AccueilNon Classéالأزمة الاجتماعية : القصبة خارج الخدمة

الأزمة الاجتماعية : القصبة خارج الخدمة

بدأت سحب الأزمة الطاحنة التي كادت تعصف بالسنة الدراسية تتضاءل شيئا فشيئا بعد نجاح الهيئة الادارية الوطنية لاتحاد الشغل في كسر الاستحالة، وتقديم «تنازل» ذكي أفسح المجال لتحريك التفاوض حول مطالب المدرسين دون المساس بمصالح التلاميذ… وعادت أمس رسميا المفاوضات حول مطالب قطاع الثانوي في جلسة تفاوضية وقد سبقها لقاء بين الرئيس الباجي قائد السبسي والأمين العام للاتحاد نورالدين الطبوبي، وفي الواقع، لم تخل المحطات الأخيرة قبل حل الأزمة من تنسيق بين الرئاسة وقيادة الاتحاد، قبل انعقاد الهيئة الادارية، وبعدها، وصولا الى صباح أمس الاثنين.. ويبدو الامر هنا، كما لو كان تحويلا لجسر التواصل نحو قصر قرطاج، بعد تراكم خلافات حادة في مدار علاقة الاتحاد بحكومة الشاهد..

ولا مناص اليوم من القول ان الفريق الحكومي بدأ يفاوض على إيقاع انفراج جاء من خارج أسوار القصبة وبدفع من «قرطاج» تحديدا، على أن نبرة وزارة التربية والوزارات المعنية، بدت أمس أكثر توازنا وأقل انفعالا وأكثر قابلية للتعاطي الجدي مع مطالب الاتحاد والتي صار عنوانها المركزي هو المكتب التنفيذي والأمين العام الذي امسك بالملف في لحظة فارقة وحاسمة حتى لا تؤول الأمور الى السيناريو الأسوإ…

كان تفاعل وزير التربية حاتم بن سالم يوم أمس ايجابيا مع الخطوة التفاوضية، بل حاول أصلا ازالة الجليد الذي تراكم في علاقته بنقابات التعليم على إيقاع الأزمة حين قال ان «الوزارة شريك لنقابات الاتحاد … هم شركاؤنا وليس لنا أي مواقف تمس من علاقتنا بنقابات التعليم».

وإذ أشار أنه أصدر تعليماته لجميع اطارات الوزارة بالتفهم الكامل لمطالب النقابات، فإنه يمكن القول ان صفحة جديدة فتحت خارج الصد والتعنت في انتظار حل تمت ترجمته الى تفاهم أولي وقد يترجم قريبا الى اتفاقية ممضاة بالتنسيق مع الوزارات المعنية بالمفعول المالي وبالجوانب الاجتماعية أي وزارة المالية ووزارة الشؤون الاجتماعية.

ويبدو تصريح الطبوبي بعد لقائه برئيس الجمهورية متفائلا في هذا الصدد، حين أكد على «دقة المرحلة الراهنة وأهمية تجاوز الصعوبات بإرادة جماعية صادقة ووحدة وطنية صماء» وحين أشار الى تقدم الحوار مع الرئيس بالقول «لمست إرادة للإصلاح السياسي الذي سينعكس مباشرة علىالوضعين الاقتصادي والاجتماعي».

وإذ يستمر اصرار المنظمة الشغيلة على اعتبار التغيير الحكومي مدخلا للإصلاح ضمن مسار قرطاج 2، فإنها تستمر بالمقابل، في التفاوض وبروح إيجابية مع الوزارات المعنية بمطالب نقاباتها، وهذا ما يعني تفادي القطيعة مع حرص واضح على اعتماد رئاسة الجمهورية كمرجعية أولى للتواصل، وهي مسألة تكررت في أكثر من منعرج ولاسيما عند اشتداد الأزمات بحثا عن قوة تحكيم وتعديل من داخل منظومة السلطة.

والمهم الان هو أن انطلاق التفاوض حول المطالب المهنية لقطاع الثانوي يعتبر خطوة ايجابية خاصة وان الأمل يحدو كل الأطراف لبلورة ما تم الاتفاق عليه من حلول عقلانية تراعي في الآن ذاته حقوق المدرسين والتوازنات المالية للدولة. والأكيد ان عنصر الخبرة، سواء من جانب رئاسة الجمهورية أو من جانب المركزية النقابية، قد لعب دوره في تجاوز حالة تخبط وانسداد تفاوضي رافق ردهات هذه الأزمة، وهذا ما انعكس فعلا على مخرجات الجلسة التفاوضية الأولى..

تفاهمات مبدئية

لقد تم التوصل في جلسة الأمس وحسب البلاغ الاعلامي الذي أصدرته الجامعة العامة للتعليم الثانوي الى جملة من نقاط الاتفاق المبدئية ومن ضمنها تمتيع المدرسين بالتقاعد الاختياري عند بلوغ سن الـ 57 مع 32 سنة عملا والتنفيل بـ3 سنوات ومواصلة النظر في الاجراءات الفنية والترتيبية المتعلقة بذلك، كما تم الاتفاق على مضاعفة منحة الامتحانات الوطنية مراقبة واصلاحا، وإقرار صيغة ثالثة للترقية المهنية الى جانب صيغتي الترقية بالملفات والترقية بالشهائد… هذا الى جانب نقاط أخرى تتعلق بتنظير منحة الخطط الوظيفية على رأس المؤسسات التربوية بمثيلتها المسندة الى مصالح وزارة التربية، وبمتابعة ملف الأساتذة النواب ومتابعة أوضاع المؤسسات التربوية.

كما تم الاتفاق على إحداث لجنة خاصة بالتفاوض حول كل المطالب المالية الخصوصية وعقد أولىجلساتها يوم الثلاثاء 15 ماي 2018…

ويبدو واضحا ان التفاهمات الأولية قد صيغت بروحية التنازل المشترك ما يعني ان الخطوات التي ترتبت بين ساحة محمد علي وقصر قرطاج قد أثمرت حوارا تشاركيا خارج الضغوطات والإكراهات.

+++ خليل الرقيق – الصحافة اليوم

 

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة