Accueilافتتاحيةفي سياسة التدمير الشامل للسيادة الوطنية

في سياسة التدمير الشامل للسيادة الوطنية

كشف رئيس الحكومة في الحوار الذي أدلى به لوكالة تونس افريقيا للانباء يوم الثلاثاء 24 جويلية 2018 ان تونس تستعد للحصول على القسط الرابع من قرض صندوق النقد الدولي لتمويل ميزانية الدولة مؤكدا بذلك الحاجة الى اعداد مشروع قانون مالية تكميلي لسنة 2018 للحفاظ على التوازنات المالية الداخلية التي بلغت مستوى من العجز اختارت حكومة الشاهد التعاطي معه باللجوء الى الاقتراض الخارجي.
الاقتراض الخارجي تحول الى عقيدة واستراتيجيا وخيار وطني «لا مفر منه» كما اعلن عن ذلك وزير التنمية والتعاون الدولي والاستثمار الخارجي في لجنة المالية والتخطيط والتنمية بمجلس نواب الشعب المنعقدة هذا الاسبوع التي خصصت لمناقشة المبادرة التشريعية المتعلقة بالتدقيق في المديونية التي تقدمت بها الجبهة الشعبية منذ سنة 2016 والتي تزامنت مع الجدل القائم حول المصادقة على مشروع القانون عدد 57 لسنة 2018 المتعلق بالموافقة على اتفاق القرض المبرم في 29 جوان 2018 بين الجمهورية التونسية والبنك الدولي للانشاء والتعمير لتمويل برنامج دعم ميزانية الدولة.
زياد العذاري دافع بشراسة عن هذا التوجه الاستراتيجي لحكام تونس الجدد الذين جاءوا بعد ثورة، اعتقدنا للحظات انها ستمنح هذا الشعب الحق في تقرير مصيره كما جاء في توطئة دستور سنة 2014 ليفسر «بالفلاقي» نظرية التفريط في السيادة الوطنية التي تعتبر، والقول لصاحبه «ان التداين ضرورة من ضرورات الحياة» متعمقا في التحليل من خلال اعتماد منهجية الفرضيات قائلا: «فرضا لو يوقف مجلس نواب الشعب القرض فكيف سيقع خلاص الاجور وتسديد خدمة الدين وتوفير الموارد المخصصة للدعم وللمصاريف اليومية، فهل تريدون ان نطلب من الموظف ان يأتي بقلمه من منزله؟ وفرضا لو يقع ايقاف القرض لدفع الحكومة لكي تجمع موارد اكبر من المتهربين جبائيا والمهربين والسوق الموازية فكيف سيقع توفير الاحتياطي من العملة الصعبة؟»… ليقف عند حقيقة تستحق البحث والتعمق مفادها «ان تونس في كل الاحوال مضطرة الى التداين وليس أمامها خيار آخر غير التداين».
لقد جاءت الثورة لاعادة الامل لشعب ـ أو هكذا اعتقدنا ـ في اقتصاد انهكته خيارات تنموية تقوم على الاستثمار الاجنبي المباشر وعلى اولويات السوق الخارجية متجاهلة اولوياتنا التنموية الوطنية وحقوق الفاعلين الاقتصاديين في توفير شروط المنافسة الشريفة والحماية من الاغراق والتوريد، وانجزنا دستورا جديدا يعترف بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وبحق الشعب في تقرير مصيره، وقمنا بانتخابات تشريعية ورئاسية للعمل في اطار مقتضيات هذا الدستور، الا ان حكومة الشاهد اختارت مسارا مخالفا ومعاكسا لذلك يقوم على الارتماء في أحضان المؤسسات الدولية المقرضة وتروج لاصلاحاتها الكبرى التي تقف وراء انهيار كل الاقتصاديات التي خضعت لها بما في ذلك الاقتصاد التونسي الذي يجني اليوم تبعات برنامج الاصلاح الهيكلي للاقتصاد الوطني لسنة 1986 الذي سلب السلط العمومية كل قرار اقتصادي وفرط في صلاحياتها لفائدة قوانين السوق بما جفف كل مصادر تمويل ميزانية الدولة وحول سياسة التقشف الى قدر لا مفر منه.
لقد ضربت حكومة الشاهد عرض الحائط تطلعات الشعب التونسي التي ترجمها دستور 2014 لتنظر لخيار التداين الخارجي ومزاياه على بقائها في السلطة وعلى «الاستقرار الحكومي» حسب مفهومها الخاص الذي يستند بدوره الى مصالح اللوبيات والشركات العالمية والاستثمار الاجنبي المباشر في تونس التي يؤمنها صندوق النقد الدولي وبقية المؤسسات المالية الدولية والافريقية والاوروبية.
ان السلطة التشريعية التي تمثل مصالح الشعب التونسي مدعوة الى التصدي لخيار التداين الخارجي، دعوة لا يمكن ان تجد لها طريقا في ظل تغول تيار «التوافق» على تدمير مقومات السيادة الوطنية.

+++ جنات بن عبدالله

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة