شدد السيد الياس الفخفاخ رئيس الحكومة المكلف في أكثر من مناسبة منذ تكليفه من قبل رئيس الجمهورية بتشكيل الحكومة على انه تشكيلته ستضم مختلف الطيف السياسي في تونس من اليمين الى اليسار وما بينهما لضمان حزام سياسي متنوع وغير منغلق على نفسه
ولئن كان هذا التمشي الذي انتهى به الى تشكيل حكومة تضم براغماتيين وليبراليين ومحافظين اضافة الى الاشتراكيين يمكن ان يكون مصدرا لتنوع الأفكار ومعبرا على طيف واسع من التونسيين الا انه يمكن ان يكون مصدر ضعف للحكومة قد يؤدي الى ارباكها وقد يؤدي برئيس الحكومة الى فقدان السيطرة والحال ان كل الظروف متاحة الى حد الساعة لحصول مثل هذه الفوضى مع اول اجتماع لمجلس الوزراء
فلن نعيد اكتشاف العجلة ونحن نشير الى الخلافات العميقة بين التيار الديموقراطي وحركة النهضة اذ بلغت حملة الاتهامات المتبادلة مداها الأقصى لم تتوقف الا مع اعلان التركيبة الحكومية وما حصل ينم الى عدم الثقة بين الطرفين الذي خلفتهما مشاورات تشكيل حكومة الحبيب الجملي
والمشهد مشابه أيضا في العلاقة بين حركة الشعب وحركة النهضة فالأمر يكاد يكون مشابها للمشهد الأول والكلمة السر في هذه العلاقة هو تبادل عدم الثقة بين الطرفين هو الأمر الوحيد الذي يجمعهما الى حد الان
المهمة تبدو صعبة أمام الياس الفخفاخ الذي يستعد لمواجهة استحقاقات لا تحصى ولا تعد عنوانها اجتماعي واقتصادي
ولكن الفخفاخ ونحن نتابع مفاوضاته العسيرة والماراطونية مع مختلف الاحزاب التي ستتشكل منها الحكومة كشف لنا عن وجه اخر وجه المفاوض القوي الذي لا يخشى السير على حافة الهاوية وهو امر يحتاجه اي قائد لمرحلة كالتي تعيشها تونس واذ نشجعه على السير في هذا الاتجاه اي لا تراجع عن ما يراه صالحا للبلاد والعباد مهما بلغ حجم الضغوطات لتحقيق رغبات شخصية أو حزبية من شأنها لان تعيق او تنسف الوصول الى الهدف المنشود
واذ لا ندعوه ايضا الى الهيمنة ولكن نشجعه على القيادة بعد ان أثبت الى حد الساعة انه بامكانه ان يقود
الخطوة التي قام بها يوم امس هي بداية تحسب له وهو يمد يده الى جميع الكتل البرلمانية من اجل العمل سويا
وهو يؤكد” على أهمية الحوار وبناء الثقة وتوفير أسس الاستقرار كما شدد على ضرورة توفير مناخ سياسي بالبلاد يتيح بناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل بين كل الأطراف. “
ثمة مسألة أخرى لا بد ان يشدد عليها السيد الياس الفخفاخ وهو يرأس أول اجتماعاته في الحكومة وهي أن يتدحدث كل الفريق الحكومي وهم خارج مباني القصبة بصوت واحد ورسالة واحدة وان لزم الامر وضع قائمة في الكلمات المفاتيح التي سيتوجه بها وزرائه الى الرأي العام .