Accueilالاولىعبدالمجيد الشرفي : الضرائب أفضل من الزكاة لأنها تحفظ كرامة الانسان

عبدالمجيد الشرفي : الضرائب أفضل من الزكاة لأنها تحفظ كرامة الانسان

قال المفكر عبد المجيد الشرفي، رئيس بيت الحكمة بتونس، إن المجتمعات الإسلامية شهدت تطورات مختلفة، لأن الدين، أو المؤسسة الدينية الإسلامية، كانت في أغلب الأحيان تابعة لسلطة السياسي، «ما عزز محاولات مختلفة ومتفاوتة القيمة والنتائج للتخلص من هيمنة السياسة»، عكس ما وقع في الغرب في علاقة الدين بالسلطة أو السياسة، حيث كان الدين المهيمن على السياسة، التي سعت إلى أن تتحرر من هيمنة الدين وتتخلص من رقابة الكنيسة في البلدان الكاثوليكية.
ونبه رئيس بيت الحكمة التونسي، في محاضرة ألقاها، مساء الجمعة الماضي، في إطار الندوات التحضيرية لأكاديمية المملكة المغربية، حول موضوع علاقة الحداثة الغربية بالظاهرة الدينية، إلى أن الحداثة الغربية، أو النمط الغربي، أصبح نمطا كونيا، ووريث أنماط حضارية سابقة، آخرها الحضارة الإسلامية، أخذ منها جميعها، لكنه تجاوزها، بالقطع مع توظيف الدين لإضفاء المشروعية على المؤسسات ونزع القناع الديني الذي كان يحجب طبيعتها، فتحولت إلى مؤسسات بشرية، وبالتالي نسبية وليست مطلقة. هذا التحول اعتبره المفكر جوهر الحداثة، وبداية نشأة النظم الديمقراطية.
وذهب الشرفي خلال المحاضرة ذاتها، إلى اعتبار أن المجتمعات الإسلامية، تجاوزت مرحلة قبول أو رفض هذه الحداثة، «بل أزعم أننا إذا أردنا أن ننخرط في التاريخ، مفروض علينا أن نتبنى هذه القيم بدون احتراز»، معللا ذلك بأن الحداثة، رغم نشأتها بالغرب فإنها صالحة لكل المجتمعات البشرية وتمثل أفقا يسعى إلى تحقيقه الناس «متى كانوا واعين بأنها جديرة بأن تطبق على أرض الواقع». وأوضح في السياق ذات أن المجتمعات الإسلامية إذا آمنت بهذه الحداثة الغربية بقيمها الجديدة ستجد، في تراثها العديد من المواقف التي تسند هذا الرأي، بدءا من ديمقراطية المعرفة، عندما تحدث الإمام مالك عن أن منع العلم عن العامة لا خير فيه للخاصة.
وتابع الشرفي بالقول إن نظام التضامن الاجتماعي الذي ابتكرته الحداثة الغربية، لتقليص الفوارق الاجتماعية بين طبقات المجتمع، أكثر عدلا من نظام الزكاة المعمول به لدى المسلمين، «فبعدما كان الفقير يأخذ الصدقة دون أن يشعر بمس بكرامته، إذا بالأنظمة الاقتصادية الحديثة تأتي بشيء جديد اسمه التضامن الاجتماعي، هو قيمة جديدة في حاجة لمال الأغنياء ليوزع ليس بطريقة شخصية بل بطريقة عمومية».
ليخلص الباحث في دراسة الفكر الإسلامي وعلاقته بالحداثة، إلى أن الضرائب الحديثة تقوم بالوظيفة نفسها للزكاة في القديم، لكنها تحفظ كرامة من يأخذ وهي أكثر عدلا، على اعتبار أن الأنظمة الضرائبية الحديثة فيها تصاعدية، منبها إلى «أننا في بيئتنا الإسلامية لم نقبل بعد أن الضرائب هي زكاة متطورة وهناك من يدفعونها لأنها مفروضة ويدفعون الزكاة، أي أن المؤمن لم يستوعب بعد طبيعة هذه الأموال وبقي متشبثا بمنظومة اقتصادية تقليدية، يعتبر فيها الفقر ظاهرة طبيعية، وفي كثير من الحالات كان يمدح فيها الفقر ويعتبر الفقير ذا منزلة رفيعة دينيا، قبل أن يتبين أن للفقر أسبابا بشرية وأنه نتيجة اختيارات سياسية واقتصادية معينة.
وفيما توقف رئيس بيت الحكمة عند مشكلة المساواة في الإرث، التي تبقى غير مطروحة في العديد من المجتمعات الإسلامية باعتبارها مخالفة للنصوص، رغم أن الممارسة تخالف السائد، إذ هناك رجال ونساء يورثون أبناءهم وبناتهم على قدم المساواة لأنهم تبنوا هذه القيمة الجديدة، نبه إلى أن إمامة المرأة أيضا موضوع يثير ومازال جدلا واسعا، يجمع المسلمون في جميع الدول على رفضه وتأكيد عدم جواز أن تؤم المرأة الرجال، لأن بين المذاهب اختلاف حول إمامتها للنساء، بينما هناك قيمة جديدة نشأت مع الحداثة الغربية وهي قيمة المساواة بين الرجال والنساء، التي لا تستثني أي مجال. هذا الاختلاف وصعوبة تقبل تطبيق المساواة بين الجنسين يقول الشرفي ليست خاصة بالمجتمعات الإسلامية، بل موجودة أيضا عند الكاثوليك الذين يرفضون أن تكون المرأة معمدة لتكون قسا أو أسقفا، بينما البروتستانية والأنغليكانية قبلت ذلك، وأصبح الراعي يمكن أن يكون رجلا أو امرأة، أي أن الحداثة تتجاوز ما هو موجود في الماضي، لكنها لا تأتي دائما بالجديد كل الجدة، في هذه المسألة بالذات لو عدنا إلى بن عربي لرأينا أنه يدافع عن إمامة المرأة مطلقا، وهذا الموقف كان أقليا شاذا، لكنه كان موجودا.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة