Accueilالاولىصندوق النقد الدولي : الوصايا الأربعة لتونس

صندوق النقد الدولي : الوصايا الأربعة لتونس

 

حث صندوق النقد الدولي تونس ومصر ودول اخرى  التي بلغ فيها حجم  الدين العام مستوى مرتفعا ومتصاعدا بالفعل، على  إجراء الإصلاح المالي المطلوب بصورة أكثر تدرجا مقارنة بما يقتضيه الحال في غياب هذا التمويل وبسعر فائدة أقل مما يمكن الحصول عليه من مصادر أخرى.

و يرى البنك انه ينبغي أن يتيح الدائنون الخارجيون الآخرون متنفسا أكبر لهذه البلدان من خلال التمويل بشروط مواتية، ويفضل أن يكون في صورة منح.

و قال  جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، حيث يشرف على عمل الصندوق في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا الوسطى والقوقاز. ان البنك يسعى  أيضا إلى مراعاة الظروف الاجتماعية/السياسية – كما حدث مع تونس  “حيث قمنا بتخفيض هدف المالية  “العامة،  رغم تكلفة ذلك من حيث الدين والتضخم.

و يضيف أزعور “لا شك أن معالجة مسألة الاستدامة المالية لا تقتصر على تخفيض عجز الموازنة، بل ترتبط أيضا بالطريقة التي تختارها الحكومة لتحقيق الهدف. ويعتبرالنظام الضريبي  آلية بالغة الأهمية – سواء لزيادة الإيرادات (بما في ذلك الإيرادات المطلوبة لتمويل النفقات الاجتماعية) أو لضمان توزيع العبء المالي توزيعا عادلا على مختلف شرائح السكان.

و حسب ازعور فقد شكل هذا الأمر مشكلة بالنسبة لكثير من بلدان المنطقة، وهو ما يرجع جزئيا إلى الإيرادات المحلية شديدة الانخفاض –  حوالي 10% من إجمالي الناتج المحلي في المتوسط – والاقتصار في تحصيلها على قلة من دافعي الضرائب. ففي الأردن، على سبيل المثال، تشكل الأسر التي تدفع أي نوع من ضرائب الدخل الشخصي 5% فقط من مجموع الأسر. ومن المفهوم أن الناس لا ترغب في دفع المزيد إذا رأت في النظام محاباة للأثرياء.

ومن ثم ينبغي بذل مزيد من الجهود لمكافحة التهرب الضريبي، وتوسيع القاعدة الضريبية، وجعل النظام الضريبي أكثر تصاعدية. وغالبا ما تتضمن المشورة التي يقدمها الصندوق بشأن السياسات توصيات لتحقيق هذه الأهداف.

وفي البرامج التي يدعمها  حرص الصندوق على توجيه اهتمام متزايد لحماية الأقل دخلا من أثر الزيادات الضريبية وتخفيضات الإنفاق. ففي تونس، على سبيل المثال، توسعت الحكومة في برنامج التحويلات النقدية لأصحاب الدخول المنخفضة، فضاعفت عدد الأسر المستفيدة وزادت متوسط التحويلات بمقدار ثلاثة أضعاف، كما تجري مراقبة الإنفاق الاجتماعي الكلي من خلال حد أدنى للإنفاق في البرنامج الذي يدعمه الصندوق.

وفي مختلف أنحاء المنطقة، دعا الصندوق لتخفيض دعم الطاقة المكلف. لماذا؟ لأن هذا الدعم يعود بالنفع على أثرياء المجتمع في الأساس. ومن المهم أيضا أن الصندوق حث بقوة في نفس الوقت على تجنب تخفيض الدعم الغذائي، كدعم الخبز في الأردن وتونس مثلاً.

ومرة أخرى، حتى تكون برامج الإصلاح فعالة، ينبغي أن تُصمَّم بما يتلاءم مع ظروف كل بلد وأن تتبناها الحكومة بشكل كامل. ومن العوامل الأساسية في هذا الصدد أن يتم التشاور مع أهم الأطراف المعنية – بما فيها المجتمع المدني – وهي سمة أصبح الصندوق يحرص على وجودها في البرامج التي يدعمها حول العالم.

وحسب صندوق النقد الدولي تشمل أولويات الإصلاح ما يلي:

  • الحد من الفساد، وتشجيع المنافسة العادلة من خلال التجارة والتنظيم الأفضل، وتحسين فرص الحصول على التمويل حتى تزدهر الشركات الصغيرة والناشئة.
  • الاستثمار في المهارات – وخاصة مهارات الشباب – لمواكبة احتياجات الاقتصاد الجديد عن طريق تحديث التعليم والتدريب ومساعدتهم في العثور على وظائف.
  • ضمان الفرص للجميع عن طريق الإنفاق المتكافئ والداعم للنمو والنظام الضريبي العادل.
  • تعزيز حقوق المرأة القانونية، وكذلك تلبية احتياجات اللاجئين للطعام والمسكن والتعليم والعمل.

وليس من السهل تحقيق أي من هذه الأمور. وربما تكون المسألة الخلافية في هذا الصدد هي كيفية تحصيل الدولة للضرائب وإنفاقها للإيرادات.

ولا يوجد خيار أمام كثير من البلدان سوى تحقيق موازنات متوازنة؛ فلا يمكن الاستمرار في مراكمة الدين العام لتمويل نفقات غالبا ما تكون غير منتجة. وقد جاءت خدمة هذه الديون على حساب الإنفاق الحيوي على الصحة والتعليم، مما يعني أن عبء هذه الفاتورة سيقع على الأجيال القادمة.

إن عدم المسؤولية المالية ليس فقط منافٍ للحكمة، إنما يفتقر إلى العدالة أيضا. والتحدي الذي يتعين مواجهته في هذا الخصوص هو القيام بالتصحيح الضروري على نحو متوازن وبوتيرة ملائمة وبطريقة تتناسب مع ظروف كل بلد. وهذا ما يستطيع الصندوق المساعدة في تحقيقه.

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة