Accueilالاولىالكميونة"ديْن يُسدى لمن يطعمن وطنا أشبعهن شقاء ونكرانا "

الكميونة”ديْن يُسدى لمن يطعمن وطنا أشبعهن شقاء ونكرانا “

“الكميونة” هي راوية للأديب شفيق الجندوبي عن دار وشمة للنشر رواية من الحجم المتوسط يبلغ عدد صفحاتها 180 صفحة.

من هو شفيق الجندوبي ؟

هو كاتب تونسي ومربي ومتفقد لدى وزارة التربية وتعد رواية الكميونة روايته الأولى الموجهة للبالغين فهو بالأساس أديب  مختص في الكتابة لليافعين والأطفال .

دلالة العنوان:

اختار الكاتب مفردة من اللهجة العامية التونسية “الكمونية” وشرح مدلولها في الهامش للقارئ غير التونسي بما هي الشاحنة الصغيرة ذات الصندوق.

واختار الكاتب مصطلح “الكميونة” لعنوان لروايته لما تحمله هذه القطعة التكنولوجية من دلالة في الوسط الريفي فتعد ركيزة من ركائز القرى الريفية نظرا لحضورها في الافراح والمآسي وتعدد مجالات استخدامها في ذلك المحيط.

افتتح الكاتب روايته بتصدير مقطع من قصيدة احمد فؤاد نجم” وهبت عمري للأمل” تلميحا لمضمون القصة التي لا تخلو من الأمل والألم وافناء العمر في انتظار الفرج والخلاص.

القضية المركزية للرواية ودواعي طرحها:

“قطعت عهدا على نفسي أن أكرم قصة الشجاعة في الفلاحات التونسيات اللاوات يطعمن تونس ومع ذلك لا يحضين بالرعاية والهيكلة اللازمة” هكذا اختصر الكاتب شفيق الجندوبي مضمون قصته “الكميونة في حوار للصباح نيوز”

ونجد في الرواية سردا لحكاوي تلك الفئة من الفلاحات وليس فقط تكريما لهن وذلك لغياب الاحاطة بهن وتجاهلهن من طرف الدولة والمجتمع المدني .هنا يكمن دور الكاتب في طرح المسكوت عنه من القضايا التي تخص تلك الفئة من المضطهدين.

إذ يروي الكاتب حكاية جمولة احدى عاملات الفلاحة في منطقة مراح بيت النوري,تلك المرأة التي تعد شوكة في حلق تاج صاحب المزرعة الذي يستغل العاملات ويتحرش بيهن.

ويسرد الكاتب قصة جمولة وعلاقتها بعائلتها, زوجها سلطان وابنيها ونضالها من أجل الدفاع عن قضايا العاملات رغم كثرة التآمرات ضدها  ويتطرق الكاتب الي العديد من القصص الفرعية الاخرى التي تدور في فلك شخصية البطلة.

لغة بسيطة واستعمال الاسلوب التصالحي في الكتابة:

استخدم الكاتب الاسلوب التصالحي في اللغة وهو اسلوب يعتمد الكاتب من خلاله مفردات من الدارجة العامة التي تعد في الاصل كلمات فصيحة وذلك لتكون اللغة سلسلة واقرب ما يكون لفهم القارئ البسيط.

الاطار الزماكاني للأحداث:

تدور أحداث القصة سنة 2017 في قرية ريفية تونسية تدعى “مراح بيت النوري” وهو مكان خال من الحياة كما وصفه شريف أحد شخصيات القصة التي سافر الى اوروبا وتمكن من التعرف على الفرق بين الحياة هناك والحياة في قريته “اهل القرية اناس بلا حياة …احزانهم مزيفة وافراحهم كذلك”.

لا يوجد اماكن متعدد في القصة فتدور الاحداث اما في السانية “مكان عمل الفلاحات” أو في مقهى سيسيليا ” مكان بائس يظم العاطلين وكبار السن اين يلعبون الشكبة ويخضون في حكايا لا تخص اي منهم.

أسماء تصف ملامح الشخصيات:

لم يكن اختيار الكاتب لأسماء شخصياته في الراوية اععتبطايا فلكل اسم دلالة ومعنى, “فجمولة الغولة” الشخصية الرئيسية وبطلة القصة يعبر اسمها عن ما تحمله شخصيتها من جمال وقوة وبطش في آن واحد فهي شخصية جميلة الباطن,طيبة القلب وقوية وجريئة وشجاعة.

كذلك بالنسبة لشخصية ابنها الشريف الذي يدل اسمه عن الشرف والنقاء والصدق فيعد شريف الشخصية الاكثر وضوحا وبساطة في الراوية.

الامر ذاته بالنسبة لسلطان زوج جمولة،الرجل الذي لا يحرك ساكنا ويتسم بالخمول والتراخي والتعويل على جمولة في حل جميع مشكلات الحياة.

تاج أيضا الشاب الذي يعتبر نفسه ملكا ينظر الى العاملات في أرضه نظرة السيد للعبد ويظن أنه يمتلكهن ويحق له أن يفعل بهن ما يشاء.

ونادية من المدى والسخاء وذلك لفيض مشاعرها ومواعدتها لشريف وتاج في نفس الوقت.

وعم رابح الرجل الذي يستغل ابنته لربح المال متغاضيا عن ما يحدث لها من اغواء واستغلال.

كذلك فاشكة ذلك الوسيط بين الفلاحات واصحاب الاراضي الذي يتغذى على العمولة والرشوة حتى أصبح مثل الفاكشة.

كذلك “تونس”والدة جمولة وهي تونس الذي تعتبرها جمولة الام والوطن الذي  رغم سخطه وبطشه احيانا يبقى هو الملاذ والملجأ” تونس لا تموت ابدا” تتعغصر ..تتقهر وتطلع من تحت الحجر” وتعتبر تونس المدافعة عن المقهورات في القرية وصوت النسوية والعدل.

قضايا تمس السلطة والمجتمع:

تطرق الأديب شفيق الجندوبي الى عديد القضايا الاجتماعية والسياسية التي تخص فئة عاملات الفلاحة أهمها قضية التحرش الجنسي الذي يتعرضن له من طرف ارباب العمل وهنا نذكر علاقة تاج بنادية التي استغل بساطتها وحاجتها ليصل الى مبتغاه.

كذلك للراوية بعد نقدي سياسي فيطرح الكاتب قضية البطالة والهجرة الغير شرعية من خلال قصة شريف ابن جمولة الذي اضطرته البطالة الي المغامرة نحو المجهول كذلك ينتقد الكاتب الحكومات التي تتالى منذ نظام البايات دون أن يحدث أي تغيير. 

ويسلط الضوء على فساد المجتمع المدني الذي تجده حاضرا فقد ليسجل حضوره الشرفي في المآسي ثم يختفي.

كما طوٌع  الكاتب قلمه لنقد قطاع الاعلام فقد خصص فصلا كاملا من روايته لتعرية خفايا المطبخ الداخلي للمجال الاعلامي (خاصة السمعي البصري)  للذي لا ينفك عن المتجارة بمثيل هذه القضايا الاجتماعية حيث تعد غايته الرئيسية هي تحقيق أكبر عدد من نسب المشاهدة أو الاستماع .

بقلم مريم مرايحي

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة