لماذا تحولت الى تونس الى أكبر مصدر للارهابيين: سي أن أن تجيب عن السؤال

0
251

عدد باحث مختص بشؤون الجماعات المتطرفة الأسباب التي جعلت تونس مصدرًا رئيسيًّا للانتحاريين الذين نفذوا عددًا من العمليات بأوروبا مؤخرًا، لافتًا إلى مسؤولية الحكومة وتأثير عامل الإحباط في نفوس الشباب بعد إطاحة الرئيس السابق زين العابدين بن علي.

ورأى الباحث التونسي شمس الدين النقاز، في تحليل، نشرته اليوم الأحد شبكة سي أن أن  الأميركية ،أنه «مع كل عملية إرهابية جديدة تهز العالم، يحبس التونسيون أنفاسهم ممنين النفس بأن لا يكون المنفذ تونسيًّا، بعد أن اشتهرت بلادهم خلال السنوات الأخيرة بأنها المصدر الأول للارهابيين  عالميًّا إلى بؤر التوتر

وقال: «بعد تورط الشاب التونسي محمد لحويج بوهلال، في تنفيذ هجوم نيس، الذي خلف عشرات القتلى والجرحى وسط شهر جويلية  الماضي، أعاد ابن بلده أنيس العامري الكرة هذه المرة بنفس الطريقة، لكن في مدينة أوروبية أخرى كان عنوانها برلين الألمانية».

وأضاف النقاز: «المنفذان التونسيان، اشتركا في طريقة القتل عبر دهس مدنيين بشاحنات ثقيلة وسط الساحات العامة، كما جمعتهما بيعة لزعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبي بكر البغدادي، وفق ما أوردت الآلة الإعلامية للتنظيم، ناهيك عن تقضية سنوات المراهقة في بلدهما تونس».

وتابع: «بعد أن شاهد العالم صور الضحايا في الهجومين الداميين، أصبحت وسائل الإعلام الغربية تتساءل عن الأسباب والدوافع التي جعلت شبابًا تونسيين في مقتبل العمر يقبلون أن يصبحوا «ذئابًا منفردة» ومقاتلين في صفوف الجماعات الجهادية، رغم ما عرفت به بلادهم بحبها للحياة ونبذها مظاهر التدين التي جففتها الأنظمة السابقة».

واستطرد النقاز قائلًا: «في حقيقة الأمر، ورغم أن السؤال مشروع، إلا أن الإجابة عنه تبدو إلى حد الساعة غير واضحة وربما غائبة لدى السلطات التونسية ومحلليها وخبرائها ومستشاريها، الذين لم يحاولوا إلى الآن، إيجاد تفسير مقنع للسائلين عن الدوافع التي تحرك هذا الغول الذي يهدد العالم في كل لحظة».

قنابل موقوتة
وقال النقاز: «إن هؤلاء المسؤولين العاجزين عن إيجاد تفسير مقنع لسؤال: لماذا يتحول عدد كبير من التونسيين إلى قنابل موقوتة جاهزة للانفجار في أي وقت؟»، ربما يعلمون في سرهم جزءًا من الإجابة ولكنهم يخشون البوح بها خوفًا من توريط أنفسهم قبل غيرهم، فهم يتحملون جزءًا من المسؤولية بلا شك، لهذا يبدو لزامًا علينا اليوم أن ندلو بدلونا حول هذا الموضوع الذي شغل بال الكثيرين، لأننا لمسنا تساؤلاً مشروعًا وإجابات مضللة يحاول أصحابها بين الفينة والأخرى الابتعاد بالموضوع إلى طريق غير طريقه، عسى أن تمر العاصفة دون مشاكل».

وأضاف: «عندما يتساءل باحثون ومحللون كبار عن الأسباب التي تدفع شابًا يافعًا في مقتبل العمر إلى تنفيذ عملية إرهابية داخل بلده أو خارجها، يتناسى كثيرون اليأس وفقدان الأمل والشعور بالظلم والقهر في هذه الفترة الحساسة من عمر الإنسان».

وتابع: «تونس أضحت موضوعًا رئيسيًّا في تغطية وسائل الإعلام الأجنبية خلال الأيام الأخيرة، ورغم صغر حجمها وقلة عدد سكانها، إلا أنها المصدر الأساسي للمقاتلين إلى بؤر التوتر، حيث بلغ عدد التونسيين وفق إحصاءات الأمم المتحدة أكثر من 5500، في حين قالت وزارة الداخلية التونسية إن العدد يتراوح بين 2800 و3000 وهو ما أكده الرئيس الباجي قائد السبسي في لقاء إعلامي».

وأضاف: «ليس هذا فحسب ما يهمنا، فما أكده كاتب الدولة الأسبق لدى وزير الداخلية المكلف الشؤون الأمنية رفيق الشلي خلال ندوة صحفية أواسط أفريل 2015، أن عدد التونسيين الذين تم منعهم من التوجه نحو سورية وتركيا بلغ 12000 شخص، هو إعلان صريح عن وصول الأوضاع داخل البلاد إلى طريق مسدود لم يسع أي مسؤول على إيجاد حل ولو وقتيًّا، لفتحه».

استطرد النقاز بالقول: «عند محاولة تفكيك دماغ أحد هؤلاء الممنوعين من الالتحاق ببؤر التوتر للقتال رفقة (إخوانهم)، سنجد كمًّا كبيرًا من الحقد على النظام السياسي والجهاز الأمني والواقع المعيشي والاجتماعي المتردي، فلا أحد ينكر أن هؤلاء الممنوعين من السفر، قد وصلوا إلى درجة من الاقتناع الفكري والعقائدي دفعتهم إلى مغادرة البلاد والموت في سبيل الله، وفق تصورهم».

وأضاف: «بعد نحو 6 سنوات من الانتفاضة السلمية التي أطاحت الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ذات شتاء 2011، لم يحقق الشباب التونسي أهدافه في العيش الكريم ماديًّا ومعنويًّا، فالانتهاكات التي خال أنها انتهت عادت في ثوب جديد، والأوضاع الاجتماعية من سيئ إلى أسوأ وفق ما تدل على ذلك المؤشرات، ويؤكد ذلك خبراء وعلماء اجتماع».

ليس هذا فحسب، فـ«عندما تصبح سياسة الدولة باسم محاربة الإرهاب، إرهاب الشعب بكل أطيافه والتنكيل بالنساء والرجال والشيب والشباب وفق ما تكشفه تقارير حقوقية تصدر دوريًّا عن منظمات محلية ودولية، تكون بذلك الدولة قد خلقت عشرات الإرهابيين الجدد»، حسب تقديره.

وتابع النقاز قائلاً: «من المؤسف القول، إن المعالجة الأمنية التي تنتهجها السلطات الأمنية ضد فئات مختلفة من التونسيين طيلة عقود من الزمن، كانت إحدى الأسباب الرئيسية في صناعة آلاف الإرهابيين داخل البلاد وخارجها، كما أن سياسات التهميش والإقصاء وتجفيف المنابع المتواصلة إلى الآن، هي الأخرى زادت الطين بلة والمريض علة رغم كل التحذيرات التي وُجِّهت للحكومات المتعاقبة من جهات عدة».

ورأى الباحث التونسي أن العقيدة الجهادية التي استقاها كثير من الشباب التونسي من الكتب والواقع الذي تمر به المنطقة، تشكل المحرك الأساسي لأن يصبح «جهاديًّا» مستعدًّا لتفجير نفسه متى ما طلب منه ذلك، طامعًا بذلك العمل في «رضاء الله» و«الفوز بالجنة» و«إعلاء كلمة لا إله إلا الله».

وأضاف:«في هذه النقطة بالذات، تميزت الحكومات التونسية المتعاقبة بعد 14 جانفي بجهلها الكبير بأصول معتقد الارهابيين  وتفكيك شيفرات دعايتهم والعمل على خلق دعاية مضادة، رغم النجاح النسبي لحكومة «الترويكا»، في خلق توازن على المشهد الديني في البلاد من خلال استضافة عدد من الدعاة الخليجيين والمصريين القريبين من السلطة، لتقديم دروس دعوية داخل المساجد في مناسبات مختلفة، وهو ما خلق موجة من التشنج في صفوف التيار السلفي الجهادي في تلك الفترة».