Accueilالاولىزياد الهاني* يكتب عن استباحة جهاز الولاة في تونس

زياد الهاني* يكتب عن استباحة جهاز الولاة في تونس

تم خلال الأسبوع المنقضي وبشكل واسع تداول خبر تقدم زعيم حركة ورئيس البرلمان راشد الغنوشي بطلب لرئيس الحكومة الياس الفخفاخ لتعيين 13 واليا و90 معتمدا من حركة النهضة، وهو ما نفته بشدة حنان الفتوحي المكلفة بالإعلام في رئاسة الحكومة خلال اتصال هاتفي.

وبقطع النظر عن الجدل الحاصل بخصوص مدى صحة هذا الخبر، إلا أن التونسيين تعودوا مع مقدم كل حكومة جديدة بعد 2011، على إجراء حركة تحوير واسعة في سلكي الولاة والمعتمدين باعتبارهم يمثلون العصب الرئيسي لجهاز الدولة. وإن أشّر ذلك على شيء، فيدلّ على أن الانتدابات في هذين السلكين الاستراتيجيين لا تتم بالضرورة على أساس الكفاءة والحياد بما يضمن استمرارية المرفق العام ومناعة أجهزة الدولة وحمايتها من التوظيف الحزبي والمحسوبية، ولكن على أساس الولاء والمكافأة وتبادل المصالح.

فانتداب الولاة والمعتمدين ليس عملا اعتباطيا خاضعا للأهواء، بقدر ما هو قرار سيادي يدعم أركان الدولة ويحفظ نظامها الجمهوري ويرسخ سلطة القانون.

وفي بواكير قرارات دولة الاستقلال تم إصدار قانون جديد للتنظيم الإداري للبلاد التونسية بمقتضى الأمر العليّ المؤرخ في 21 جوان 1956. كما تم بنفس التاريخ وفي نفس العدد من الرائد التونسي إصدار أمر عليّ بتنقيح قانون الإطارات بوزارة الداخلية/المصالح الخارجية للإدارة الجهوية، هو عبارة عن قانون أساسي للموظفين السامين بالمصالح الخارجية بالإدارة الجهوية بوزارة الداخلية.

ونص الفصل الأول من هذا القانون الأساسي، قبل صدور الأمر عدد 294 لسنة 1965 المتعلق بإتمامه والقاضي بإحداث خطة المعتمد الأول، على أنه: «تتألف الإطارات العليا للمصالح الخارجية التابعة للإدارة الجهوية من ولاة الجهات والكتاب العامين للولايات ومعتمدي الولاة».

فيما نص الفصل السادس من نفس القانون الأساسي على أنه لا يمكن انتداب الولاة والكتاب العامين إلّا من بين الأشخاص «الذين تتوفر فيهم الشروط اللازمة للترشح لخطة عمومية».

تسمية الولاة

يسمى الولاة حسب الفصل السابع من الأمر العليّ المؤرخ في 21 جوان 1956 المتعلق بالقانون الأساسي للموظفين السامين بالمصالح الخارجية بالإدارة الجهوية: «بالاختيار وعلى الكيفية الآتية وبأمر عليّ يُتفاوض في شأنه مجلس الوزراء ويقدمه وزير الداخلية:

• بنسبة 50 في المائة على الأقل من عدد الولاة الجملي، من بين معتمدي الولاة من الرتبة الاستثنائية والرتبة الأولى، ومن بين الكتاب العامين من الرتبة الأولى.

• بنسبة 25 في المائة في الأكثر من بين المتصرفين المدنيين والحكام العدليين والحكام الإداريين والمفتشين للمصالح الإدارية والمفتشين الأصليين بالفروع المالية المباشرين بالإدارة المركزية من وزارة المال على شرط أن يكونوا قد قضوا عشر سنوات في الخدمة المدنية خدمة فعلية بالإدارة التونسية.

• في حدود 25 في المائة على الأكثر من نفس العدد المذكور، باختيار الحكومة»…

ونلاحظ هنا كيف أن المشرع جعل اختيار الولاة أمرا خاضعا للتشاور والتقييم، حيث أوجب أن يكون الاختيار مبنيّا على التفاوض في مجلس الوزراء، وليس قرارا فرديا بيد الماسك بالحكم.

وسعى لتعيين الولاة اعتمادا أساسا على الخبرة في ممارسة الحكم المحلي، حيث أوجب أن يتم اختيار نصفهم على الأقل من بين المعتمدين والكتاب العامين للولايات، والرّبُع على الأكثر من بين الإطارات العليا للدولة ذوي الخبرة التي لا تقل عن 10 سنوات.

ولم يترك للحكومة الخيار، وأؤكد هنا للحكومة وليس للوزير الأول أو الوزير الأكبر رئيس الحكومة، في تسمية الولاة إلاّ نسبة لا تتجاوز الرّبُع.

لكن هذه القاعدة سيقع إبطال العمل بها بداية من سنة 1974، مثلما سيلي بيانه.

لكن ماذا عن المعتمدين؟

في نفس القانون الأساسي للموظفين السامين بالمصالح الخارجية بالإدارة الجهوية، نص الفصل العاشر على أنه: «ينتدب المعتمدون في حدود 3/2 على الأقل من الخطط المرسمة بقانون الإطارات عن طريق مناظرة كتابية ينظمها وزيرنا للداخلية، وفيما يخص الثّلث الباقي فإنه يجوز انتدابهم من بين المترشحين الذين هم موظفون رسميون بالإدارات العمومية والمؤسسات العمومية الدولية ومرسمون بالصنف القياسي (ب) بشرط أن يكونوا قضوا خمس سنوات في الخدمة المدنية خدمة فعلية وبدون أن ينجر عن تسميتهم وضعهم بدرجة تتجاوز أقصى درجة من درجات الرتبة الثانية».

في حين نص الفصل 11 على أن«معتمدي الولاة مهما كان نوع انتدابهم ملزمون بقضاء عام في التربص بمركز الولاة وعند انقضاء مدة التربص فإنه يمكن إما ترسيمهم أو إلزامهم بقضاء تربص آخر لمدة عام أو إعفاؤهم أو وضعهم على ذمة إداراتهم الأصلية».

ولم يزد التنقيح المدخل على الفصل التاسع بمقتضى الأمر عدد 83 لسنة 1974، إلّا في تدعيم أهلية المترشحين لخطة المعتمد، حيث نص على أنه: «يمكن أن ينتدب معتمدو الولاة بالاختيار بنسبة 70% من الخطط المطلوب تسديدها من بين الموظفين التابعين لصنف (أ) أو من بين غير الموظفين المحرزين على الإجازة في الحقوق أو الإجازة في العلوم الاقتصادية أو شهادة عليا تعادلها».

وبالفعل، كانت المناظرة هي الأساس لانتداب المعتمدين من بين خريجي الجامعات، أو موظفي الدرجة الأولى المتمرسين.

ويخضع انتداب المعتمدين لمناظرة تم تنظيمها بمقتضى القرار الصادر عن كاتب الدولة للداخلية الطيب المهيري بتاريخ 10 جوان 1965، المتعلق بضبط أنظمة وبرامج التحصيل على خطة معتمد وال.

حصل ذلك في العشريتين التاليتين للاستقلال، قبل أن تصبح تعيينات المعتمدين بعد 2011 مخالفة للقانون وتشمل من هب ودبّ، وتتم عن طريق مطالب مرسلة على جهاز فاكس وزير الداخلية من قبل العاطلين عن العمل!!

المعتمدون الأُوّل والكتاب العامون للولايات

لم تشهد النص المحدث لخطة كاتب عام الولاية تغييرات، حيث نص الفصل الثامن من نفس القانون الأساسي للموظفين السامين بالمصالح الخارجية بالإدارة الجهوية، على أنه: «يسمى الكتاب العامون بقرار من وزير الداخلية على الكيفية الآتية:

• بنسبة 5/2 من الخطط المرسومة بقانون الإطارات من بين معتمدي الولاة من الرتبة الثانية والدرجة الثانية.

•بنسبة 5/3 المرسومة لقانون الإطارات من بين الموظفين الرسميين للإدارات والمؤسسات العمومية الدولية المرسمين بالصنف القياسي (أ).

ويباشر ترتيب المرشحين المشار إليهم بالفقرتين الأولى والثانية آنفا لجنة تتألف ممن يلي:

– رئيس الإدارة الجهوية : بصفة رئيس

– والي يعينه وزير الداخلية : بصفة عضو

– مدير الوظيفة العمومية : مثله

– مدير المدرسة الإدارية التونسية : مثله.

فالكتاب العامون للولايات هم بامتياز أبناء الإدارة التونسية المباشرون لعدم إمكانية انتدبهم عبر مناظرات خارجية. كما يتم تعيينهم عبر لجنة رباعية تشكل للغرض كما سلف بيان تركيبتها، بحثا عن الجدارة بما يخدم المصلحة الفضلى للإدارة التونسية.

لكن الوضع بالنسبة للمعتمدين الأُوّل فقد كان مختلفا. ذلك أن النص الأول المحدث لهذا السلك وهو الأمر عدد 294 لسنة 1965 المتعلق بإتمام الأمر المؤرخ في 21 جوان 1956 الضابط لقانون الموظفين السامين بالمصالح الخارجية للإدارة الجهوية، جاء في فصله الأول أنه: «يمكن تسمية معتمد أول من بين معتمدي الولاة في حدود واحد بكل ولاية». بحيث ينتدب المعتمد الأول وجوبا من بين معتمدي الولاة المباشرين، وهو ما يعتبر عمليا شكلا من أشكال الترقية المهنية في إطار التدرج الوظيفي.

لكن الأمر عدد 3 لسنة 1967 مؤرخ في 3 جانفي 1967، المتعلق بضبط القانون الأساسي الخاص بالمعتمدين الأولين والمنقح بالأمر عدد 83 لسنة 1974 ألغى هذه القاعدة، إذ نص في فصله الأول على أنه: «يمكن أن ينتدب المعتمدون الأُوّل بالاختيار بنسبة 70 % من الخطط المطلوب تسديدها من بين الموظفين التابعين لصنف (أ) أو من بين غير الموظفين المحرزين على الإجازة في الحقوق أو الإجازة في العلوم الاقتصادية أو شهادة عليا تعادلها.

وبالتالي لم يعد انتداب المعتمدين الأُوّل محصورا في سلك المعتمدين، بل أصبح مفتوحا ليشمل الموظفين العموميين من الرتبة الأولى وحتى الخارجيين.

توسيع لقاعدة الانتقاء أم للهيمنة؟

توسيع قاعدة الانتداب لم تشمل المعتمدين الأُوّل فحسب، بل شملت وبمقتضى نفس الأمر عدد 83 لسنة 1974 الولاة أيضا.

فبعد أن كان انتداب الولاة خاضعا لقواعد صارمة ولعملية تفاوضية داخل الحكومة، تم تعديل الفصل 7 من الأمر المؤرخ في 21 جوان 1956 الضابط لقانون الموظفين السامين بالمصالح الخارجية للإدارة الجهوية، ليصبح نصه باختصار وكما يلي: «يمكن أن ينتدب الولاة بالاختيار من بين موظفي الإطار العالي ومن بين غير الموظفين»!!

وبالتالي أصبحت يد الوزير الأول ومن ثم رئيس الحكومة مطلقة في اختيار الولاة بإرادته المفردة. ومن هنا نفهم الضغوط التي تمارسها الأحزاب المشكلة للائتلاف الحكومي على رئيس الحكومة كي تنال حصتها من غنيمة الحكم وتحصل على نصيبها من الولاة والمعتمدين من يد من منّت عليه بإيصاله إلى سدة الحكم.

ولو عدنا لبداية الخرق لوجدناه انطلق مع إصدار الأمر عدد 83 لسنة 1974 المؤرخ في 13 فيفري 1974 والمتعلق بتنقيح الأمر المؤرخ في 21 جوان 1956 المتعلق بالقانون الأساسي الخاص بالموظفين السامين التابعين للمصالح الخارجية للإدارة الجهوية وللأمر عدد 3 لسنة 1967 المتعلق بالقانون الخاص بالمعتمدين الأُوّل. بحيث مثّل أداة لاستباحة جهاز الولاة والمعتمدين، والتحكم في مفاصل الدولة.

وعام 1974 مثل سنة مفصلية في التاريخ السياسي للدولة التونسية. فهي السنة التي استكمل فيها الزعيم الحبيب بورقيبة، الذي أنهكه المرض والأزمات النفسية المتتالية منذ فشل تجربة التعاضد، حقه في الترشح للانتخابات الرئاسية استنادا إلى دستور 1959. وهو ما فتح باب الخلافة واسعا وجعل رجل تونس القوي وقتها الوزير الأول الهادي نويرة يسعى لمركزة أوراق السلطة بين يديه في ظل مرض زعيم الاستقلال ولقطع الطريق أمام المتهافتين والطامعين والطامحين لاعتلاء سدة الرئاسة وخلافة الزعيم.

وفي هذا السياق نال الناشط السياسي والرياضي الشاذلي زويتن ما ناله من العسف، بعد تجرئه في ذات السنة على إعلان ترشحه للانتخابات الرئاسية، وهو ما اعتبر كفرا في حينه. وكانت نتيجة هذه المبادرة أن سارع أقطاب النظام لتنقيح الدستور في السنة الموالية بإقرار شرط التزكية حتى لا يخرج التنافس على الرئاسة عن دائرتهم، بعد أن جعلها دستور الجمهورية حقا مشاعا بين التونسيين يتقدم لنيله من يأنس الكفاءة في نفسه من بينهم.

ثم جاء تغيير 2011، وباسم الثورة والحكم الضعيف للوزير الأول محمد الغنوشي، تمت استباحة أجهزة الدولة وتم ارتكاب “مجزرة” حقيقة في وزارة الداخلية باعتبارها العنوان الأساسي للترهيب والاستبداد في نظر التونسيين. فتم حل جهاز أمن الدولة بتحميله مسؤولية التجاوزات التي قام بها جهاز الاستعلامات، وتم طرد ابرز قيادات وزارة الداخلية دون تروّ ولا تثبت وعوقب الجميع بالشبهة لتمرير مشروع بريمر المعتمد لتفكيك الدولة العراقية.

وسار الحكام الجدد على نفس منهج التمكين ومحاولة وضع اليد على أجهزة الدولة وأساسا على سلكي الولاة والمعتمدين نظرا لأهميتهما وحساسيتهما. فتركت الضوابط القانونية جانبا، وأصبحت الموالاة هي القاعدة مع حفظ بعض الاستثناءات.

الحياد المطلوب

الوالي على مستوى ولايته والمعتمد على مستوى معتمديته مطالبون بتمثيل الدولة وتنفيذ قوانينها على الجميع على حد سواء.

ففي ظل الديمقراطية التي نعيشها ورغم كل علاّتها وممارستنا المتخلفة في إطارها، من المتحتم الفصل بين أجهزة الدولة والأجهزة السياسية الحزبية منها والمستترة منها في ثوب جمعياتي.

فليس أخطر على استقرار البلاد وتنميتها من وجود مسؤولين إداريين وسياسيين يتحركون في توافق أو تنافر داخل نفس الدائرة. فلو ضربنا مثل معتمدية معينة يكون المعتمد فيها من توجه سياسي معين جاء به لمركزه ورئيس بلدية من اتجاه سياسي مخالف قادته الانتخابات إلى موقع الرئاسة. فما هو مصير تلك المعتمدية في ظل الصراع بينهما واستخدام كل واحد منهما لسلطته قصد خدمة برامج حزبه والاستقطاب لفائدته لقطع الطريق على أنصار الطرف المنافس؟

ولو كانا من جهة سياسية واحدة، فهل سيخدم ذلك الديمقراطية ويكرس علوية القانون، أم أنه سيكون بابا للانحراف وسيفا يُحارب به المنافسون؟

الأصل أن تتنافس الأحزاب على المواقع الانتخابية لتنفيذ برامج تحصل على تزكية الناخبين، على أن يكون المعتمد وكذا الوالي، ضامنا لسيادة القانون ولخدمة كل مواطني دائرته في إطار القانون والحياد وعلى قدم المساواة.

وقد انتبه المشرع مبكرا لهذه الضرورة، حيث نص الفصل 39 من القانون الأساسي الخاص بالموظفين السامين التابعين للمصالح الخارجية للإدارة الجهوية على أنه: «يحجر على الولاة والكتاب العامين والمعتمدين أن يضطلعوا بمسؤولية مهما كان نوعها بهيئة سياسية أو صناعية أو دينية». وفي ذلك تأكيد لمدنية الدولة ولحياد القائمين على شؤونها عن كل مراكز الضغط السياسية والاقتصادية والدينية.

ونفس هذا المبدأ أقره الدستور في فصله 15 الذي نص على أن «الإدارة العمومية في خدمة المواطن والصالح العام. تنظم وتعمل وفق مبادئ الحياد والمساواة واستمرارية المرفق العام ووفق قواعد الشفافية والنزاهة والنجاعة والمساءلة».

كما منع الفصل 7 من مرسوم الأحزاب الولاة والمعتمدين الأُول والكتاب العامين للولايات والمعتمدين والعمد من الانضمام للأحزاب. في حين منعهم الفصل 20 من القانون الانتخابي من الترشح لعضوية مجلس نواب الشعب إلاّ بعد تقديم استقالتهم من مهامهم الإدارية…

الانتهاء من حالة الفوضى

يتبين مما سبق عرضه أنه لا وجود لفراغ قانوني يغطي العبث بسلكي الولاة والمعتمدين، لكن الملف يحتاج مراجعة عميقة وصياغة قانون جديد يجمع في نص واحد كل النصوص المتفرقة بما يكفل تحصين هذه المؤسسة الجمهورية.

فسلك حساس واستراتيجي بحجم سلك الولاة والمعتمدين الذي يمثل الجهاز العصبي للدولة وحامي مؤسساتها الجمهورية والعين الساهرة على سيادة القانون، يحتاج عناية خاصة وتحصينا من كل أشكال السطو والتوظيف، خاصا ونحن نتوجه نحو تعزيز سلطة الحكم المحلي على مستوى الجهات والأقاليم التي نص عليها الدستور الجديد. وذلك حتى لا نعيش مجددا صراعا عبثيا وفظائع كتلك الفظائع التي عشناها مباشرة بعد 14 جانفي 2011 في ظل إشراف القاضي السابق على مقاليد وزارة الداخلية فرحات الراجحي الذي استباحها وعزل مسؤوليها وعوض معتمديها بمعتمدين جدد ليس عن طريق المناظرة مثلما يفرضه القانون، ولكن بواسطة إرساليات الفاكس لتشغيل العاطلين عن العمل. أو كما فعل سيء الذكر ابن أبيه، عندما كان متوليا المسؤولية الأولى في حركة نداء تونس باعتباره ممثلها القانوني، حين بالغ في الضغط على رئيسي الحكومة الأسبقين الحبيب الصيد ويوسف الشاهد لتعيين أشخاص غير مؤهلين كمعتمدين من قبيل المكافأة لهم على مشاركتهم في الحملة الانتخابية للنداء ولضامن التواصل مع متساكني الأحياء الشعبية المسندة لهم إدارتها والتأثير عليهم.

فمطلوب أن يكون المعتمد والوالي كما القضاة وأبناء المؤسستين الأمنية والعسكرية، جنودا خالصين للجمهورية، متحررين من كل انتماء حزبي أو سياسي، ومنتدبين عبر مناظرات شفافة مفتوحة أمام أبناء كل التونسيين لانتقاء الأفضل من بينهم. على أن يقع إعدادهم قبل تسلم مسؤولياتهم إعدادا خاصا في المدرسة الوطنية للإدارة حيث يتلقون تكوينا قانونيا وسياسيا علميا واقتصاديا واجتماعيا ونفسانيا ورياضيا، يمكنهم من القيام بمهامهم على أكمل وجه. بحيث يكونوا منفذين أمناء لسلطة القانون وعينا ترقب كل التجاوزات وتتصدى لها، ورعاة لازدهار التنمية والديمقراطية كل داخل حدود مسؤوليته.

لكن من الضروري التأكيد قبل الوصول إلى تحقيق ذلك بأن انتداب المعتمدين يتم أساسا عن طريق المناظرة، وكل ما يخالف ذلك يعتبر غير قانوني واستباحة لأجهزة الدولة التنفيذية.

وكان أولى بمن يريد حقيقة أن يقوي مناعة تونس ويصون ديمقراطيتها أن يركز على القضايا الفعلية التي من شأنها ترسيخ أسس الدولة المدنية، دولة الحق والقانون والمؤسسات، وتجنب الركض خلف دخان قضايا الإثارة المضلل والتفاصيل التي تبعد عن الجوهر وتؤمن طريق التمكين لمن يسعى لوضع يده على أجهزة الدولة لتوظيفها لأجندته الخاصة أو الفئوية.

*** زياد الهاني رئيس تحرير بجريدة الصحافة اليوم

*** هذا المقال نشر اليوم 9 جويلية 2021 بجريدة الصحافة اليوم

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة