السفير الأمريكي : الحكومة التونسية مطالبة بإعادة النظر في الدروس السابقة

0
1041

أخبار تونس – تونس

قال السفير الأمريكي السابق بتونس غوردن غراي في مقال له بصحيفة نيوزوييك الأمريكية ” لقدبدأ الغزو الأمريكي للعراق

في 20 مارس 2003، وفي تونس يعتبر هذا التاريخ مهمّا لسبب آخر؛ حيث استعادت فيه تونس استقلالها عن فرنسا في

عام 1956. ويُبْرِز هذان الحدثان درسين مهمين واللذان قد يبدوان واضحيْن، لكنهما غالبًا ما تُجاهَل. أولًا أن الناس يرغبون في

تحقيق السيطرة على مصيرهم السياسي.

وثانيًا لا يمكن للأجانب – مهما بذلوا جهودًا – أن يفرضوا نظامًا سياسيّا على الآخرين.

لقد عملتُ كدبلوماسي في العراق، وبعد ذلك كسفير للولايات المتحدة في تونس عند بداية الربيع العربي، ومن خلال تجربتي الشخصية،

استوعبت أهمية هذه الدروس، فقد تراكم الاستياء بسبب القمع والفساد وتراجع الاقتصاد أدى إلى ثورة أطاحت بالزعيم الاستبدادي زين

العابدين بن علي في جانفي2011. وشهدنا موجة غضب شعبي مماثلة بسبب الفساد وتدهور الاقتصاد منذ الثورة، ما أدى إلى تولي الأستاذ

الدستوري قيس سعيّد للرئاسة في أكتوبر 2019. وتُبْرِز هاتين الحادثتين درسًا ثالثًا: الاستقرار الاقتصادي ضروري لإنجاح التحول إلى الديمقراطية.

أن حكومة تونس – التي شهدت في الأسابيع الأخيرة تراجعًا ديمقراطيًّا لم يشهد التونسيون مثله منذ زمن الربيع العربي – بحاجة إلى إعادة

النظر في الدرسين الأول والثالث. ويتعين على المجتمع الدولي أن يتذكر تطبيق كل من هذه المبادئ عند التعامل مع تآكل الديمقراطية، وهو

الأمر الذي يتطلب تدخلًا عاجلًا ويهدد بإطفاء آخر شعلة للديمقراطية في المنطقة.

يحتاج التونسيون إلى دعمنا؛ فمع تضخم الأسعار ومعدلات البطالة المرتفعة، لا يستطيع البلد تغطية تكلفة الواردات، مما أدى إلى نقص السلع

الأساسية في محلات البقالة. ولا يبدو الرئيس سعيّد مدركًا لخطورة التحديات الاقتصادية التي تواجه بلاده، مما يثير شكوكًا حول مدى جدوى المساعدة الدولية لحكومته.

وفي الوقت الذي كان فيه مجلس المديرين التنفيذيين لصندوق النقد الدولي يستعد لمناقشة منح تونس قرضًا إنقاذيًّا بقيمة 1.9 مليار دولار في

ديسمبر الماضي؛ تم – بشكل مفاجي – إلغاء البند المتعلق بالقرض من جدول الأعمال قبل أيام قليلة من الاجتماع. ووفقًا لتقرير رويترز الذي

نشر في وقت سابق من هذا الشهر؛ لم يوافق الرئيس سعيّد على إبرام الصفقة أو التعهد بتوقيعها إذا تمت الموافقة عليها، مما أثار قلق

الممولين بشأن احتمال رفضه للقرض أو التراجع عن الإصلاحات بعد توفر الأموال، أو توجيه الاتهامات إليهم في حال حدوث أي تدهور

اقتصادي نتيجة لذلك.”

ولكن غراي يضيف موضحا ” بدلًا من تحمل المسؤولية؛ سار الرئيس سعيّد على خطى الحكام الآخرين ووجه اللوم للآخرين، وقام باعتقال

قادة المعارضة والنقاد المرموقين، بما في ذلك مدير أشهر إذاعة في تونس، متهمًا إياهم بأنهم “إرهابيون” و”خونة”.

عندما اعتقد النقاد أن سعيّد لن يتراجع أكثر من ذلك؛ أثبت لهم العكس من خلال استخدامه لبطاقة العنصرية، وهي خطوة شائعة بين الحكام

الاستبداديين، فقد ادعى أن المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء يجلبون معهم “العنف والجريمة والسلوكيات غير المقبولة” وأنهم جزء من

مؤامرة لتغيير التركيبة السكانية في تونس.

وكما فعل صندوق النقد الدولي؛ تجاوب المجتمع الدولي الآخر بسرعة مع هذا التراجع؛ حيث أعلن رئيس البنك الدولي عن تأجيل مفتوح

لاجتماع لجنة المجلس لاستعراض التزام الإستراتيجي مع تونس، وقللت إدارة بايدن من دعمها المالي لتونس، معربة عن “قلقها المستمر بشأن

ضعف المؤسسات الديمقراطية”.

وتعتبر حزمة المساعدة الأمريكية الأكبر حتى الآن – وهي عقد الشراكة الجديدة مع تونس من مؤسسة ميلينيوم تشالنج بقيمة 498 مليون

دولار- متعثرة بسبب الحكم الاستبدادي المتزايد للرئيس سعيّد. لنفس السبب؛ لم تتلق تونس دعوة لحضور قمة الديمقراطية عام 2021،

وظلت خارج قائمة الدعوات للمؤتمر الثاني في وقت لاحق من هذا الشهر. وحتى الآن؛ لم يُظهر الرئيس سعيّد أي استجابة للتأديب المالي أو

الرمزي الناتج عن سياساته الاستبدادية، ولا يوجد دليل يشير إلى أن الضغوط الخارجية ستؤثر على سياساته في المستقبل.”