Accueilالاولىبعد قضية الجم : تراخيص لاشتراء الذمم

بعد قضية الجم : تراخيص لاشتراء الذمم

خلفت الأحداث الاخيرة التي شهدتها  مدينة الجم حول غلق نقطة بيع خمور مرخصة  جدلا واسعا بين عدد من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني غاصت جميعها في الجانبين الاجتماعي والاخلاقي متجاهلة الجانب الاقتصادي والقاني خاصة فيما يتعلق باسناد الرخص في تونس  لممارسة بعض الأنشطة الاقتصادية فبغض النظر عن الجانب السياسوى في المسالة السؤال المطروح هو لماذا وقع اسناد الرخصة الى هذا الشخص دون غيره وعلى أي أساس

ان الحديث عن هيبة الدولة في غير محله لان الدولة و من يمثلها من اداريين و سياسيين هم المتسببين في ما وقع  اذ لا رغبة و لا إرادة في حل معضلة الرخص بكافة أنواعها فهذا موضوع قديم و متجدد يستغله السياسيون  كسلاح فعال لمحاباة المقربين و معاقبة المعارضين ويحدث هذا على امتداد عقود طويلة تعود جذورها الى  زمن البايات  حيث اشتهرت في زمانهم مقولة “انحيلك الجديدة” و المقصود بها ضيعة فلاحية بمنطقة الجديدة شمال تونس من اخصب المناطق الفلاحية على وادى مجردة التي تمكن مالكها من تكديس ثروة  طائلة حيث كان الباي يسندها لمن والاه و يحرم من خالفه مرورا الى عهد الاستقلال حيث تسند الرخص للمقاومين الحقيقيين او المفترضين كمكافاة لما قاموا به من مقاومة الا ستعمار وصولا الى عهد بن على حيث كان هو شخصيا من يسند الرخص بأنواعها لمن أراد .

ولهذه الرخص أهمية قصوى يكفي ذكر بعض أنواعها لكي نفهم حجم ما يمكن ان تدر على صاحبها من مداخيل دون عناء ولا تعب من رخصة “دخا ن” «كحول” تاكسي «لواج” الى رخصة ” فريب” ورخصة استغلال مقاطع ورخص صيد التن.

فهذه الرخص الأخيرة تمكن صاحبها من تحقيق مكاسب متفوتة الأهمية   في وقت قصير دون تعب او عناء اذ ان الكثير من أصحاب هذه الرخص يقوم بكرائها للغير ويكتفى بمعين كراء هام دون ادنى مجهود مع العلم ان هذا مخالف للقانون.

و ذلك يتم بعلم السلطات و مع ذلك لا تحرك ساكنا و لا نلمس اية رغبة في الاصلاح من طرف الحكومات المتعاقبة فهي لا تريد التخلي عن وسيلة فعالة لكسب الموالين و محاباة المقربين  فهل بهذه الإجراءات سنقضى على الفساد .

وحسب طارق البعزواي المتخصص في مجال الجباية  ”  فان  الفساد يكمن  في القانون نفسه فعلى أي أساس يمنح الوزير رخصة لعمر و لا يسندها لزيد لا بد اليوم من تحرير جميع القطاعات مهمه كانت  لكى يتمكن الاقتصادالوطني من النهوض  اذ يجب ترك الحرية لمن يريد ان يعمل و يتقدم و السوق و المنافسة هي  من يحدد القواعد و مع الأسف الدولة هي المسؤولة عن هذه الخزعبلات و نقدم مثالين على ذلك

أولا مسالة بيع الخمر خلسة يجب تحرير القطاع مع اننا لا نشجع على شرب الكحول فهذا يمكن من توفير مجهود الامن في مقاومة الجريمة وليس في تتبع بعض التجار كما هو معلوم كل ما هو ممنوع فهو محبوب اذ يكفي اعداد كراس شروط للقضاء على هذه المعضلة

ثانيا مسالة ازمة السجائر فالى متى هذه الفوضى فمن يبيع السجائر ليس هو صاحب الرخصة وهو السبب الرئيسي في ارتفاع أسعارها وسبب السوق السوداء هناك العديد من المتمعشين من هذه الوضعية الضبابية  من اداريين وسياسيين ولا ننتظر حلولا منهم

إذا كانت السلطة السياسية جادة في مقاومة الفساد عليها أولا الغاء القوانين الفاسدة والغاء الرخص بأنواعهاوتعويضها بكراس شروط او غير ذلك من الوسائل فهذا هو السبيل الوحيد لنمو الاقتصاد ومقاومة الاحتكاروالسوق السوداءوالاثراء غير المشروع  فلا بقاء الا لمن اجتهد وأصاب وهو سر تقدم الدول.

لقد أصبح توزيع السجائر المحلية بالطرق القانونية حلما لا يمكن تحقيقه في بلد سن مقوانين تقاوم الاحتكار ولكن رغم ذلك تواصل  الجهات المعنية دفن رأسها في الرمال وكأن القضية تحصل في بلد اخر غير تونس

وفي كل مرة يعلن المسؤولون انه لا يوجد أيّ نقص في الانتاج بالمصانع التونسية،.

فالقباضات المالية تزوّد الموزعين بنفس الكميات من المنتوج (كارذونة “ليجار” و2000 علبة سجائر “كريستال”)،

حتى أن مدير عام المنافسة والمراقبة الاقتصادية بوزارة التجارة، محمد العيفة، دعا عبر وسائل الاعلام المحلية وزارة المالية إلى تحمّل مسؤوليتها تجاه احتكار التجار والموزعين لمادة السجائر المحلية وبيعها في السوق السوداء بأسعار خيالية.

 

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة