Accueilالاولىعبير موسي .. تونسية من "النظام القديم" تنشد حكومة بلا "إخوان"

عبير موسي .. تونسية من “النظام القديم” تنشد حكومة بلا “إخوان”

يدخل “الدستوريون” العائدون إلى المشهد السياسي في تونس انتخابات 2019 بطموحات واسعة خلف مرشحتهم إلى الانتخابات الرئاسية عبير موسي، بعد سنوات من إعادة البناء والتجميع منذ الاطاحة بنظام الحكم القديم في أحداث الثورة عام 2011.

و”الدستوريون” هم المنتسبون تاريخيا إلى الحزب الدستوري (أقدم أحزاب تونس)، والذي قاد حركة التحرير ضد الاستعمار الفرنسي وفترة بناء الدولة الوطنية بعد الاستقلال. وقد اتخذ، خلال عدة مراحل من تاريخ تونس، عدة تسميات؛ آخرها حزب التجمع الدستوري الديمقراطي، قبل أن يتم حله قضائيا بعد الثورة ليعود بعد ذلك تحت اسم الحزب الدستوري الحر.

بعد سنوات من الغياب ظهر الحزب بشكل مفاجئ في مراتب متقدمة في استطلاعات الرأي لنوايا التصويت في الرئاسية والتشريعية (ثالثا)، وهو مرشح إلى أن يكون من القوى السياسية المؤثرة في البرلمان المقبل.

يسعى الحزب إلى أن يعيد التعريف بنفسه في المشهد السياسي؛ غير أن خصومه يشكون في مدى مصداقيته في التخلص من إرث الحكم الفردي على مدى عقود طويلة من الاستبداد في السلطة شابتها انتهاكات لحقوق الإنسان.

نرفض منطق “أنتم الشيطان ونحن الملائكة”

لا ترى عبير موسي، الأمينة العامة للحزب، أن ذلك الإرث سيمثل عائقا أمام عودة الحزب الدستوري إلى لعب دور مؤثر في الحياة السياسية، وربما صعوده إلى الحكم بدليل المراجعات التي قام بها.

وتقول موسي، في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ)، إن “هؤلاء (الخصوم) نسوا أن الحزب ليس مجرد ورقة، هذا الحزب يعود إلى عام 1920 في تونس، وله رصيد ونواة صلبة مقتنعة بالفكر الدستوري بغض النظر عن الأخطار التي ارتكبت، لا نطرح في ذلك أي فترة من الفترات التي مر بها الحزب”.

ومقارنة بالواقع السياسي اليوم توضح قائلة: “لا يمكن اعتبار ما يحصل اليوم هو المثال النموذجي للديمقراطية، هناك انتهاكات لحقوق الإنسان اليوم، نحن ننطلق من موقف أن لا حقبة سياسية يمكن أن تخلو من أخطاء وليس هناك عمل بشري بلا أخطاء، من المؤكد قبل 2011 كانت هناك أخطاء وسلبيات وأشياء كان من الأجدى تفاديها أو تحسينها”.

وتضيف موسي: “لم نقل أن تونس كانت جنة، وأن من يحكمون كانوا ملائكة، مثل اليوم تونس ليست جنة والفاعلون السياسيون ليسوا بملائكة؛ لكن الفرق بين الفترتين هو أن المصلحة العليا للوطن اليوم مهددة، عكس ما كان عليه الأمر في السابق”.

وتعتبر موسي أن الحزب الذي لعب دورا حاسما في تحرير البلاد من الاستعمار وبناء الدولة، لا يجب أن يندثر وقد قبل اللعبة الديمقراطية، وأن يكون في المعارضة، وهو اليوم ينشط بطريقة ديمقراطية، وهذا ما يفسر تزايد أنصاره بشكل تصاعدي، خاصة أن مواقفه كانت صريحة وواضحة، حسب رأيها.

أما بخصوص المراجعات النقدية فهي ترى بأنها ضرورية للجميع وليس الحزب الدستوري فقط، السلطة والمجتمع المدني، مضيفة: “منطق أنتم الشيطان ونحن الملائكة هو من قاد تونس إلى الوضع الكارثي اليوم، يريدون القول أن كل شيء كان أسود في السابق، لكننا نقول عكس ذلك كان هناك أسود وأبيض”.

بشأن حظوظ الحزب في انتخابات 2019، ترى موسي أن “الدستوري” سيكون مسنودا بما تبقى من الخزان الانتخابي لفترة ما قبل 2011 وناخبين جدد بجانب دعم “الأغلبية الصامتة”.

وتقول موسى في ذلك: “هناك أغلبية صامتة لا تدلي برأيها ومواقفها؛ ولكننا نعرف أنها معنا بفكرها وقلوبها، استقطبنا أيضا سياسيين مستقلين اقتنعوا بوضوح برؤية الحزب واختلافه عما هو سائد من أحزاب في المشهد السياسي”.

مشروع إنقاذ وتعديل للنظام السياسي

أعلنت عبير موسي عن برنامج “إنقاذ” للحزب الدستوري الحر يقوم بالخصوص على إطلاق المجلس الأعلى للدبلوماسية الاقتصادية وتقديم مبادرة تشريعية لتعديل النظام السياسي الحالي (برلماني معدل) لمصلحة النظام الرئاسي.

وتفسر موسي المبادرة التشريعية، لافتة بالخصوص إلى غياب التفريق الفعلي بين السلطات الثلاث، مضيفة: “البرلمان هو المهيمن بسبب الكتل الحزبية، وهي كتل غير ثابتة لأن قانون الانتخابات لا يمنع السياحة الحزبية (انتقال نائب من حزب إلى آخر)، لهذا تكون الخيارات دائما محل تجاذبات أو توافقات غير طبيعية، وهذا أحدث شللا في مفاصل للدولة ومواقف المسؤولين وأضعف المؤسسات وشتت الصلاحيات بين الرئاسات الثلاث”.

وتتابع موسي: “سنقدم مبادرة تشريعية، نحن نطالب بتغيير النظام السياسي نحو نظام رئاسي معدل بصلاحيات أوسع للرئيس وصلاحيات مهمة للوزير الأول، سيقطع هذا من حالة ارتهان السلطة التنفيذية للسلطة التشريعية ومن المحاصصة الحزبية والشلل السياسي”.

وحول سبب اختيار النظام الرئاسي، توضح موسي: “من غير المقبول أن يكون هناك رئيس حكومة بصلاحيات واسعة وهو غير منتخب من الشعب، ينتخب الرئيس بشكل مباشر من الشعب ويقدم برنامجه الانتخابي الكامل ويعين الحكومة لتطبيق البرنامج، البرلمان يراقب ويمكنه إصدار لوائح لوم ضد الحكومة”.

وبشأن مخاوف من انحراف النظام الرئاسي إلى نظام حكم استبدادي مثلما حصل في الماضي تشير موسي: “هناك دول ديمقراطية عريقة في العالم تتبنى النظام الرئاسي، طرحنا مشروع دستور يضمن الحريات والتعددية ودولة مؤسسات قوية، نريد أن نرسخ عبر المعادلة التي نقدمها أنه بالإمكان إرساء دولة ديمقراطية لكن في نفس الوقت تكون مؤسساتها قوية ويطبق فيها القانون”.

من جانب آخر، أفادت المرشحة الرئاسية بأن القرارات العاجلة التي ستتخذها في عهدتها الرئاسية في حال وصلت إلى القصر الرئاسي تتمثل في إرساء المجلس الأعلى للدبلوماسية الاقتصادية ليلعب دوره في إنقاذ الاقتصاد وجلب المشاريع الكبرى والاستثمارات للحد من البطالة إلى جانب فتح الملفات المرتبطة بالأمن القومي.

التحالفات الممكنة والعلاقات الشائكة مع الإسلاميين

يرتبط الحزب الدستوري الحر بعلاقات شائكة مع الإسلاميين منذ 2011، منذ نجاح هؤلاء في الصعود إلى السلطة بعد انتخابات 2011 واستمرارهم في الحكم كشركاء بعد انتخابات 2014. وقد أوضحت موسي أن برنامج الحزب الانتخابي يقوم، في جزء منه، على إبعاد الإسلاميين من الحكم وعدم التخالف معهم في السلطة.

توضح موسي هذا الخيار، قائلة “حركة النهضة الإسلامية مسؤولة سياسيا على تفشي العنف وأنشطة الجماعات المتشددة والرايات السوداء والاغتيالات وحادثة اقتحام السفارة الأمريكية في 2012، وفرار زعيم تنظيم أنصار الشريعة أبو عياض الى خارج البلاد، هذا أمر ثابت وليس من باب الادعاء، حصل كل هذا في زمن حكومة الترويكا (التحالف الثلاثي)، التاريخ يقول هذا والمسؤولية السياسية ثابتة”.

وتضيف في شرح موقف الحزب: “نتحدث الآن عن المسؤولية القانونية، وأن يتعهد القضاء بهذه الملفات، عندها سنعرف من ساهم ومن هندس ومن سهل، هذا جزء من برنامجنا، سنسعى إلى إبعاد كل الضغوطات التي تمارس على القضاء حتى يقوم بواجبه”.

وبشأن التحالفات الممكنة للحزب الدستوري مستقبلا توضح موسي: “نريد اليوم مشهدا سياسيا وطنيا، لا يجب أن تكون للتنظيمات السياسية أي ارتباطات خارجية، ولا يجب عليها أن تخدم أي أجندات دولية، إذا لم نفلح في حصد الأغلبية فإننا منفتحون على قوى سياسية مدنية وسطية تشاركنا في رؤيتنا من أجل حكومة ائتلافية تكون خالية من الإخوان”.

وتتابع موسي: “هناك من تعهد بهذا، وعليه أن يبرهن على التزامه بعد صدور نتائج الانتخابات، إذا كان تكوين الحكومة غير ممكن من دون الاخوان، فإننا سنكون في المعارضة، لن يكون هناك أي توافق حتى في حال حصول النهضة على الأغلبية في البرلمان وفزنا بالرئاسية”.

ومع أن هذه الفرضية يمكن أن تؤدي إلى صدام بين السلطتين، وإلى شلل سياسي، فإن عبير موسي تبدي تشددا في مسألة التعاون مع الإسلاميين، وتضيف قائلة: “لن يتم إجبارنا على دخول أي توافق مع أي كان، سنطبق القانون فقط، وسيكون هذا بمثابة اختبار أيضا للقوى المدنية”.

*د.ب.أ

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة