Accueilالاولىهيئة مكافحة الفساد : الوصايا العشر

هيئة مكافحة الفساد : الوصايا العشر

عرف ملف مكافحة الفساد في المدة الاخيرة حراكا و تطورا ملحوظا من حيث التعاطي معه وتبويبه في اولويات السلطة التنفيذية .. ويمكن ملاحظة ذلك بسهولة خصوصا على مستوى تصريحات المسؤولين في الدولة او على مستوى بعض القرارات التي تم اتخاذها او الاعلان عن النية في الانطلاق فيها خلال الفترة القادمة .. بصفة متوازية مع الحراك السياسي و التغيير الحكومي المرتقب لا ينفك الحديث عن ملف محاربة الفساد  يتردد بعد ان قفز في المدة الاخيرة من اخر سلم المشاغل الى اعلاها .. و على وقع اعلان الدولة الانخراط في مكافحة الفساد بشكل جدي نظمت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد خلال شهر جوان 2016 استشارة وطنية ضمت اكبر عدد ممكن من المتدخلين من ذوي الاختصاص , اسفرت عن اصدار توصية للحكومة باتخاذ عشرة قرارات عاجلة تؤسس للبدء في المقاومة الفعلية للفساد ..

إعلان الحرب على الفساد و التعبئة العامة ضده :

جاءت هذه النقطة على راس التوصية التي رفعتها الهيئة للحكومة .. و قد جاء التفاعل معها رسميا بعد مدة وجيزة تحديدا في الكلمة التي القاها رئيس الحكومة المكلف يوسف الشاهد في الاول من الشهر الجاري من خلال اعلانه الحرب على الفساد كواحدة من اهم الاولويات التي سيعمل عليها و حكومته و قد بوبها مباشرة في المرتبة الثانية بعد الاولوية الاولى و هي الحرب على الارهاب .. و كانت الهيئة قد اعتبرت في توصيتها ان مثل هذا الاعلان سيحقق هدفين مهمين اولهما توجيه رسالة مفادها عزم الحكومة على مقاومة هذه الافة بما تنطوي عليه من تنبيه للفاسدين .. و ثانيهما اعادة الثقة للمواطن في توجه الحكومة الجدي لمكافحة الفساد بعد طول انتظار ..

وثيقة قرطاج  لم تغفل الحرب على الفساد :

قبل كلمة يوسف الشاهد يوم تكليفه رسميا .. تضمنت الوثيقة التاليفية المتعلقة باولويات حكومة الوحدة الوطنية التي جاءت بناء على مبادرة من رئيس الجمهورية و التي اطلق عليه اسم “وثيقة قرطاج” ستة نقاط عاجلة و ضرورية كانت في صلب المشاورات و النقاشات التي دارت بين المنظمات و الاحزاب المشاركة في هذه المبادرة .. الحرب على الفساد و ارساء مقومات الحوكمة الرشيدة كانت النقطة الثالثة في سلم الاولويات بعد الحرب على الارهاب و تسريع نسق النمو والتشغيل .. و ذلك من خلال مجموعة من الاجراءات و التدابير اولها وضع خطة وطنية لمكافحة الفساد .. و سبق ان رفعت الهيئة في توصيتها تاكيدا على ضرورة الدعوة الى عقد مؤتمر وطني حول الاستراتيجية الوطنية التي يجب توخيها لمحاربة الفساد و الذي كانت الهيئة قد انطلقت في الاعداد له منذ سنة 2012 بالتعاون مع البرنامج الانمائي للامم المتحدة و لم تتمكن من التقدم فيه نتيجة التقاعس الحكومي و احجامه غير المعلن عن تشجيع المبادرة و استعاضتها باستراتيجيا حكومية لمقاومة الفساد لم تر النور ..

كما نم التاكيد في وثيقة قرطاج في سياق العزم على محاربة الفساد و تكريس مبادئ الحوكمة الرشيدة , على احترام حق النفاذ الى المعلومة و تمكين الراي العام من الاطلاع على كافة المعطيات و المعلومات .. كذلك اعتماد التكنلوجيات الحديثة التي تمكن من تيسير الاجراءا ت و تضمن اسداء الخدمات و ايصال الحقوق الى اصحابها في اطار الشفافية و النجاعة .. و هو ما اوصت به الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد من خلال حثها الجانب الحكومي و السلطة التنفيذية بصفة عامة على الشروع فورا في تطبيق نظام الحكومة المفتوحة OPENGOV و الحكومة الالكترونية E- GOUVERNEMENT  و الذي تعتبره الهيئة طريقة للحد من البيروقراطية اولا و للحد من الاتصال المباشر بمسدي الخدمات على المستوى الاداري مما من شانه ان يمنع فرص الانحراف بالاجراءات سواء بمقابل او على سبيل المجاملة .. كما ان تطبيق مثل هذه المنظومات الحديثة يضمن الشفافية و يحد من الفساد ..

– الوثيقة المرجعية لمبادرة رئيس الجمهورية .. و نقاط الالتقاء مع توصيات الهيئة :

اخذت مقاومة الفساد حيزا لا باس به من نص الوثيقة المرجعية لمبادرة رئيس الجمهورية بتشكيل حكومة وحدة وطنية و التي نشرت على اعمدة الصحف في منتصف شهر جوان الفارط .. و الذي ادرجها في المرتبة الرابعة ضمن اولويات المرحلة المقبلة .. اكد الرئيس ان التصدي له لا يتم الا عبر ” الاسراع في سن قوانين حماية المبلغين عن الفساد و تعميم التصريح بالمكاسب لمسؤولي الدولة و التصدي للاثراء غير المشروع و كذلك عبر القيام بتدقيق شامل لتقارير هيئات الرقابة والتدقيق للاربع سنوات الاخيرة على الاقل ” .. الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد تطرقت في توصيتها ايضا الى هذه النقاط عبر طلب النظر في مشاريع قوانين كل من حماية المبلغين , الهيئة الدستورية للحوكمة و مكافحة الفساد , التصريح بالمكتسبات و الاثراء غير الشرعي , الاطار القانوني للقطب القضائي و المالي ..

كما اكدت الهيئة في توصيتها على ضرورة الاذن باجراء تدقيق و مسح شامل لتقارير هيئات الرقابة و التفقد و التدقيق و دائرة المحاسبات للثلاث سنوات الاخيرة بغرض اجراء التتبعات القضائية في ملفات الفساد التي اشارت اليها التقارير و تم تجاهلها من طرف الادارة ..

بين الدخول في مرحلة التطبيق العملي.. و التصريحات و النوايا و البرامج , تشهد الحرب على الفساد تصاعدا في وتيرتها و ان يكن بخطى وئيدة .. و تستمر الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في تقديم مجهوداتها مترجمة الى تصورات و خطط و توصيات لاقت في جزء منها التفاعل من طرف اكثر من جانب في الدولة لكن يبقى الملموس حاليا بعيد نوعا ما عن انتظارات الهيئة التي تطمح الى حث الخطى نحو حرب حقيقية و شاملة على الفساد تتحدث عنها نتائج و ارقام واضحة للداخل و الخارج ..

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة