Accueilافتتاحيةالاستقرار الحكومي يفقد بريقه

الاستقرار الحكومي يفقد بريقه

يبدو ان عبارة الاستقرار الحكومي التي تمسّكت بها حركة النهضة الى حد اليوم للابقاء على الشاهد وحكومته بدأت تفقد بريقها ليتحول الحديث اليوم إلى الاستقرار السياسي الذي أصبح يؤرق الجميع محليا ودوليا اضافة الى الوضع الاقتصادي المرتبك أصلا مع تواصل حالة التضخم المفزعة وكانت النهضة حددت آخر سبتمبر المنقضي كأجل أقصى للشاهد لكي يعلن عن نيته بعدم الترشح الى الاستحقاق الانتخابي لسنة 2019 .

فالأزمة السياسية التي بقيت تحوم لأشهر فوق بيت الندائيين لتنتقل في مرحلة اخرى الى الجسر الرابط بين القصبة وقرطاج انتقلت اليوم الى حركة النهضة التي تستعد الى عقد مجلس استثنائي لمجلس شوراها .

وحسب مصادر قريبة من الحركة فان هذا المجلس مفتوح على كل المفاجآت ليسطع نجم المطالبين برحيل حكومة الشاهد للحفاظ على شعرة معاوية مع قصر قرطاج والأكثر من هذا كله فان مخاوف الداعين الى رفع اليد عن حكومة الشاهد داخل حركة النهضة أصبحت لديهم أكثر من حجة ولعل أبرزها تجاهل يوسف الشاهد لدعوة اطلقتها الحركة منذ أكثر من سنة وهي التزام رئيس الحكومة بعدم الترشح للاستحقاقات الانتخابية القادمة .

لقد بدأت تبرز العديد من المؤشرات على امكانية تكرار سيناريو الحبيب الصيد وبدأ المراقب السياسي يتلمسها يوما بعد اخر فالقيادي في حركة النهضة سيد فرجاني الذي كاد ان يترأس اول حكومة بعد انتخابات 2011 بدلا عن زميله حمادي الجبالي عبر عن ذلك صراحة في برنامج على قناة «نسمة» اين اكد أن لديه معلومات تفيد «بأن شخصيات في دائرة رئيس الحكومة يوسف الشاهد أو في كتلته توعّدت باستهداف حركة النهضة بعد شهرين» كما وجه تهما عديدة ليوسف الشاهد واتهمه بالتحضير لحكم ديكتاتوري قادم ملمحا الى انه (الشاهد) سيتنكر عندما يتمكن من الحكم للنهضة بعد ان تقدم له الدعم للبقاء في الحكومة وللترشح للرئاسية.

حركة النهضة تفصّت علنا من تصريحات سيد الفرجاني وقالت انها تصريحات شخصية ولا تلزمها مجددة اعلان دعمها للاستقرار الحكومي ولبقاء يوسف الشاهد.

ولكن هل ان السيد فرجاني يغرد خارج السرب؟ للرد على هذا السؤال تقدم السيد لطفي زيتون المستشار السياسي لزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي ليكشف مسألة الاستقرار الحكومي الذي تدعو اليه النهضة ليعلن حرفا على حرف ان «الاستقرار السياسي هو الاهم في هذه الفترة من الاستقرار الحكومي »

لطفي زيتون ذهب إلى أبعد من ذلك بكثير ليعلن على أمواج اذاعة ديوان أف أم « إن الحل للخروج من الأزمة السياسية يتمثل إما في العودة إلى الآليات الدستورية ودعوة الحكومة للذهاب إلى البرلمان لتجديد الثقة فيها أو قيام رئيس الحكومة يوسف الشاهد بتغليب المصلحة وتقديم استقالته.

وأشار زيتون إلى أنه لم يفهم من بيان مجلس شورى النهضة أنه يطلب من الشاهد الالتزام بعدم الترشح بل تضمن توجيها لكي يتم التركيز على العمل الحكومي والإصلاحات عوض الانشغال بالانتخابات مضيفا أنه حتى لو التزم الشاهد بعدم الترشح فلن يغير ذلك شيئا في الأزمة السياسية.

وبيّن أن كل الأطراف تقريبا لم تعد راضية عن الحكومة مبرزا أن هناك أطرافا تطالب بإقالتها ووجهات أخرى تضع شروطا لاستمرارها ومؤكدا أن هذا الوضع ليس مريحا.

منار السكندراني القيادي السابق بحركة النهضة أكّد ان الموقف الرسمي والأخير من رئيس الحكومة يوسف الشاهد سيُقسّم الحركة الى شقين،مضيفا ان مصير الشاهد لم يعد حسابيا بيد النهضة .

وشدّد السكندراني على ان الحل الوحيد للخروج من الازمة السياسية التي تمر بها تونس هو التوافق الشامل، متابعا ان الشاهد وجب ان يصارح الشعب التونسي بانه لن يترشح للاستحقاق الانتخابي المقبل وينكب على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الكبرى والاجتماعية والاعداد للانتخابات .

من جهة اخرى بدأت حركة النهضة أو جزء كبير من قيادييها يتلمّسون محاولات الشاهد الصامتة للافلات من قبضتهم البرلمانية وهو ما زاد في شكوكهم حول تطلعات الشاهد السياسية خاصة وان جميع الأصباع تتجه اليه على كونه عراب كتلة «الائتلاف الوطني» التي أصبحت الكتلة الثانية في مجلس نواب الشعب مما سيجعلها عنصر توازن كبير بعد انهيار كتلة نداء تونس التي كانت في تناغم معها وقد تسحب منها القدرة على المبادرة والمناورة لفائدة رئيس الحكومة.

كما يتوقع ان يحاول رئيس الحكومة وهو يستعد لاجراء تحوير وزاري جزئي بعيد المصادقة على مشروع ميزانية 2019 اواخر نوفمبر أو أوائل ديسمبر الى النأي بنفسه عن حركة النهضة والسعي لابعاد الاتهامات التي تطاله بكونه رجل النهضة في القصبة وهي اتهامات وجدت طريقها داخليا وخارجيا وهي حقيقة موضوعية اذ انها الحزب الوحيد الذي مازال يسنده بعد تفتت ما سمي بحكومة الوفاق الوطني .

ومما سيزيد الطين بلة كما يقال تحويل التهديد بانسحاب وزراء النداء من حكومة الشاهد من أقوال الى أفعال مما سيضع النهضة والشاهد في حرج يصعب علاجه وهو ما سيعجل في الطلاق .

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة