Accueilالاولىالتطور الغريب لانصار الشريعة

التطور الغريب لانصار الشريعة

حركة أنصار الشريعة التي اعتمدت لفترة طويلة على الدعوة ، استبدلت الدعوة السلمية بالعنف لتأكيد رؤيتها للمستقبل. علاقة الحركة بالإرهاب جعلتها مستهدفة من قبل الحكومات المغاربية.

وفي غشت الماضي، صنفت تونس رسميا “أنصار الشريعة ” تنظيما إرهابيا له صلة بالقاعدة في بلاد المغرب الإسلامية. كما رصدت السلطات التونسية مؤخرا خمسين جمعية لها علاقة بأنصار الشريعة. ويقاتل قادة نحو عشرين منها مع الإرهابيين في الخارج أو يرسلون المجندين الشباب إلى بؤر التوتر.

وبالفعل فإن الجماعة المحظورة تعتبر مصدرا خصبا للتجنيد بالنسبة للمجموعات الإرهابية الأجنبية.

ولمّا أعلنت الدولة الإسلامية في العراق والشام عزمها قبل أسبوعين تجنيد جهاديين مغاربيين للانضمام إلى الصراع في سوريا، أشارت بشكل خاص إلى اهتمامها باستقطاب أعضاء أنصار الشريعة.

وتبدي أنصار الشريعة هي الأخرى عزمها لفرض وجودها في شمال إفريقيا.

تقرير صدر مؤخرا للمركز الدولي لمكافحة الإرهاب يصور تطور التنظيم خاصة في تونس.

وقال مدير المركز بيتر كنوب إن الفرع التونسي يعتمد مقاربة جد إستراتيجية.

وأوضح “المسؤولون عن التنظيم ارتأوا ضرورة الابتعاد عن الأضواء والبقاء ضمن الحدود القانونية التي تضعها الدولة – لفترة من الزمن. في البداية، انخرط التنظيم في الدعوة ، قبل أن يتحول تدريجيا إلى الحسبة )تطبيق قواعد الشريعة الإسلامية على الناس). وفي وقت لاحق انتقل إلى الجهاد”.

 

وقال الخبير الأمني “بتعبير آخر، تحوّلت من الأساليب السلمية إلى وسائل أكثر عنفا من أجل تأكيد رؤيتها للمستقبل”.

تقرير المركز الدولي لمكافحة الإرهاب يبرز كيف دفعت العوامل الإيديولوجية والسياسية والإستراتيجية الحكومة التونسية لتكثيف جهودها في مواجهة أنصار الشريعة. وتضمنت بيانات جديدة عن التنظيم وصلاته بالجهاد الدولي.

ويصف التقرير كذلك الجهود الإستراتيجية لأنصار الشريعة لتقويض اقتصاد البلاد. ويعتبر هذا تحولا واضحا في فكر التنظيم الإرهابي.

هذا الوصف أكده عبد الله الرامي، خبير في شؤون الحركات السلفية والجهادية. وقال إن التشدد في تونس أكثر قابلية للانفجار من أي مكان آخر في المنطقة.

وقال “مستوى السلفية الجهادية أعلى في تونس”.

ويتضح هذا من خلال العدد الكبير من المقاتلين التونسيين بسورية على حد قوله. يذكر أن تونس أوقفت نحو 8000 جهادي شاب لدى محاولتهم الذهاب إلى سوريا حسب تصريح وزير الداخلية لطفي بن جدو الشهر الماضي.

وقال الرامي “هذا رقم مخيف جدا وما كان أحد ليتنبأ به في السابق”.

وقال “هذا يحدث في بلد لم يكن أحد يتوقع أنه سينتج جهاديين. لكن بعد الربيع العربي، تبين أن الشباب انجذبوا إلى الفكر السلفي الجهادي”.

ومضى يقول “النهضة التي حاولت احتواء الحركة السلفية بما فيها أنصار الشريعة، رأتها تنفجر في وجه الجميع”.

