهم سوف يبيعوننا أو يقتلوننا”.
من المسؤول؟
قامت وحدة التحقيقات الاستقصائية في قناة دوتشيه فيللة بمراجعة صور حصرية جرى التقاطها من داخل المجمع وتحدثت إلى العديد من الناجين الذين استطاعوا التعرف على شارات الحراس التي تشبه تلك التي ترتديها عناصر تابعة لما تُعرف بـ “قوة حرس الحدود الرسمية” وهي تتألف من مجموعة من المتمردين السابقين الذين وافقوا قبل عقد من الزمن على وقف قتال المجلس العسكري في ميانمار مقابل سيطرتهم على هذه المنطقة.
قالت مصادر إن عناصر “قوة حرس الحدود الرسمية” تقوم بمهام الحراسة في “كيه كيه بارك”، لكن عناصر صينية تتولى مهام القيادة.

فك اللغز
وقامت وحدة التحقيقات بتقفي أثر ومسار أموال كانت بحوزة العديد من الضحايا حيث وصل الأمر إلى محافظ للعملات المشفرة تستخدمها “كيه كيه بارك” لجمع أموال الضحايا فيما يتم تحويل الأموال بعد ذلك إلى محافظ أخرى تكون بمثابة حسابات رقمية لتخزين العملات المشفرة.
تعود ملكية إحدى هذه المحافظ إلى رجل أعمال صيني يقيم في تايلاند يُدعى “وانغ يي تشينغ” حيث حصل على عملات مشفرة تصل قيمتها إلى عشرات الملايين من الدولارات من محافظ للعملات المشفرة تستخدمها “كيه كيه بارك”.
يعد وانغ جزءا من شبكة كبيرة تضم رجال أعمال صينيين يعيشون في الخارج لينتهي المطاف إلى زعيم للمافيا الصينية سيئة السمعة.
ويشير التحقيق إلى أن هذه المنظمات ترتبط ارتباطا وثيقا بـ “وان كوك كوي” الملقب بـ “صاحب السن المكسورة” الذي دشن رابطة “هونغمن” العالمية للتاريخ والثقافة عام 2018، وهي منظمة فرضت عليها الولايات المتحدة عقوبات لتورطها في الجريمة المنظمة.
وفي مقابلة مع دوتشي فيللة ، قال جيسون تاور، الخبير البارز في عصابات الجريمة المنظمة في المعهد الأمريكي للسلام، إن وان كوك كوي “يردد كثيرا عبارة مفادها أنه اعتاد في الماضي العمل لصالح العصابات، لكنه الآن يعمل لصالح الحزب الشيوعي الصيني”.
وتقع “كيه كيه بارك” في إحدى المناطق المستهدفة لإقامة مشاريع استثمارية في إطار مبادرة الحزام والطريق الصينية حيث أشادت تقارير الحكومة الصينية بمشاريع التنمية في المنطقة القريبة من الموقع كجزء من طموحاتها في إطار المبادرة، لكن الحكومة نأت بنفسها لاحقا عن عمليات الاحتيال واسعة النطاق.