أين صوت دول البريكس (BRICS) من الحرب الإسرائيلية–الإيرانية؟ ولماذا صمتت أو اكتفت بمواقف رمادية؟
لنحلل الأمر بدقة وواقعية:
أولًا: من هم أعضاء البريكس (بعد التوسعة الأخيرة في 2024)؟
- الأساسيون: البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب إفريقيا.
- المنضمون الجدد: مصر، السعودية، إيران، الإمارات، إثيوبيا، الأرجنتين (علّقت عضويتها لاحقًا).
أي أن إيران عضو، والصين وروسيا أعضاء مؤسسون. ومع ذلك، يبدو التكتل صامتًا جماعيًا تقريبًا.
فلماذا هذا الصمت أو الحذر؟
1. اختلاف المصالح داخل التكتل
- الهند لها صداقة وثيقة مع إسرائيل، وتخشى التمدد الإيراني في الخليج.
- البرازيل تتجنب التورط في قضايا الشرق الأوسط.
- الإمارات والسعودية تتحركان بحذر شديد، فلا تريدان الانزلاق في حرب إقليمية، خصوصًا بعد محاولات التهدئة مع إيران.
- جنوب إفريقيا تتبنى مواقف “مبدئية” مؤيدة لفلسطين، لكنها لا تملك تأثيرًا مباشرًا.
النتيجة: لا يوجد إجماع داخلي في البريكس بشأن الموقف من حرب إسرائيل–إيران.
- عكس حلف الناتو، البريكس تكتل اقتصادي-سياسي غير ملزم عسكريًا أو أمنيًا.
- لا يملك آلية موحدة لصنع القرار السريع في الأزمات الدولية.
- بياناته تكون عامة وغالبًا غير حاسمة (مثل: “ندعو للتهدئة، نحث على احترام القانون الدولي”).
3. انشغال الأعضاء الكبار بأولوياتهم
- الصين تراقب التطورات بعناية لكنها لا تريد حربًا مفتوحة تُفجّر سوق الطاقة.
- روسيا غارقة في حربها في أوكرانيا.
- إيران تواجه تصعيدًا مباشرًا، ولا تنتظر دعمًا عسكريًا من البريكس.
- الهند مشغولة بتوازنها بين التحالف مع الغرب وعضويتها في البريكس.
إذن: هل البريكس غير مؤثرة فعلًا؟
ليست غير مؤثرة، لكنها:
- لم تتحول بعد إلى قطب موحد في السياسة العالمية.
- تفتقر إلى آلية سريعة وفعالة لاتخاذ موقف موحد تجاه الأزمات الكبرى.
- ما تزال المصالح الوطنية تغلب على روح “التحالف الجماعي” داخلها.
إذن، ما طبيعة العلاقات الصينية–الإسرائيلية؟
1. تعاون اقتصادي وتجاري واسع
- الصين ثاني أكبر شريك تجاري لإسرائيل (بعد الولايات المتحدة).
- استثمارات ضخمة في مجالات التكنولوجيا، الطاقة، البنية التحتية.
- شركات صينية كانت قد فازت بصفقات لتشغيل موانئ إسرائيلية (مثل حيفا وأشدود).
2. تعاون في التكنولوجيا والابتكار
- اهتمام صيني كبير بالتكنولوجيا الإسرائيلية المتقدمة، خاصة في مجالات:
- الذكاء الاصطناعي،
- الأمن السيبراني،
- التقنيات الطبية.
3. خطوط حمراء أميركية
- واشنطن تضغط على تل أبيب منذ سنوات لتقليص التعاون مع بكين، خصوصًا في القطاعات ذات البُعد الأمني.
- مثلاً، أميركا منعت إسرائيل من بيع أنظمة عسكرية متطورة للصين في التسعينيات (مثل طائرات “فالكون”).
إذن كيف توازن الصين بين علاقاتها بإسرائيل وإيران؟
الصين تتبع سياسة خارجية براغماتية تقوم على:
- التجارة مع إسرائيل والاستثمار فيها،
- وتعزيز التحالف الاستراتيجي مع إيران لمواجهة النفوذ الأميركي، وضمان تدفق الطاقة (النفط الإيراني).
هي تريد أن:
- تستفيد من التكنولوجيا الإسرائيلية،
- وتضمن في نفس الوقت دعم إيران لها كحليف في مواجهة الغرب.
الصين لا ترى تناقضًا في العلاقات مع الطرفين، طالما أنها لا تدخل في مواجهات عسكرية مباشرة.
العلاقة بين روسيا وإسرائيل هي علاقة معقدة ومتعددة الأبعاد. رغم أن روسيا تُعتبر قوة داعمة للجانب الإيراني في العديد من القضايا في الشرق الأوسط، إلا أن لها أيضًا علاقات قوية مع إسرائيل في مجالات عدة. دعني أوضح لك بعض جوانب هذه العلاقة:
🔷 1. التعاون الاقتصادي والتجاري:
- التجارة بين روسيا وإسرائيل قوية وتشمل قطاعات متعددة مثل التكنولوجيا، الزراعة، والطب.
- إسرائيل تعتبر شريكًا رئيسيًا لروسيا في مجالات مثل التكنولوجيا العالية والابتكار. هناك أيضًا استثمارات إسرائيلية في السوق الروسي.
🔷 2. العلاقات السياسية والدبلوماسية:
- روسيا وإسرائيل تتعاونان في قضايا دبلوماسية متعددة، على سبيل المثال في معالجة قضايا الشرق الأوسط بشكل عام.
- روسيا تحترم القدرة العسكرية الإسرائيلية، وقدمت بعض الدعم غير الرسمي في بعض الملفات مثل التحركات العسكرية في سوريا.
3. التنسيق في سوريا:
- في سوريا، روسيا وإسرائيل تحافظان على تنسيق أمني ضيق جدًا. إسرائيل تحاول منع الوجود العسكري الإيراني في سوريا، بينما روسيا لا تريد التصعيد العسكري المباشر مع إسرائيل.
- إسرائيل تطلب من روسيا الحياد أو المساعدة في تفادي أي اشتباك مع القوات الإسرائيلية في سوريا، خصوصًا في الوقت الذي تقوم فيه إسرائيل بعمليات ضد المواقع الإيرانية في سوريا.
- في المقابل، روسيا تحترم الكثير من المصالح الأمنية الإسرائيلية، مما يجعل العلاقة بينهما علاقة براغماتية رغم التوترات.
- روسيا تضم جالية يهودية كبيرة، وقد كانت هذه الجالية عاملاً مهمًا في تعزيز العلاقات بين البلدين.
- إسرائيل ترى أن الجالية اليهودية في روسيا تشكل قناة للتواصل والتنسيق مع الحكومة الروسية.
5. المواقف الدولية:
- رغم تباين المواقف في قضايا معينة مثل الصراع السوري أو الموقف من إيران، روسيا وإسرائيل تجد نقطة مشتركة في مواجهتهما لبعض التهديدات الإقليمية.
- روسيا لا تتخذ موقفًا علنيًا ضد إسرائيل في المحافل الدولية، بل تحاول المحافظة على علاقة متوازنة مع جميع الأطراف.