كما أن الظروف مكنت أنصار الشريعة من الانتقال من الدعوة إلى النشاط الجهادي.

وبالنسبة لموقف أنصار الشريعة الذي بات أكثر عنفا، يقترح الرامي أن هذا له صلة وثيقة بالحرب في سوريا.

وأوضح “هؤلاء الناس أصبحوا أكثر تشددا مع نمو تجربتهم ومواردهم بفضل الحرب في سوريا. هذه الموارد هي في يد الجناح المسلح وليس الجناح الدعوي لأنصار الشريعة”.

ويستعرض المحلل مسارها “في البداية، اعتمدت على سياق القبول بالتركيز أكثر على الدعوة. التغييرات التي عرفتها ليبيا ومالي ومصر وسوريا وبالخصوص ظهور الفصيل السلفي التونسي المسلح في سوريا، منحت الجماعة تجربة أكبر ومعها اعتمدت موقفا أكثر عنفا”.

ويضيف “الفرع الليبي لأنصار الشريعة تغير على نفس المنوال”.

تقرير المركز الدولي لمكافحة الإرهاب يشير إلى أن الأنشطة الدعوية لأنصار الشريعة كانت تعتمد على أساليب تقليدية من قبيل تنظيم أحداث في الأسواق أو الجامعات، ومظاهرات عامة وتأكيد حضورها القوي في الأماكن العامة كالمقاهي القريبة من أماكن العبادة.

لكن أنصار الشريعة غيرت أساليبها وتحوّلت إلى السلاح لفرض فكرها. السؤال المطروح الآن هو هل ستكون هناك مواجهة مع السلطات.

مدير المركز الدولي لمكافحة الإرهاب يرى أن ذلك يعتمد إلى حد كبير على قدرة الحكومة على التعامل مع بعض العناصر داخل الجماعة ومعالجة تطلعاتها في نفس الوقت.

وقال كنوب “من الضروري التمييز بين العناصر العنيفة وغير العنيفة وبين عملها. ويتطلب ذلك أنظمة حكم لا غبار عليها ومجتمعا مدنيا نشطا جدا للقيام بذلك بحزم”.

أما عن تطور الجماعة مستقبلا في شمال إفريقيا، لم يتمكن الخبير من إعطاء أجوبة واضحة المعالم. وقال “يصعب التنبؤ بكل ذلك”. واقترح أن هذه التنظيمات تتغذى على تظلمات الناس وتذكي شعورها بالاستلاب.

وقال “ما نشاهده هو بحث عن رؤية وهوية في صفوف السكان. ومن الضروري في هذه الظروف من الشك فسح فضاء يتميز بالانفتاح للنقاش من أجل السماح للأصوات المنتقدة بإسماع آرائها. وبذلك فقط يمكن تقويض قاعدة الدعم لرسائل العنف”.

لكنه حذر من عدم الاستهانة من المقاربة الإستراتيجية الجديدة التي اعتمدتها أنصار الشريعة.

وقال إن أفضل رد هو “التعاون الدولي لوقف مصادر تمويل هذا التنظيم ومنعه من النشاط بطرق أخرى، مع العمل على جعل المجتمع أكثر مقاومة”.

امال بوبكر خبيرة فرنسية جزائرية في الإسلام السياسي ترى أن المغرب الكبير يواجه تهديدا آخرا.

وحذرت أن “الاستياء من القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي في المنطقة قد يعطي أملا لحركات جهادية أخرى مثل داعش (الدولة الإسلامية في العراق والشام) التي قد تتمكن من السيطرة على قاعدة تجنيد الشباب”.

وحتى إن كانت “من بين الحركات الجهادية التي تريد استغلال الصراعات العربية المحلية لبسط نفوذها”، فلن يكون ذلك سهلا حسب تصريحها ، وبشكل خاص في ليبيا.

وقالت “التمركز مباشرة في ليبيا يعتمد على قدرتها على شراء الجماعات الأخرى المسلحة في البلاد”.

 

تحليل عمران بينوال من الدار البيضاء

 

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة