على الرغم من المواقف المعلنة والحاسمة لعدد هائل من الكتل النيابية والرافضة للتصويت لحكومة الحبيب الجملي المقترحة الا ان هذا الاخير أبدى تفاؤلا مفرطا للحصول على العدد الكافي من الأصوات لتحصل حكومته على ثقة مجلس نواب الشعب
ولئن لا يعرف أغلب المتابعين للشأن السياسي التونسي سر هذا التفاؤل الا ان الجملي يعول على حصول تمرد داخل الاحزاب والكتل الرافضة لحكومته حتى انه لم يتررد ليلة امس في احدى تصريحاته الماراطونية من القول ان هناك انقسام داخل قلب تونس الحزب ويعول بالتالي على اصوات المتمردين
واذا ما عدنا للتاريخ القريب فان الحبيب الجملي لم يكن مخطئا الى حد ما فلقد حصلت عدة تمردات على قرارات الكتل والاحزاب وذهب العديد من النواب عكس تيار كتلهم واحزابهم الى حد الانسلاخ منها سواء عن طواعية او بعد قرار بالرفت لحق بهم عقوبة لما اقترفوه وهو ما فتح الأبواب ما بتنا نسميه اليوم السياحة الحزبية والبرلمانية ليصبح الأمر مألوفا تحت قبة البرلمان لنجد من تقلب بين كتلين أو ثلاثة أو اربعة كتل خلال دورة واحدة
ولئن تجلب هذه السياحة لصاحبها منافع ذاتية او سياسية الا ان مخاطرها متعددة لجهة الاستقرار الداخلي للأحزاب وللكتل البرلمانية او الحياة السياسية برمتها ويبدو انما حدث لحزب نداء تونس هو أسطع دليل على ما نقول فهذا الحزب الذي فاز بتشريعيات 2014 انتهى به الأمر مفتتا ومقسما الى شضايا حزبية لا وزن لها اذ بعد مجد ال86 مقعدا انتهى به المطاف الى مذلة ال3 مقاعد في انتخابات 2019
ويخشى هذه المرة ان تصيب لعنة نداء تونس احزابا وكتلا اخرى في حال حصل تمردا ظاهرا للعيان خلال تصويت اليوم الجمعة 10 جانفي 2020 على منح الثقة لحكومة الجملي وهو ما سيؤدي الى تعرض المتمردين الى عقوبات تنتهي برفتهم من الكتلة او من الحزب او انهم سيقررون الارتحال الى وجهة اخرى وعن طواعية سواء لأسباب تتعلق بقناعات أو منافع خاصة
لقد بدأ الحديث منذ ليلة امس عن وجود اتصالات بالنواب المتنصلين سرا او علانية من قرارات احزابهم وكتلهم التي دعت الى عدم التصويت لحكومة الجملي لاقناعهم بالالتحاق بصفوف المؤيدين وبدأت الاتهمات التي لا وجود لسند مادي لها عن وجود عمليات بيع وشراء كما حصل في السابق
الم ينشر البحري الجلاصي الرجل المثير للجدل تدوينة يوم 9 أكتوبر الماضي قال فيها بكل صفاقة ” الى كل المستقلين الفائزين في الانتخابات التشريعية مكتبي مفتوح امامكم للانضمام لحزبي بعروض مغرية وغير قابلة للمنافسة”.
وفي سنة 2017 طالبت كتلة الحرة بمجلس نواب الشعب النيابة العمومية بفتح تحقيق بعد تصريحات رئيس حزب الانفتاح والوفاء البحري الجلاصي التي أدلى بها على قناة التاسعة.
وكان الجلاصي قد تحدث في تصريحاته عن شرائه لنواب من المجلس التأسيسي السابق عن “العريضة الشعبية” بطلب من رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي.